مقابلات

هل تفاجأ الأردن بالانسحاب الروسي أم كان على علم به؟

موقع أمريكي قال إن الأردن كان يعلم بالانسحاب الروسي- أرشيفية
موقع أمريكي قال إن الأردن كان يعلم بالانسحاب الروسي- أرشيفية
بدت علامات الدهشة واضحة على معالم رئيس الحكومة الأردني عبد الله النسور، بخصوص الانسحاب الروسي العسكري من سوريا، خلال المؤتمر الذي عقدته الحكومة الأردنية، وقال فيه النسور: "لا نعلم أهمية هذا الانسحاب ولا دلالته أو انعكاساته على قصر أو طول الأزمة في سوريا".
 
دهشة النسور تأتي في ظل وجود قنوات اتصال وتنسيق فتحها الأردن والروس قبل أشهر بخصوص ما يتعلق بالحرب على الإرهاب، والتي كُلفت فيها المملكة بوضع قوائم بأسماء "الجماعات الإرهابية" في سوريا، إلى جانب تنسيق أردني روسي في ما يتعلق بالحدود الجنوبية السورية التي تتواجد فيها جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة، ويشكل السلفيون الجهاديون الأردنيون العمود الفقري لها.
 
انسحاب غير مفاجئ
 
ورغم الانسحاب الذي "فاجأ" الحكومة الأردنية، فإن صحيفة "ذا ديفينس" الأمريكية زعمت أن الأردن كان على علم بالقرار الروسي منذ كانون الثاني/ يناير، خلال اجتماع عقد في موسكو جمع وزير دفاع النظام السوري فهد جاسم الفريج، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية مشعل محمد الزبن، ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
 
ونقلت الصحيفة عن مصدر أردني أمني دون الإشارة لاسمه، أن "مدير مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك اجتمع مع بدء الضربات الجوية الروسية بمسؤولين أمنيين أردنيين في العاصمة عمان، وبحث معهم تطورات وتداعيات القضية السورية على المملكة".

مستقبل التنسيق الأردني الروسي
 
الأسئلة التي أثارها رئيس الحكومة الأردنية حول الانسحاب الروسي، تثير بدورها أسئلة أخرى حول مستقبل التنسيق الأردني الروسي، وما إذا كان هذا الانسحاب بداية لحل سياسي للأزمة السورية التي قاربت عامها الخامس وكانت الأردن من أكثر الدول التي تأثرت بتبعاتها.
 
ويحاول خبراء ومحللون أردنيون تفسير هذا الانسحاب "المفاجئ" وتأثيره على الحرب في سوريا وخصوصا الحرب على تنظيم الدولة، ووضع الفصائل المقاتلة في الحدود الجنوبية السورية، بعدما أعلنت روسيا قبل انسحابها استعدادها للتنسيق مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا لطرد تنظيم "داعش" من الرقة كما جاء على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
 
الكاتب والمحلل الأردني عمر كُلاب، يرى أن "الانسحاب الروسي لن يؤثر على طبيعة الموقف الأردني على حدوده الشمالية"؛ مفسرا ذلك بأن "القوات الروسية ساهمت في إحكام قبضة النظام على المناطق الساحلية وعلى المناطق القريبة من العاصمة دمشق، ما دفع الجماعات الإرهابية للانزياح إما باتجاه الرقه أو باتجاه درعا".
 
هذا "الانزياح" كما يقول كلاب لـ"عربي 21"، "زاد العبء على الجغرافيا الأردنية، خاصة أن تنظيم الدولة الآن يعاني من انهيارات بنيوية؛ وسيلجأ إلى العمل بما يسمى "قطعان الذئاب المنفردة" التي ستنتشر بعيدا عن مراكز الضربات الجوية وبعيدا عن مراكز نفوذ الجيش السوري، أو حتى بعودة المقاتلين إلى وطنهم الأم..، وبالتالي فسيسعى أفراد إلى اختراق الحدود بشكل خفي ليرجع التنظيم إلى مرحلة الكمون، وسيسعى إلى رد اعتباره، بمعنى أنه سيظهر للعالم أنه لم يخسر هذه الجولة وتجربة الخلافة، وسيسعى إلى ضربات في الإقليم دون تحديد ضوابط، ما سيرفع العبء الأمني على الأردن ودول الجوار".

تخوفات كُلاب تأتي في وقت تظهر فيه إحصائيات التيار السلفي الجهادي الأردني أن أعداد الأردنيين الذين يقاتلون في سوريا يقدر بما يقارب الـ2500 مقاتل، توجهوا إلى ساحات القتال منذ اندلاع الأزمة عام 2011، بعض منهم اصطحب أطفاله للقتال إلى جانب جبهة النصرة، وجزء آخر في صفوف تنظيم الدولة، ومنهم من وصل إلى مناصب قيادية.
 
ويرى الخبير العسكري العميد المتقاعد هشام خريسات، أن المنطقة الجنوبية كانت وما زالت على العهدة الأردنية، خصوصا مع وجود خمسة آلاف مقاتل من جبهة النصرة منهم 2500 أردنيون في المنطقة الجنوبية في مناطق درعا والقنيطرة، مرجحا عدم تأثر الوضع بعد الغياب الروسي".

الخاصرة الرخوة

ويتفق أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب (يساري) مع الكاتب كلاب، في أن "تخوفات الأردن تأتي من الحدود الشمالية عقب الانسحاب الروسي ومحاولة تسرب جماعات متطرفة إلى الحدود الأردنية"، بعد ما أسماه "عمليات تطهير يقوم بها الجيش السوري في مدينة درعا".
 
ويقول ذياب لـ"عربي21" إن "ما بعد الانسحاب الروسي، هو الدخول في حل سياسي وتشجيع كل الأطراف في السير في عملية التسوية السياسية انطلاقا من مؤتمر جنيف".
 
لكن، ماذا لو كان الانسحاب الروسي بداية لحل سياسي للأزمة في سوريا؟ هل هذا سيكون أفضل للأردن؟

يجزم الكاتب كلاب، بأنه "الحل المثالي إذا ما ترافق مع حل عسكري لمحاربة الإرهاب، بحيث لا تعيد سوريا إنتاج ظاهرة أفغانستان وتوزيع المتطرفين على دول الجوار بعد فشل مشروع الخلافة، ما يشكل عبئا أمنيا على المملكة".
 
وانشغل كتاب صحفيون أردنيون بتحليل تداعيات الانسحاب الروسي وأسبابه، ويتفقون على أن الانسحاب كان "مفاجأة" بكل المقاييس.. يرى الكاتب في صحيفة الغد الأردنية محمد أبو رمان، في مقالته، أن الانسحاب "أعاد خلط أوراق اللعبة السورية، وفتح الاحتمالات على مصراعيها". أما الكاتب ياسر الزعاترة، فيقول في مقاله بصحيفة الدستور الأردنية، إن "الصراع في سوريا بالمرحلة الأخيرة، لكن هذه المرحلة قد تكون صعبة وطويلة؛ ومفتوحة على الاحتمالات في ظل تعقيدات المشهد على الأرض، بوجود قوىً يصنفها العالم إرهابية، بينما هي ذات حضور مؤثر وكبير، وفي ظل رفض إيراني تركي لفكرة الفيدرالية".
 
ويقرأ المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة، الانسحاب الروسي بأنه "رسالة سياسية مرتبطة بتعثر مفاوضات جنيف بسبب مواقف النظام السوري، وخصوصا آخر يومين".. يقول السبايلة لصحيفة "عربي21"، إن "الروس لم ولن ينسحبوا، خصوصا مع الإبقاء على معدات عسكرية مهمة في حميميم وطرطوس".

ويأمل نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني الدكتور هايل ودعان الدعجة، في أن يكون الانسحاب الروسي "دفعة نحو حل سياسي في جنيف"، مؤكدا في الوقت ذاته لصحيفة "عربي21" أن "التنسيق الروسي الأردني لن يتأثر، بالإضافة إلى قدرة الجيش الأردني على صون الحدود الشمالية وحمايتها".
 
وسواء كان الانسحاب الروسي يؤشر إلى حل سياسي أم لا، فإن الأردن لا يملك إلا الترقب لما ستؤول إليه الأمور في بلد قال عنه رئيس الوزراء عبد الله النسور في مؤتمر صحفي، إن "السوريين يشكلون ما نسبته 30% من سكانه البالغين قرابة العشرة ملايين نسمة"، ويأمل الأردن الرسمي والشعبي في أن تنتهي الحرب في سوريا وتنتهي معها أزمة اللجوء وتحديات أمنية باتت تقلق الشارع الأردني كان آخرها اشتباك مع خلية تابعة لتنظيم الدولة في مدينة إربد شمال الممكلة، نتج عنها مقتل ضابط في الجيش الأردني وجرح أربعة آخرين ومقتل سبعة من أفراد الخلية.
التعليقات (0)