لم تثر عملية اغتيال تعرض لها احد قادة
حزب الله والمقاومة الاسلامية الكثير من الاسئلة والالتباسات، مثل ما اثارت عملية اغتيال القائد الجهادي الحاج مصطفى بدر الدين (السيد ذو الفقار)، فرغم البيان الذي اصدره حزب الله حول ظروف استشهاد الحاج مصطفى في سوريا في منطقة قريبة من مطار دمشق واتهام "الجماعات التكفيرية" بالوقوف وراء عملية الاغتيال، فان هذا البيان وما صدر من تصريحات وتسريبات حول تفاصيل الاستشهاد لم يطمئن قلوب وعقول المهتمين بدور بدر الدين، سواء كانوا من المحبين او المعادين، وقد انطلقت سلسلة طويلة من الدراسات والتحليلات والتقارير التي تتحدث عن ابعاد الاغتيال ودلالاته، ووصل الامر ببعض القيادات السياسية
اللبنانية او المحللين بالتشكيك بخبر الاستشهاد والمطالبة باجراء فحص "الدي أن إيه" للجثمان، وقد اثار ذلك ردود فعل مستهجنة ومستغربة في اجواء قادة حزب الله وانصاره لان الحزب ليس مضطرا لاخفاء قياداته او التعمية على سقوط شهدائه لما لذلك من اعتبارات معنوية وسياسية وعملانية على كل واقع الحزب ومسيرته.
وبانتظار صدور المزيد من التوضيحات والمعطيات عن عملية اغتيال بدر الدين من قبل امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في الاحتفال التأبيني الذي سيقام له بعد ظهر الجمعة المقبل، فان الحقيقة المؤكدة ان حزب الله خسر برحيل بدر الدين احد اهم قياداته وكوادره الامنية والعسكرية، وهذه الخسارة تضاف الى سلسلة الخسارات الكبرى التي تعرض لها الحزب في السنوات الاخيرة ولا سيما منذ اغتيال الحاج عماد مغنية في دمشق وحتى اليوم.
وان اغتيال قيادات حزب الله واالمقاومة الاسلامية يهدف لتوجيه ضربات قاسية للحزب بهدف الضغط عليه كي تتراجع عن دوره الاساسي في سوريا والمنطقة وكي تضعف قدراته العسكرية والامنية والمعنوية.
وقد شكل اغتيال القائد الحاج مصطفى بدر الدين في سوريا واعلان حزب الله مسؤولية "الجماعات التكفيرية" عن هذا الاغتيال تطورا خطيرا في الصراعات القائمة في سوريا والمنطقة، فهذا الاغتيال سيزيد التوترات الطائفية والمذهبية وسيدفع حزب الله وايران وحلفاؤهما للانخراط اكثر في هذه الصراعات، وستكون اميركا واسرائيل المستفيدتين الاكثر من هذه الصراعات لانها ستؤدي لانشغال عدوهما الاساسي وهو حزب الله في صراعات اخرى مكلفة ، ومع ان حزب الله اعتبر ان "الجماعات التكفيرية" ترتبط بعلاقة ما مع اسرائيل واميركا فانه لا يخفى ان اميركا واسرائيل تخافان ايضا من تعاظم دور هذه الجماعات واعادة توجيه اسلحتها وعملياتها نحوهما كما حصل بين تنظيم القاعدة واميركا سابقا.
والخطورة في ما جرى في سوريا مؤخرا (في حال تأكدت مسؤولية الجماعات المسلحة عن اغتيال بدر الدين) انه يكشف عن تطور دور هذه الجماعات وقدراتها العسكرية والامنية واللوجيستية ويضع حزب الله وايران والنظام السوري امام تحديات جديدة بعد الانجازات التي تحققت في الاشهر الماضية وبعد التدخل الروسي.
لكن رغم اغتيال الحاج بدر الدين فان مسيرة المقاومة مستمرة فهو ليس اول قيادي شهيد وليس اخر الشهداء، والمقاومة مؤسسة وتنظيم متكامل وهي ستتابع مسيرتها سواء في الصراع في مواجهة العدو الصهيوني او على صعيد دورها في ازمات المنطقة، لكن ذلك لا يلغي حجم التحديات التي يواجهها الحزب في هذه المرحلة سواء على الصعد العسكرية والامنية او على صعيد الضغوط المالية والاجتماعية والاعلامية والعمل لمحاصرة الحزب والضغط على البيئات الداعمة للحزب.
وكل هذه التحديات والضغوط قد تفرض على الحزب البحث عن كيفية الخروج من هذه الازمات المتزايدة وكيفية الحفاظ على موقعه ودوره الاساسي في مواجهة العدو الصهيوني لان المزيد من الغرق في صراعات المنطقة سيكون له تداعيات مستقبلية خطيرة وان الطريق الوحيد لانهاء هذه الصراعات التعجيل بالحلول السياسية ولو اضطر الامر تقديم بعض التنازلات لان الحروب العسكرية الداخلية لا يمكن ان تؤدي الى اية نتيجة مهما كانت القدرات والامكانيات التي تبذل في هذه الصراعات والحرب العراقية – الايرانية والحرب اللبنانية افضل شاهد على ذلك.