أعطت
الجزائر إشارة قوية على تدشين عهد جديد للتعاون مع طهران، بالتوازي مع قرب احتضانها مؤتمر للنفط يوم 27 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وأبلغ وزير الخارجية والتعاون الدولي الجزائري، رمضان لعمامرة، الأحد، رسالة شفوية من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الرئيس
الإيراني حسن روحاني الذي استقبله بجزيرة مارغريطة بفنزويلا على هامش اجتماع دول حركة عدم الانحياز.
وأوردت وكالة الأنباء الإيرانية، التي نقلت فحوى اللقاء، الأحد، أن "وزير الخارجية والتعاون الجزائري رمضان لعمامرة خلال لقاء له بالرئيس الإيراني حسن روحاني بفنزويلا أبلغ استعداد الجزائر للعب دور بوابة لدخول إيران إلى الأسواق الأفريقية.
وأفادت وكالة "إيرنا" أن لعمامرة صرح بعد لقائه الرئيس الإيراني أن "الوقت بات مناسبا لتوسيع العلاقات الثنائية بين إيران والجزائر لاسيما بعد رفع العقوبات عن إيران على إثر الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى".
وأكد لعمامرة أن توسيع
التعاون بين إيران والجزائر "سيكون لصالح الشعبين الإيراني والجزائري"، مشيرا إلى أن الجزائر قد تكون بوابة لدخول إيران إلى الأسواق الأفريقية في مستقبل الأيام.
ونقل لعمامرة رسالة شفهية من الرئيس بوتفليقة إلى نظيره الإيراني، أكد فيها رغبة الجزائر في توسيع العلاقات وتطويرها بين كل من إيران والجزائر.
ويتوقع أن يزور وزير خارجية الجزائر، طهران، في وقت لاحق. واللافت أن لقاء روحاني مع لعمامرة لم يكن ذو طابع مجاملاتي مثلما عهد من قبل بالنسبة لمسؤولي بلدين اختلفا لعقود بخصوص ملفات إقليمية عدة.
ويسعى الجانب الجزائري، لإقناع طهران بالمشاركة في جهود استقرار سوق
النفط التي تبذلها حاليا، علما أن إيران، التي عادت تدريجيا، تعارض مقترحات إدخالها ضمن الدول المعنية بخفض الإنتاج.
وتحتضن الجزائر في أواخر الشهر الجاري اجتماعا تشاوريا للدول المنتجة للنفط لأجل بحث قرار بخفض الإنتاج. ويشكل نجاح ذلك الاجتماع، نصرا دبلوماسيا للبلد المستضيف رغم الشكوك في قدرة الدول المصدرة للنفط في تحقيق اتفاق ولو كان شفهيا.
وقال حسن روحاني خلال لقائه وزير الخارجية الجزائري إنه يأمل في توصل الأطراف إلى وضع آلية معينة من أجل خلق ثبات واستقرار في سوق النفط وتحديد سعر عادل للنفط في العالم.
لكن التقارب الجزائري الإيراني، الذي يبدو في الظاهر تعاونا من أجل إيجاد حل لأزمة النفط، يخفي تقاربا أعمق من ذلك، إذ تعتبر الجزائر من العواصم العربية القليلة التي حافظت على استقرار علاقاتها مع إيران، في وقت تتنامى فيه الصراعات المذهبية بشكل مضطرد في عدة بلدان عربية.
ويرى عمر بدور، الخبير في الشؤون الدبلوماسية، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الأحد، "إن الجزائر نأت لوقت طويل بنفسها عن الصدام مع إيران، بملفات إقليمية تلعب خلالها المملكة السعودية دورا كبيرا".
وأضاف بدور: "معلوم أن الجزائر رفضت قرارا عربيا بإدانة حزب الله اللبناني المدعوم من إيران والحصول على غطاء عربي لذلك، كما رفضت المشاركة بالتحالف العربي باليمن".
وأثار التقارب بين الجزائر وإيران رفض أوساط سياسية وخصوصا من التيار المقرب من الإخوان بسبب تدخل إيراني في شؤون العراق وسوريا، وتشجيع نشر المذهب الشيعي على الأراضي الجزائرية.
ويعتقد المحلل السياسي الجزائري، بوحنية قوي، في تصريح لصحيفة "
عربي 21"، الأحد، أن "التقارب الجزائري الإيراني إذا كان يصب في صالح الأمة العربية والإسلامية فهو مرحب به، وعلى الجزائر وفق هذه الرؤية التحلي بنظرة براغماتية تصب لصالح تعظيم مكانتها، بحيث يجعلها طرفا هاما وركنا أساسيا في حلحلة الأزمات الدولية وفق رؤية أساسها الحياد الايجابي وتعزيز قيم السلم الدولي".
وأضاف بوحنية إن "رسالة بوتفليقة إلى الرئيس الإيراني مؤشر واضح على حجم الانسجام بين العلاقات الجزائرية الإيرانية، خاصة في مجال السياسات الطاقوية، ويأتي هذا التوافق ليوضح ملامح جديدة في علاقات دبلوماسية مغلفة بواجهة اقتصادية".
كما يعتقد بوحنية أن "الانسجام بين الجزائر وطهران بدا من خلال عدم استجابة الجزائر للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده السعودية، وهو تحرك جاء في عز الأزمة الدبلوماسية الإيرانية السعودية".
وقطعت كل من الجزائر وإيران علاقاتهما الدبلوماسية أوائل التسعينيات، بسبب مواقف طهران من الأزمة الأمنية التي كانت الجزائر تمر بها وسقط خلالها أزيد من 200 ألف قتيلا.
لكن وبوصول الرئيس بوتفليقة إلى الحكم العام 1999، أزيلت كرة الجليد بين العاصمتين، لكن ليس بمستوى التقارب الحالي الذي أملته ظروف دولية وإقليمية، كما أزمة النفط.