أثار مشهد الدكتور محمد البلتاجي مع والدته في المحكمة شجونا كثيرة تأثرا بمشهد الأم والابن في اللقاء الأول منذ ثلاث سنوات. ووالدة البلتاجي ليست الضحية الوحيدة في الحصار المفروض على الأمهات المصريات بسبب أبنائهن المعتقلين أو المتهمين في قضايا سياسية.
رغم أن معاناة البلتاجي تمتد إلى فقد ابنته أسماء وعدم السماح له برؤية أبنائه أو زوجته. فلدينا عدة أنواع من الأمهات المحاصرات في مصر الآن بسبب الوضع السياسي واللاقانوني الشاذ.
الفئة الأولى هي الأمهات الممنوعات من السفر بغير قرار رسمي أو اتهام ولكن فقط لأن الزوج أو أحد الأبناء متهم في أحد القضايا السياسية. هؤلاء الأمهات محرومات من رؤية أبنائهن في الخارج والذين لا يستطيعون العودة أو زيارة مصر لأنهم مهددين بعدم السفر مرة أخرى بسبب قرارات غير رسمية أيضا تطال حتى غير المتهمين في أية قضايا.
لا أحد يدري من أعد هذه القوائم ولا الجهة التي تنفذها في المطارات والموانئ وبالتالي لا سبيل للطعن القانوني المباشر عليها. وحتى إذا تمكن بعض المحامين من استصدار حكم بإلزام الداخلية بتنفيذ القرار السلبي بمنع البعض من السفر دون حجة قانونية، تتعنت جهات ما في المطارات والموانئ في تنفيذه. وبالتالي تظل الأم والأبناء في انتظار المجهول ترقبا للقاء لا يأتي سنة تلو أخرى.
أما الفئة الثانية فهن الأمهات غير القادرات صحيا على تحمل مشاق زيارات السجون والتي تتطلب الوجود أمام السجن منذ ما قبل السادسة صباحا في سجن العقرب مثلا وانتظار ما يزيد عن ست ساعات في ظروف غير آدمية أو قطع مسافات شاسعة تمتد لأكثر من اثنتي عشرة ساعة لأسر سجناء الوادي الجديد.
ولا توجد أية وسيلة لتيسير الزيارة على هؤلاء الأمهات بسبب ظروفهن الصحية أو توفير بعض الإمكانات لرؤية أبنائهن. فتبقى الأم تتلمس أخبار ابنها عن طريق بعض الأشقاء أو الزوجة من دون القدرة حتى على كتابة خطاب أو إرسال صورة، فكلها ممنوعات على السجين السياسي.
وتقع الطامة الكبرى حين تمرض الأم ويتوفاها الله ولم تحقق أمنيتها برؤية ابنها ويبكي نجلها قهرا وهو محروم من أخذ عزاء أمه.
والفئة الثالثة هي الأمهات اللواتي يتعرضن للاعتقال في ظروف مختلفة بسبب أبنائهن.
فقبل أسبوعين فقط عقدت بعض الأسر في محافظة المنوفية مؤتمرا صحفيا في مدينة شبين الكوم للمطالبة بحقهن في زيارة أبنائهن وإيقاف التعذيب وإدخال الملابس والطعام لهم.
فما كان من قوات الأمن إلا أن داهمت المكان وألقت القبض على كل الموجودين وهم خمس سيدات مع بعض الناشطين والمصور الصحفي محمد فرج النجار بحسب التنسيقية المصرية للحقوق والحريات.
هذه بعض نماذج على سبيل المثال لا الحصر تجسد معاناة عشرات الآلاف من الأمهات في مصر. يضاف إليها فئات أخرى من الأمهات يعانين باستمرار مع الزيارات شبه المستحيلة والعراقيل الإدارية والأمنية في إدخال الملابس والأطعمة لأبنائهن في المعتقلات المختلفة.
هذا بالإضافة إلى قلقهن الدائم على أبنائهن الطلاب في مراحل التعليم المختلفة وظروف تحصيلهم العلمي، إذا أتيحت لهم أصلا فرصة الدراسة وأداء الامتحانات خلف الأسوار.
إن سياسة عقاب الأمهات بشكل مباشر وغير مباشر تأخذ أشكالا مختلفة يصعب حصرها بدقة في مثل هذه الظروف. وهناك قصص يشيب لهولها الولدان، ويبدو أن ضريبة بوح الأمهات فادحة فيؤثر كثير منهن الصمت خوفا على سلامتهن وسلامة ذويهن.
وما يتسرب لوسائل الإعلام ربما هو القليل منها كهذا الذي نشر قبل شهرين حين حاولت عربة ترحيلات دهس أمهات المعتقلين القادمات لزيارة أبنائهن في سجن برج العرب في مدينة الإسكندرية.
1
شارك
التعليقات (1)
سعيد
الإثنين، 09-01-201710:46 ص
اين شعب مصر لماذا كل هاذا الخوف و كل هاذا الجبن يقودكم عسكري جاهل لا يستطيع قراءة خطاب مكتوب و زد كاذب و مجرم
يسومكم سوء العذاب يذبح أبناءكم و يعتقل نساءكم و يقتل شبابكم حياة كلها ذل
فلا عاش في مصر من خانها و استعبد عبادها اكثر من فرعون الاول