قضايا وآراء

اليابان.. بعيون عربية

محمود عبد الواحد
1300x600
1300x600
وأنت تتجول في مدينة " شيما" - إحدى مقاطعات محافظة " ميي" اليابانية - يراودك إصرار على البقاء فيها أو على الأقل ضرورة العودة إليها لِما حظيت به من جِنان خضراء وهبات طبيعية تبعث في النفس سكينة وسلاما يشعر بهما منذ الوهلة الأولى صحفي عربي قادم من مناطق القلاقل والنزاعات.
 
تستضيف مقاطعة "شيما" قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في أيار/مايو المقبل. وتدير هذه الدول نحو 64 % من اقتصاد العالم وهي اليابان وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

شيما" - شبة الجزيرة النائية الممتدة في المحيط الهادي في الجهة الجنوبية الشرقية من الجزر اليابانية - حازت على اختيار الحكومة اليابانية لها لانعقاد القمة نظرا لطبيعتها الخلابة وما بها من محميات طبيعية ومواقع تاريخية وتراثية بما فيها الغابات الجبلية بجداولها المنسابة وطيورها المتنوعة ومناخها البحري المعتدل الدافئ.

وبالنسبة لليابانيين فهي قبلة يقصدها المريدون من كل حدب وصوب في كافة الجزر اليابانية، حيث يوجد بها معبد "إيسي"، أحد أشهر معابد ديانة "الشنتو" العتيقة التي يعتنقها نحو 80 % من اليابانيين..

وتستمد "الشنتو " تعاليمها الدينية من مجموعة من المعتقدات والأساطير اليابانية القديمة التي تعود إلى القرن الثامن الميلادي. وتعتمد في طقوسها على النصب التذكارية للحروب و الاحتفالات التي تقام في مواسم حصاد المحاصيل.    
 
كما تشتهر المدينة بالنساء الغواصات أو ما يُسمى (آما دايفرز) وهو تقليد حرفي عمره يتجاوز ألفي عام بحسب مصادر رسمية يابانية، تمارسه نسوة احترفن الغوص إلى قاع المحيط دون أجهزة التزود بالأكسجين لالتقاط الأصداف والمحار كوسيلة لكسب الرزق.

وكان رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي" قد صرح في حزيران/يونيو من العام الماضي أن اختياره وقع على "شيما" في محافظة "ميي" لاستضافة القمة كي يتسنى لزعماء الدول المشاركة مشاهدة جمال الطبيعة الزاخرة بالثقافة والتراث في تلك البقعة من الجزر اليابانية التي تمثل روح اليابان.

وهو ما يوحي بعزم الحكومة على إبراز الثقافة والتراث اليابانيين والترويج لهما سياحيا في وجود الوفود المدعوة لحضور القمة.
 
وتتميز "شيما" - البعيدة عن ضوضاء المدن المزدحمة - بحدائقها العامة المنتشرة حول الأودية وفي الجزر الصغيرة التي تكونت بفعل عوامل المد والجزر في المحيط الهادئ.. وتزينها هضاب مغطاة بالأشجار والنباتات... وقد اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بعض هذه الحدائق تراثا عالميا.

غير أن مزارع إنتاج اللؤلؤ البحري المنتشرة في خليج "اجو " تعد من أبرز المعالم التي تشتهر بها "شيما" والتي جعلت منها مركزا عالميا ذائع الصيت لإنتاج اللؤلؤ منذ بداية تلك التقنية عام 1910 حيث وفرت مياهها الدافئة بيئة مثالية لتكاثر أصداف اللؤلؤ.

وتتم عمليات إنتاج اللؤلؤ في "شيما" بجمع قطع المحار الناشئة التي تتراوح أعمارها بين عامين وثلاثة أعوام وتطعيم أنسجتها الداخلية بخلايا اللؤلؤ من خلال تقنية خاصة ومن ثم تُترك في مكان مخصص في البحر لمدة عام ليتم بعده فتح الأصداف والتقاط اللآلئ منها في فصل الشتاء حيث تكون درجة حرارة المياه منخفضة.     

وبطبيعة الحال ستبرُز قيمة "شيما" لدى الوفود المشاركة في القمة المقبلة مقارنة بالقمم الماضية والتي عُقدت العام الماضي في أحد فنادق في بلدة "كرين" الألمانية وفي لاهاي بهولندا عام 2014 وقبلها في بلدة "إيلسبري" بالمملكة المتحدة عام 2013.  
التعليقات (0)