كتاب عربي 21

الدولة المصرية وصنم هبل

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
في مناسبات كوميدية، كتلك التي تطل برأسها على استحياء في مصر كالإعلان الكوميدي عن إطلاق وكالة فضاء في بلد يتلقى فيه المرضى العلاج على الأرصفة، تسمع دائما من شلة العلمانيين إياها خطاب الفشل.

وفشل العسكر واضح، ولكنه ليس التشخيص الدقيق في الحالة المصرية.

يحدثونك عن الأعراض ويتجاهلون اسم المرض تماما.

يحدثونك عن الاستبداد ولا يقتربون من أسبابه، يحدثونك عن الفساد ولا يحاولون ردم منبعه.

لن تجد منهم من يناقش كيفية وصول تلك الشراذم العسكرية إلى مقاعد الحكم في بلادنا.

ستسمعهم يكتبون الشعر عن وهم أكتوبر، ويعتبرون حفر قناة السويس إنجازا هندسيا، غير عالمين أن الأول كان عملية هندسها كيسنجر للوصول لاتفاق سلام، وأن الثانية كانت حاجزا بنته فرنسا ليصبح حدود الكيان الصهيوني الذي لم يكن قد وُلد بعد.

يحدثونك عن قيادات الجيش الفاسدة، ثم تسمع منهم غزلا غير عفيف في جيشهم هذا!!

وكأن القيادات الفاسدة هي التي قامت بالانقلاب وحدها.. وكأن تلك القيادات هي التي قادت الدبابات المتهالكة في استعراض قوة في شوارع مصر وقت الانقلاب.. وكأن تلك القيادات الفاسدة هي التي رفعت بنادقها في وجه الشعب، ولوحت برصاصاتها في مواجهة الفتيات.

وكأن تلك القيادات هي التي تطلق نيران المدافع على منازل سيناء، وكأنها هي التي تقود طائرات "إف 16" وأباتشي لتصب صواريخها على رؤوس الأطفال في سيناء حبا وكرامة للعدو الصهيوني.

وكأن كل ضباط جيشهم لم يسمعوا بوجود تنسيق أمني واستخباراتي كامل مع العدو الصهيوني، وكأنهم لم يقرأوا تصريحات خادم الكيان الصهيوني في مصر في أكثر من مناسبة؛ التي اعترف فيها بحماية أمن الكيان الصهيوني.. وكأنهم لا يدركون أنهم جزء من منظومة أمن مركزي لحماية وجود الكيان الصهيوني.

وكأننا لا ندرك أن رفع معاشات العسكريين وزيادة رواتب ضباط ذلك الجيش هو عملية رشوة مستمرة؛ يطلب فيها الراشي من المرتشي السكوت عن كل تلك الخيانات والاستمرار في التظاهر بأنهم جزء من جيش.

خطاب ما يسمى بـ"الدولة المصرية" هو الأرضية المشتركة التي يقف عليها هؤلاء العلمانيون مع إخوانهم من العسكر.

فإذا حدثت هؤلاء عن نشأة تلك "الدولة المصرية"، وكيف نحتها الفرنسيون من أراضي الخلافة وصنعوا لها جيشا دربه جنرالاتهم، وكيف صنع الفرنسيون محمد علي، وكيف كان سفيرهم في الإسكندرية يشرف عليه ويوجهه، وكيف جعلوا من مصر فقاعة معزولة، بدّلوا نظام تشغيلها ونزعوا منها الإسلام كجوهر، ووضعوا بدلا منها شكلا مفرغا لا علاقة له بالإسلام، وحشوا ذلك القالب بالنظم العلمانية الفرنسية، وكيف جاء البريطانيون ليطوروا وكيف جاء بعدهم الأمريكيون ليرمموا ويجددوا الطلاء.. زادوا في رطانتهم وكرروا على مسامعك ما يحفظونه من كتب التاريخ للصف الثالث الابتدائي، التي حشاها التعليم العسكري في رؤوسهم.

سيحدثونك عن الاستبداد والفشل والجيش الوطني وحدود الدولة، وسيحدثونك بلوعة عن حدود الدولة، متجاهلين أن من وضعها هو ضابط صغير في إدارة صغيرة في إحدى وزارات بريطانيا، ولن يقترب أحدهم من جدران الفقاعة بإبرة لينقبها.

في احدى الجزر في محيط ما هبطت منذ عقود طائرة أمريكية أو بريطانية، فعبدها الأهالي البدائيون وجعلوا منها صنما يدورون حوله ويقدمون له القرابين، ونسجوا الكثير من الأساطير عن الطيار.

حسنا.. هؤلاء لا يختلفون كثيرا عن أهالي تلك الجزيرة الذين عبدوا الطائرة.. أصنام وجدوها فعبدوها، فُقاعة معزولة عن العالم الخارجي، لا يختلف مثقفوها ومدعو النخبوية فيها عن واحد من جمهور أحمد موسى.

يمسك كل فريق منهم بفرشاة طلاء يطلي بها ما تساقط من طلاء هُبل، يسنده كي لا يسقط، يرمم ساقه بقطع من الملاط.

الاثنان يسندان الأصنام التي وجدوها ويحاولون الحفاظ عليها من السقوط.. الاثنان يحدثانك عن "دولتهم المصرية"، والاثنان يتحسسان صنم هبل في وله وحنان.. كلاهما يدعي وصلا بليلى، ولكن ليلى اختارت العسكر.. صناع الأصنام الأوربيون قبل أن يرحلوا أوكلوا تلك المهمة لشراذم العسكر، وطوال الوقت يحاول كبار العلمانيين إقناع صناع الصنم بجدارتهم في الحفاظ على الصنم.

الفارق بين الاثنين؛ هو أن الفريق الأول من العسكر يحمل بندقية مستوردة، والثاني يرتدي ربطة العنق ويحدثك حديثا باهتا عن الثورة التي لا يعرف هو كيف يقوم بها أصلا.
التعليقات (2)
واحد من الناس ..... ثورة 6 اكتوبر قادمة لا محالة لاسقاط العسكر الكفتجية في عيدهم
الثلاثاء، 09-08-2016 12:55 م
....تماما كما حدث مع الشرطة في 2011
محمد الدمرداش
الأحد، 07-08-2016 08:49 م
زعيم و وعى........................ ما كان السارق ليسرق إلا في غفلة من صاحب المال و الدار و ما كانت الأوطان لتسلب و تدار لحساب الغير إلا في غياب قائد زعيم على دراية تامة بحياكة التاريخ و تزيفه و هذا القائد على تواصل بشعبه الواعي الذى لا يرضى الضيم أو الذل أو المهانة و انتهاك الأرض و المال و العرض في استكانة و ذل و هوان . و شعوب العالم الثالث التي رحل المستعمر عنها صورياً و ترك أدوات صنعها بعناية سواء أن كانت جيوش موالية أو أقليات طامعة مع أغلبية مغيبة أو طائفية مقيته تنهك المستعمرات أو عرقيات جوفاء ترهقك كيان الدولة و تظل تابعاً للمستعمر الذى يستنزف خيرات البلاد . و بالنسبة لمصر فعندي شهود عاصرتهم على مدار حياتي فيها الأول عندما كنت طالباً أدرس الكيمياء و الجيولوجيا في جامعة المنصورة و كان لنا معيد دمث خلوق كريم لا يبخل عن أفادتنا بأي معلومة و لنقل أنه أخونا الأكبر المحبوب و بعد أن تعرفنا على نظم الدراسة لاحظنا أن أخونا كان يعد رسالة ماجستير عن وسط الدلتا و يؤكد في نتائج أبحاثه العلمية أنه يوجد غاز طبيعي في حين أن الشركات العالمية تنفى و تعرقل قبول نتائج دراسته و يعيد ما بدأه حتى أنه أستنفذ من عمره ثمان سنوات و من المفارقات أنه لم يتحول إلى وظيفه أداريه لأخفافه البحثي كما تنص اللوائح المعمول بها و أخيراً يحصل على درجة الماجستير بعد أن عمل بالنصائح و قدم موضوع غير ذي قيمة و أستمر في الجامعة و بعد تخرجي بربع قرن أسمع و أرى أن فلان من الطبقات السيادية كون شركة بترول فيما وراء البحار و جاء مع الأجنبي ليستخرج الغاز من نفس أماكن دراسات أخونا المحبوب . و الشاهد الثاني كنت في جلسة مكاشفة مع صديق لي عقيد متقاعد بعد ثورة 25 يناير الذى كنت أداعبه دائماً بالقول أن أخر الرجال المحترمين أنتهى وجودهم في مصر مع جيل أكتوبر الذى أنتفض لكرامته في صورة عسكرية و بدأ يصرح لي أنه لدينا في مصر مكتبان على جانب كبير من الخطورة الأول للسي أي أيه و الثاني للموساد و أنه من رتبة نقيب فيما فوق يذهب إلى أمريكا دورات تدريبية لمدة ستة أشهر و يعود النقيب بمصروف جيب يقدر بحوالي 350 ألف جنيه مصرياً و يزيد كلما أرتقت الرتبة و جميع الضباط تحت عين و نظر السي أي أيه و الموساد و لا يتم أدراج ضابط في نشرة الترقيات أو المعاش إلا بتأشيره من المكتبين سابقي الذكر و الشاهد الثالث كان لي صديق رائد فنى طيران لصيانة الطائرات الحربية ألتقيته و النشرة قد صدرت بترقيته مقدم و تقاعده في نفس اليوم و وجدته حزين فحاولت أن القى اللوم عليه و بادرته بالقول أن أخو زوجتك المقرب من الفريق فلان أستغل العلاقة القوية و عين أبنك في مكان مرموق فكانت هذه هي النتيجة فرد على تعلم أن أبنى متفوق و يستحق المكان و ما كان من نسبى هو السعي للحصول على ما يستحقه أبنى بدلاً من أن تذهب الفرصة إلى منْ لا يستحق و لكن تقاعدي له قصة أنا أعرفها جيداً فسألته ما هي القصة قال تعلم أنى منذ ثمانية أشهر ذهبت إلى أمريكا لدورة صيانة أف 16 و كنت حريصا كعادتي هنا على قرأة القرآن حتى لا يتفلت منى فأنت تعرف أنى من حفظته ثم أنى كنت مداوم على صلاتي في وقتها فهذا كان لا يعجب الضباط الأمريكان المرافقين و قمة استهجانهم لي كان في أحد المحاضرات و كان أحدهم يتحدث عن الأعطال و الجزء المسؤول عن العطل و ما علينا إلا استبداله فبدر منى سؤال أن كل قطع الغيار التي نأخذها منكم معونة فلما لا يتم صيانة أو استبدال الجزئية التي في الجزء الذى هو عبارة عن مجموعة جزئيات ؟ فكانت الأجابة لا تناقش و تعلم ما نعلمك إياه ثم أن المعونة ليست لكم لتستفيدوا منها بل للأيدي العاملة التي تعمل لدينا و عند عودتي إلى مصر وجدتني نقلت إلى الكانتين و ذبح العجول و توزيع اللحوم و حينما لفت نظر السادة القادة أننى فنى صيانة و لا أعرف في الأصناف و الحسابات فكان التعليق ستتعلم و ستكتسب خبرة و بعد شهرين تم أحالتى للتقاعد مع ترقية مستحقة و هنا سؤال يطرح نفسه هل مصر ملك للمصريين و شعبها مستقل ذا سيادة ؟ و أن لم يكن كذلك فمتى ينضج عنده الوعى و يمتلك زعيم حقيقي للاستقلال ؟