مع زيادة تردد اسم الشارع
الاستيطاني الإسرائيلي "443"؛ كثيرا في وسائل الإعلام المختلفة، تقفز إلى الذهن الكثير من الأسئلة المهمة، التي من المفترض أن تجيب عن قصة أهمية هذا الطريق الذي يخترق الأراضي
الفلسطينية المحتلة، والهدف من إقامته.
استخدام بالونات مراقبة
وكشف جهاز الاستخبارات الميداني لدى جيش الاحتلال أواخر عام 2015، أن شارع "443" يمثل "تحديا كبيرا" له، وهو ما دفع الاحتلال لاقتراح استخدام "بالونات مراقبة توضع على المركبات، بحيث تمكنهم من الاطلاع على أوضاع الشارع لحظة بلحظة"، بحسب موقع "وللا" العبري.
وتقع بشكل شبه يومي على هذا الطريق عمليات إطلاق النار وطعن ورشق حجارة، وإلقاء زجاجات حارقة تجاه سيارات المستوطنين.
من جهته، أكد الخبير الفلسطيني في الاستيطان والخرائط، خليل التفكجي، أن شارع "443" الاستيطاني "يقع ضمن شبكة طرق؛ تتوسع بشكل كبير ومستمر"، موضحا أن "الهدف من إقامتها أمني وليس للمواصلات، إضافة للعمل على ترسيم الحدود ضمن أي حل سياسي مستقبلي مع الفلسطينيين".
وأوضح لـ"
عربي21"؛ أن شارع "443" يصل بين المستعمرات الإسرائيلية التي أقيمت في
الضفة الغربية المحتلة و"تل أبيب"، وهو جزء من شبكة الشوارع القُطرية العرضية التي تصل ما بين المنطقة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط ومدينة
القدس المحتلة، لتأمين سير آمن للمستوطنين الإسرائيليين.
ثلاثة شوارع رئيسية
ومن أجل منع دخول الفلسطينيين إلى هذا الطريق، "أقام الاحتلال على جانبيه سياجا أمنيا، لضمان أن يقع الشارع تحت سيطرته الأمنية الكاملة"، بحسب التفكجي، الذي لفت إلى أن "العديد من القرى الفلسطينية تقع على جانبي الطريق الذي يخترق الضفة الغربية".
وأضاف: "أطلق عليه الاحتلال قبل انتفاضة الأقصى اسم الطريق الآمن، وكان من المقرر أن يوصل ما بين رام الله وقطاع غزة".
وأشار التفكجي إلى أن "إسرائيل" تولي "443" أهمية كبيرة؛ لأنه "يربط كتلة مستعمرات "جفعات زائيف" مباشرة بمنطقة "مودعين"؛ وهي ثاني أكبر كتلة استيطانية تقع ما بين القدس و"تل أبيب"، أنشئت عام 1990، ويقيم فيها نحو نصف مليون مستوطن.
ولفت خبير الاستيطان والخرائط إلى أن شارع "443" هو جزء من شارع "45" القُطري الذي يصل إلى منطقة غور الأردن، مشيرا إلى وجود "ثلاثة شوارع رئيسية في الضفة الغربية، أقيمت لأهدف استراتيجية استيطانية، وعملت على ربط المستوطنات مع بعضها البعض".
وتابع: "هناك شارع "عابر السامرة (هو الاسم الذي يطلقه الاحتلال على القسم الشمالي الجبلي من الضفة الغربية)"؛ يصل منطقة جنوب نابلس بكفر قاسم في الداخل الفلسطيني المحتلة عام 1948، وحتى غور الأردن، وشارع "443" وامتداده شارع "45"، والشارع الثالث هو شارع "35" ويمر في منطقة الخليل جنوب القدس المحتلة".
طرق بديلة ملتوية
وعملت تلك الشبكة من "الطرق الطولية والعرضية على تقسيم الضفة الغربية إلى فسيفساء"، بحسب الخبير، الذي كشف لـ"
عربي21"، أن "إسرائيل"، بإمكانها "في أي لحظة أن تغلق التواصل الجغرافي ما بين شمال ووسط وجنوب فلسطين المحتلة. ومن هنا يأتي تركيز الاحتلال على شارع 443"، وفق قوله.
وفي سياق متصل، بيّن التفكجي، أن "هناك استراتيجية إسرائيلية واضحة تماما؛ وضعت عام 1979، تقضي بوجود مليون مستوطن في الضفة الغربية ضمن المستوطنات التي تتوسع باستمرار"، لافتا إلى أن "إسرائيل"، تعمل على ترسيم حدودها من الناحية الشرقية، عبر التطهير العرقي والتوسع الاستيطاني في منطقة غور الأردن، ومن الناحية الغربية بواسطة الجدار، وفي الوسط من خلال الشوارع الاستيطانية وتسمين المستوطنات".
وبحسب المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، "بتسليم"، فإن شارع "443" يخدم نحو 40 ألف سيارة يوميا، ويستعمل بديلا عن شارع القدس- تل أبيب (شارع رقم 1) الذي يشهد ازدحاما بشكل عام.
ولفت المركز الإسرائيلي إلى أن الاحتلال أغلق الشارع أمام حركة الفلسطينيين بشكل تام، عقب عملية إطلاق نار وقعت عام 2002، وأدت لمقتل ستة مستوطنين إسرائيليين، وهو ما أجبر الفلسطينيين على السفر عبر "طرق بديلة مشوشة وملتوية".
وقام الاحتلال بأمر من المحكمة العليا الإسرائيلية، بفتح الشارع أمام الفلسطينيين عام 2010، لكن قواته تغلقه بين الفينة والأخرى، كما حدث الثلاثاء الماضي، بعد إعدام جنود الاحتلال الفتى الفلسطيني محمود رأفت بدران (15 عاما) خلال مروره على الطريق "443".