نشرت مجلة "
إيكونوميست" البريطانية تقريرا تناول الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه الممكلة الأردنية وخطره على أمنها، مؤكدة أن الأردن يعيش في ظل المشكلات الاقتصادية حالة من "الخطر المتزايد".
وقالت الصحيفة تحت عنوان "في المملكة الأردنية يخافون من العودة إلى الوراء"، إن العاهل الأردني نجح في تحييد بلاده عن الربيع العربي، إلا أن المملكة تعيش حالة اقتصادية خطرة.
وفي تقريرها الذي تعرضه "
عربي21" لفتت المجلة البريطانية إلى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعكس أن الشعب الأردني خائب الأمل من جراء السياسات المتبعة في البلد، وأن ذلك ينعكس بطبيعة الحال على الوضع السياسي.
وأشارت المجلة إلى أن
الملك الأردني تفاخر أمام هيئة الأمم المتحدة في نيويورك بخصوص الانتخابات في الأردن التي تمت في 20 أيلول/ سبتمبر، إذ قال: "هذا انتصار حقيقي للتطور على الدوائر"، ولكن الكثير من الأردنيين "يفكرون عكسه تماما".
وأوضحت ذلك بالإشارة إلى أن نسبة التصويت تراجعت إلى 37 في المئة، إذ إنها كانت 56 في المئة في الانتخابات السابقة. وهذا رغم حملة الدعاية الكبيرة، وحقيقة أن الإخوان المسلمين شاركوا فيها لأول مرة منذ تسع سنوات.
ولفتت إلى أن نسبة التصويت في أجزاء من العاصمة عمان، بلغت فقط 20 في المئة ممن يحق لهم الاقتراع.
وأضافت أن نسبة التصويت المنخفضة هي إشارة إلى أن الكثير من المواطنين اعتبروا الانتخابات مضيعة للوقت.
وأوردت أن الملك عبد الله عاد وعين بسرعة الحكومة ذاتها التي لم تنتخب أبدا، مع تغيير بسيط فقط.
تمرير قرارات
أضافت المجلة إلى ذلك كله، أن الدولة الأردنية بذلت الجهود لتمرير عدد كبير من القرارات، التي تصفها بأنها "حكيمة"، ولكنها لا تحظى بالشعبية، مثل شراء الغاز من إسرائيل وتغيير المناهج التعليمية، "عن طريق إخراج الآيات القرآنية التي تثير إشكاليات"، وفق تعبيرها.
ووصفت المجلة الأردن بأنها تعد "معقلا للغرب.. منذ تمت إقامتها على يد بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى"، وفق ما أوردته.
ونشرت أن الأردن تعد "سهما بين جاراتها المشتعلة"، مضيفة أنه "منذ تغيرت وتحولت من أرض صحراوية قفراء يتنقل فيها البدو، إلى دولة عربية مليئة بالسكان، توجد في الأردن علامات الضغط".
وقالت إن الأردن تحارب في المجال الاقتصادي والمجال السياسي، مضيفة أن "الأردن الصغيرة والشجاعة تملك بعض مميزات الأنظمة القمعية المحيطة بها".
غياب المعارضة
ولفتت المجلة إلى أن الحال المتردية تأتي في ظل غياب معارضة أمينة، ليبدأ الأردنيون في البحث عن طرق روتينية أقل من أجل إسماع صوتهم.
ففي جميع أنحاء المملكة، خرج المتظاهرون إلى الشوارع، ونددوا باتفاق الغاز والإصلاحات في المناهج التعليمية، رغم وجود الشرطة.
وأضافت أنه نظرا لأن الإخوان المسلمين هم خانعون في نظر الكثيرين ومنقسمون، فهناك علامات على أن من يشعرون بالامتعاض، يجدون طرقا "أكثر تطرفا" للتعبير عن غضبهم، وفق ما ذكرته المجلة.
وزعمت المجلة أن أعلام تنظيم الدولة ترفرف في السلط، وأضافت أن هناك جهات أخرى تهدد الهدوء في المملكة، وأن الجريمة تتعاظم.
وأشارت إلى مقتل الكاتب الأردني اليساري، ناهض حتر، في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، على درج المحكمة في عمان، قبل النقاش حول الاتهامات ضده، مثل انتهاك حرمة الخالق.
أما في المناطق القروية، حيث تعدّ الانتخابات استعراض قوة للعشائر، فقد احتك الخاسرون مع الشرطة وأغلقوا الشوارع.
وأشارت المجلة أيضا إلى "صناديق الاقتراع التي سرقت"، وهو ما أكدته البرلمانية السابقة هند الفايز، المرشحة التي اتهمت وزير الداخلية بالفساد، ولم تفز بالانتخابات.
وقد قدمت الفايز دعوى قضائية تدعي فيها أن هناك تزويرا في الانتخابات. ولكن بحسب أقوالها، فإنه حتى لو اختلفت النتيجة، فهي لم تنتخب للمجلس المحلي.
وبحسب المجلة، فإن هناك أيضا ساسة خائبي الأمل آخرين، يرفضون طريقة الانتخابات.
وأضافت أن دول الغرب التي تساعد الأردن تقلل من أهمية التوتر. فإن أحد الدبلوماسيين وصف ذلك قائلا بأنها مجرد "نقاط احتكاك صغيرة". لكنْ، هناك آخرون يتساءلون بعد أربع سنوات من البقاء في عاصفة الربيع العربي، كيف أن الدولة بدأت بالاهتزاز.
صعوبات اقتصادية
وإضافة إلى الصعوبات السياسية، فإن هناك صعوبات اقتصادية. فالنمو تراجع بمعدل 2 في المئة، وزاد الدين العام منذ الربيع العربي ووصل إلى 93 في المئة من الناتج الخام.
إضافة إلى ذلك فإن جزءا من اتفاق القروض مع صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يفرض ضرائب جديدة في المستقبل القريب ويؤدي ذلك إلى ازدياد سعر المياه والخبز.
وأضاف إلى ذلك التدفق الكبير للاجئين من سوريا، الأمر الذي فاقم الصراع على أماكن العمل والموارد.
وقالت إن "المشكلات الاقتصادية في دول الخليج الغنية، خصوصا السعودية، ستزيد من المشكلات الاقتصادية في الأردن".
وهناك تراجع كبير في المساعدات والسياحة والاستثمار والأموال التي تصل من الخارج (التي تشكل 14 في المئة من الناتج المحلي الخام).
ونقلت عن سمير الطويل، وهو وزير الاقتصاد السابق، أن "الاقتصاد في الأردن يعتمد على المساعدات الأجنبية، ولا يمكننا النماء دون ذلك".
وقالت: "سنوات من ارتفاع الأسعار وتقليص الدعم الحكومي سحقت الطبقة الوسطى في المملكة".
وتابعت بأن "عمّان التي يعيش فيها نصف سكان الدولة، هي العاصمة الأكثر غلاء في العالم العربي، والأجور فيها هي الأدنى. والتقليص في التعليم والخدمات الصحية يزيد الطين بلة".
وختمت بالقول: "إن منظر الملك الودود الذي يتعرض للضغط يفرض على الدول الأجنبية المانحة للأردن زيادة الأموال التي تقدمها. مضيفة أن "الأردنيين شعروا بأن العاصفة الإقليمية لم تؤثر عليهم، والآن هم قلقون مجددا، ويخافون من أن حدودهم ليست محمية كفاية، وكم ستكون قوة التأييد للمقاتلين إذا جاءوا".