قضايا وآراء

استهداف الصحفيين في ذكرى تحرير سيناء

نيفين ملك
1300x600
1300x600
25 نيسان/ أبريل 2016، وفي ذكرى تحرير سيناء الغالية خرجت تظاهرات دعت لها مختلف التيارات السياسية والحركات الاحتجاجية ليبرالية ويسارية وإسلامية وغيرها.. لتصيغ من جديد مشهدا يحاكي مشاهد التحرير بالخلطة السحرية المصرية وموزاييكها بألوانه الخلابة والمبهجة، والتي تعكس صفاء جمال وجه مصر الجديدة، نقاء وبراءة وجه التحرير الذي افتقدناه.

وإن عجزت تلك التظاهرات فعليا عن الوصول للميدان، لكن كل شوارع مصر هي ميادين للتحرير. وبرغم الحملة المسعورة من وزارة الداخلية قبل التظاهرات، ومنذ جمعة الأرض، للقبض العشوائي على عدد من النشطاء والصحفيين من المقاهي والشوارع، وتجدد زيارات الفجر، والتضييق الأمني الشديد وجنزرة الميادين والشوارع الرئيسية، ولكن كل تلك الإجراءات القمعية لم تثن هؤلاء ممن قرروا النزول لاسترداد حقهم الأساسي في التعبير عن الرأي هذا الحق الذي تم مصادرته، بل وتجريمه من عام ونصف.

ولكن هيهات، فأبناء الكنانة على العهد، وهذا الشعب الزراعي الطيب من أبناء النيل، والذي تمت مقايضته تدليسا وبالغلط بهبة منحه استقرارا واهيا، وقبِل جزءا من هذه المقايضة أملا وإيمانا بقيمة الاستقرار والأرض.. فجأة يصحو هذا الجزء من الشعب الطيب وبدون مقدمات على معادلة أخرى من أجل استمرار حياة النظام لا حياة وأرض الوطن!! ولم يدرك من يدير المشهد أن الأرض المصرية هي الأغلى وهي عرض المصري البسيط، ذلك الإنسان الزراعي الطيب الذي لم ولن يقبل مقايضتها في أي زمان وبأي ثمن.

وجدير بالذكر الإشادة بدور الصحفيين المصريين وسلالم الشرف لنقابة الصحفيين التي تلعب في هذة المرحلة دور القيادة الوطنية الواعية، لتكون سلالم النقابة صرحا ورمزا يعيد لنا بحروف من نور تلك الحقب التاريخية العظيمة والأدوار الوطنية للنقابات المصرية. وفي الوقت الذي يتصدر فيه دور الصحفيين الوطنيين وسلالم نقابتهم، تخلو الصورة من دور نقابة المحامين وصرحها التاريخي الذي كان جزءا من نضال الحركة الوطنية المصرية، بل كان المسرح الرئيسي لقيادة المشهد النضالي المصري في تلك اللحظات التاريخية الفارقة، ولذلك تصاعدت عمليات القبض والاعتداء على الصحفيين قبل بداية فعاليات التظاه.

وكما جاء في بيان رقم 8 لغرفة عمليات الصحفيين بالنقابة، رصدت النقابة صباح يوم 25 نيسان/ أبريل 2016، صباحا، اعتقال 12 صحفيا واعتداءات بحق 3 صحفيين آخرين، وحصار لعدد من الصحفيين بمقر النقابة. ورصدت غرفة العمليات بنقابة الصحفيين كذلك نقل سيارات لمتظاهرين مؤيدين لمحيط النقابة ومحاولاتهم لاقتحام النقابة، مصحوبين بأفراد يرتدون زي الأمن المركزي، في الوقت الذي تم القبض فيه على المعارضين ومنع الصحفيين من الوصول لنقابتهم.

كما استعان الأمن بمجموعات من البلطجية تحملهم سيارات، وتم دفعهم لاقتحام مبنى نقابة الصحفيين، مرددين هتافات معادية للصحفيين وتتهمهم بالخيانة والعمالة، مع توجيه عبارات السب والقذف للصحفيات والصحفيين.

وطبقا لبيان الغرفة في رصده الانتهاكات، وردت شكاوى للغرفة بالقبض على الصحفي محمد شحاتة، من "صوت الأمة"، وشمس نبيل، من "المصريون" وسارة حمدي من "يورو نيوز"، حيث تم القبض عليها من محطة البحوث، ويحيى مرسي، مصور "الأخبار"، وهايدي الدسوقي، الصحفية في "الأخبار". وتم القبض أيضا على محمد عادلي وعلي محمد من "صوت الأمة"، وعمر جمال من "أونا"، وعمر سيد من "صدى البلد"، ومحمد المسلمي وعلي عابدين من "الفجر"، ومحمد جمال دسوقي، من "الوفد"، والصحفي الدنماركي شتيفن سيجورد، الذي يعمل في "الأهرام ويكلي"، والصحفي النرويجي هارالد كريستان هوف. وهناك أخبار عن إطلاق سراح الصحفيين الاثنين الأجانب اللذين تم اعتقالهما من منطقة ناهيا بالجيزة بحسب صفحة "الحرية للجدعان".

وجاء في تغريدة للصحفية "Orla Guerin" عن تعرض مراسلة "بي بي سي" للتعدي من مناصري نظام السيسي. وكانت قوات الأمن قد أوقفت سيارة فضائية "بي بي سي" على أطراف ميدان التحرير ومنعتهم من التصوير.

ورصدت كذلك النقابة احتجاز عدد كبير من الصحفيين والاعتداء عليهم، وهم سامح كامل، مستشار قسم التصوير في "المصور"، وعمر عبد الناصر، مراسل وكالة "أونا"، حيث تم القبض والتعدي عليهما بالضرب والسب خلال تغطيتهما لمظاهرات المؤيدين بمحيط النقابة. وتم توقيف الصحفية في "بوابة يناير"، سارة مهنا. وكان قد تم القبض على الصحفية بسمة مصطفى ومحمد الصاوي ومصطفى رضا، وتم الإفراج عنهم.

وكانت غرفة النقابة قد رصدت كذلك منع عدد من الصحفيين من الوصول للنقابة، منهم الصحفي محمد عبد القدوس.

ومما لا شك فيه أن كل هذة الانتهاكات لنقابة الصحفيين، ومطاردة صحفييها واعتقالهم، لمجرد أداء واجبهم المهني وأثناء تأدية عملهم، هو أمر ليس فقط عملا مجرما بموجب القوانين والدساتير والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر، ولكنها رسالة واضحة بأن هذا النظام في حالة عداء مع الحقيقة؛ لأن كاميرا وقلم الصحفي لا تصنع الحدث، ولكنها فقط تكشف مستور وخطايا أنظمة تنكر الحقيقة وتجرم كاشفها.

تحية من القلب لجموع الشعب المصري في يوم الكرامة وذكرى تحرير سيناء الغالية، والمجد لشهداء أبناء الشعب المصري من الجيش الوطني، وكل المجد اليوم لنقابة الصحفيين وسلالمها، وسلاما لأبناء مهنة المتاعب.
التعليقات (0)