سياسة عربية

ماذا في منشورات المدارس والتوجيه العام في دولة الخلافة؟

العدد الخامس عشر - مجلة دابق - تنظيم الدولة
العدد الخامس عشر - مجلة دابق - تنظيم الدولة
كشفت دراسة نشرها معهد واشنطن عن الخبايا والطريق والأساليب التي يتم طرحها داخل الكتب والمنشورات لتنظيم الدولة.

وأشارت الدراسة إلى أن المنشورات "تلقي الضوء على الهيكلية الداخلية للتنظيم واستراتيجيته".

وذكرت -على سبيل المثال- أنه "من الواضح أنّ الجماعة تملك دار نشر واحدة (على الأقل) مع أقسام متعدّدة، يبدو أنّها تعمل وتنتج المنشورات في الوقت الّذي يحارب تنظيم الدولة [في عدة دول] ويحكم أراضيه، ما يعزّز المفهوم القائل إنّ الأفكار مهمّة إلى حدّ ما؛ نظرا لما تضيفه من شرعية للتنظيم، فضلا عن مساعدته على البقاء.

بالإضافة إلى ذلك، يشير المعهد إلى أنه "تظهر طريقة تصريح التنظيم بطبع هذه المنشورات التي تتراوح من كتيبات صغيرة إلى مجلدات كبيرة، على أنّ المضمون، مع جمع وتنقيح المعلومات فيه، يخضع إلى عملية تحريرية من المحتمل أن تكون تحت إشراف القيادة العليا للجماعة. وقد يشير التعمّق في تواريخ منشورات التنظيم إلى سبب ظهور هذه الأعمال في وقت ظهورها".

وأضاف أنه "في كثير من الحالات، يكشف مضمونها معلومات مهمة عن المكان الذي قد يأتي منه المؤلفون أو قد سافروا إليه. على سبيل المثال، تشير عبارات مثل "تعدّ مدينة سان فرانسيسكو عاصمة اللواط، وربع دائرة المدينة الانتخابية يتكوّن من مثليي الجنس" إلى نوع من معرفة ثقافية لا يمكن اكتسابها إلا بقضاء بعض الوقت في الولايات المتحدة، أو بمعرفة مواطنين أمريكيين. 

وأخيرا، يكشف مضمون هذه الأعمال وحجمها الشيء الكثير عن شخصية قُرائها أو ما يأمل الكتاب أن يتحوّل إليه قُراؤهم، مستعينين بالأدب الّذي تتراوح أنواعه من كتب مدرسية لصفوف ابتدائية إلى كتيبات موجهة إلى مقاتلين وإلى مطبوعات عن أطروحات من القرون الوسطى".

وبحسب الدراسة، تنقسم المنشورات قيد المراجعة هنا إلى فئتين، "وتضمّ الفئة الأولى الكتب الدراسية لتنظيم الدولة للفصل الدراسي الأول، التي نُشرت في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2015. أمّا الفئة الثانية فهي مصنّفة بوجه عام بـ"الأدب التوجيهي"، وتضم كتيبات تهدف إلى توجيه عامة المسلمين حول مواضيع تتعلق بممارسة الطقوس أو الأخلاق الإسلامية أو القضايا المعاصرة".

وبالإضافة إلى هذه الأعمال، المعروفة أيضا بـ"الدعوة"، تشمل فئة "الأدب التوجيهي" سلسة من الكتيبات للمقاتلين، وكتيبات إرشادية أطول منها عن الإرشاد الديني والحوكمة السياسية، فضلا عن مطبوعات عن نصوص من القرون الوسطى.

وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة أقسام. ويصف القسم الأول دار نشر تنظيم «الدولة الإسلامية»، "مكتبة الهمّة"، وأنشطته، كما يقدّم تسلسلا زمنيا تقريبيا عن الأوقات التّي نَشرت فيها الجماعة أعمالا مختلفة. ويبحث القسم الثاني الكتب المدرسية للجماعة، ويقارنها مع المنهج الديني السعودي، مسلطا الضوء على البرنامج الفريد المحفّز لتنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يجعله فتاكا على نحو خاص.

 أمّا القسم الثالث من الدراسة، فيتعمّق في أعمال أخرى أنتجتها الجماعة، من بينها مطبوعات بحجم كتب، وكتيبات إرشادية عن الالتزام بالطقوس، وتعليمات للمقاتلين، فضلا عن كتيبات أصغر منها. وتُختتم الدراسة من خلال سلسلة ملاحظات استنتاجية وتوصيات متعلقة بالسياسة العامة، فضلا عن ملاحق تضم لائحة الأعمال التي شملتها الدراسة، وترجمات من قبل الكاتب لمقتطفات من الكتب المدرسية، وصور عن أغلفة هذه الكتب، وأيضا معجم مصطلحات يستعمله تنظيم «الدولة الإسلامية» في منشوراته. 

وتسرد الفقرات التالية بعض النتائج الرئيسية للدراسة:

العقيدة


وتكشف الكتب الدراسية للتنظيم ومنشوراته الأخرى عن وجود أسلوب منهجي لكيفية عرض المواد؛ من أجل التبرير بوسائل عقائدية مجموعة أهداف التنظيم الرباعية، وهي: تشجيع العنف، وتسيير أحداث تنبؤية، وإنشاء دولة "إسلامية" خالصة وتصنيفها بالخلافة.

وأشارت الدراسة إلى أن الكتب الدراسية تنقسم إلى نوعين: الكتب التي تعالج مواضيع دينية (القرآن، العقيدة، القانون، الشريعة)، والكتب التي تعلّم المعرفة العامة والمهارات (الاستعداد البدني والرياضيات والنحو،......). وبالنسبة إلى النوع الأول، يعمل تنظيم «الدولة الإسلامية» على إضافة "طابعا سلفيا" إليها، عبر تقديمه حصريا النسخة السنّية ذات النظرة الأصولية للإيمان الذي تدعو إليه السلفية.

 ولكن فيما يتعلّق بالمواضيع الأخرى، يقوم التنظيم بـ"تدعيشها"، واضعا الموضوع في إطار يدعم مجموعة أهدافه الرباعية المذكورة أعلاه، ومدربا التلاميذ للمساهمة في «الدولة الإسلامية»؛ من خلال تعميق معرفتهم بالمواد.

وفي ما يخص الاستعانة بمراجع إسلامية لدعم مشروع التنظيم (آداب القرون الوسطى حول الخلافة، أو الاعتماد على المدارس الفقهية الإسلامية في القيام بالشعائر الدينية،.....)، تساوم الجماعة حول الصفاء الإيديولوجي باستشهادها بكتّاب مسلمين من القرون الوسطى الذين تخالف رؤيتهم الدينية رؤية السلفيين.

الأدب التوجيهي

 
يُنشر "الأدب التوجيهي" (الذي يشمل مطبوعات وكتيبات إرشادية عن الالتزام بالطقوس والكتيبات الصغيرة) بهدف استنساب مختلف الكتاب المسلمين إلى تنظيم الدولة؛ من أجل الادعاء بالتمتع بالتراث التقليدي، ولإعادة تعريف الإسلام وفقا للنظرة السلفية للعالم التي يعتمدها تنظيم الدولة، بالإضافة إلى معالجة مواضيع معيّنة تثير قلق أو مخاوف الجماعة في الوقت الحالي.

إعادة تعريف الإسلام وتطبيقه

تقول الدراسة: "يمزج "الإسلام" الّذي يدعو إليه التنظيم في منشوراته بين الصفاء السلفي وبين تمكين التنظيم، باعتباره الجهة المطبّقة للإسلام. ويبرر التنظيم ذلك بأنّه يحكم المنطقة الوحيدة التي يُطبّق فيها الإسلام الأصلي النقي، وبأنه –كخلافة- لديه السلطة في تحديد ماهية الإسلام.

 ووفقا لرؤية تنظيم الدولة، كل من يعيش خارج أراضيه أو يرفض الدفاع عن قضيته ليس مسلما حقيقيا. ويتمّ تصييغ المبادئ الإسلامية لتشمل الرضوخ لتنظيم الدولة كواجب ملزم من الناحية القانونية.

الوعي بالأحوال السائدة

إنّ الأنواع الأدبية التي تنشرها الجماعة (الكتب الدراسية، المطبوعات العلمية، النشرات القصيرة، طبعات خاصة للمقاتلين)، ونطاق المواضيع التي تغطيها، تعكس إدراكا عميقا بمختلف الجماهير والظروف والقدرة على الاستجابة لها.

وتنشر الجماعة في معظم الأحيان، ولكن ليس دائما، كتيبات أصغر [حجما من الأنواع الأدبية سابقة الذكر]، ومنشورات أكبر [حجما] منها حول موضوع معيّن، ما قد يعزز أهميته ويفسره لمختلف الجماهير على حد سواء. وفي الواقع، وكما هو مبيّن في التسلسل الزمني، فإن تواريخ إصدار بعض الأعمال قد تسلّط الضوء على طموحات الجماعة وقلقها. 
التعليقات (0)