مدونات

الشعبوية الأردنية والراديكالية الأمريكية

سليمان العمري
سليمان العمري
تنامت المخاوف في الآونة الأخيرة من صعود التيارات الشعبوية، خصوصا الفترة التي تلت فوز الرأسمالي المحافظ دونالد ترامب بفترة الرئاسة الأمريكية الجديدة بعد الرئيس المثير للجدل باراك أوباما بازدواجية آرائه وتصرفات إدارته بالتعاطي مع الملفات الدولية بشكل أساسيّ.

نعم، فالرئيس الأمريكي كان على قدر عال من الذكاء، واستغل أزمة فقدان الثقة التي تملكت المواطن الأمريكي تجاه مدرسة صنع القرار في المعسكر الليبرالي الذي يمثله الرئيس باراك أوباما.

ترامب الذي، وإن عَرَّفناه كرأسماليّ، لا نخطئ، ولكن في الوقت ذاته لا نصيب، فترامب، شاء من شاء وأبى من أبى، امتطى صهوة جواد الشعبوية بشعارات تنعت بشيء من الشعبوية، فمرورا ببناء الجدار على الحدود الجنوبية "Build a wall along the southren border" أو إبعاد المسلمين من جهة أو بناء قواعد بأسماء مسلمي الولايات المتحدة "Ban Muslims or creat a database of Amircan Muslims" أو حتى منع اللاجئين السوريين من الدخول للبلاد وطرد من دخلوها أصلا
Bar Syrian refugees from entering the countr and kick out any who are already living here
وغيرها الكثير الكثير هو المعنى الحرفي للراديكالية، وإلصاقها بالإسلام، بالرغم من معرفتنا جميعا بأن هذا المصطلح يوجد بشكل واضح ومتجلّ في معظم الأحزاب اليمينية المتصوفة والمقتربة من الأصولية.

فمن غير المنطق أن ينعت كل الإسلام بالراديكالية "Radicalism " ولا ينعت ما حصل في المجتمع الأمريكي في الانتخابات السابقة بالراديكالية، فالديمقراطية الشعبية حينما تقوم بوأد ديمقراطية النخبة، وهنا نخص بالقول بأن النخبة الأمريكية هي طبقة حصيفة وممارسة للديموقراطية ولها ما لها في بناء دولة أقل ما توصف بالعظمى. 

وبالمناسبة، فقد شهدت الولايات الأمريكية حالة من الراديكالية الشعبية، وبرزت مشكلة كبرى في منتصف القرن التاسع عندما جاء عدد لا بأس به كمهاجرين صينيين جدد الأمر الذي دفع الأمريكيين من الجيل المولود على الأرض من مكافحة هذه الهجرة، ونجحوا في العام 1882 باستصدار قانون استثناء الصينيين وحدهم، وما يجدر ذكره أنه التشريع الوحيد الذي صدر بهذه القسوة. وحدث ولا حرج أمام أصولية الفرنسيين وعدائهم لليهود في القرن التاسع عشر، وعدائية اليمين المتطرف في هذا العصر الحالي للمسلمين في أوروبا.

لكن، وبالعودة إلى نظام ترامب فهو اليوم نظام جديد له منتقدوه في الداخل والخارج، وله أيضا من يؤيده في الداخل والخارج. ولنكن واقعيين، فهو نظام يصح القول عنه بأنه نظام يريد العودة بمجرد لبلد فقدت بعض من مجدها والكثير من بريقه فالدولة لا زالت الأقوى ولكن بريق الهيبة قد اضمحل وبان ما تحته من معدن، ولنكن منصفين فليس منا وأقول كلنا إلا ويتمنى أن يعيد مجدا دفين أو الدفاع عن مجد قائم.

لكن الجزء الأخطر والذي يروج إليه، هل كل الدول تستطيع القبول أو احتمال نمو التيارات الشعبوية!! وهل كل الدول تستطيع التغيير بمثل هذه الحركات!!الحالة الأردنية شهدت ظهورا لمثل هذه التيارات تمثل فيما عرف بتيار المتقاعدين العسكريين والذي إذا لم تمني الذاكرة كانت بدايته في نهاية العقد الماضي وبداية العقد الحالي، أي في العام العاشر بعد الألفية الثانية 2010، ولم يستطع حينها أحد أن يشكك بمثل هذا التيار المزيج، فقد غطى كافة فئات المجتمع فهم إسلاميون ومسيحيون، وطنيون أو وطنيون معارضون، وميسورين أو فقراء وبذا كان نسيجه الفسيفسائي فريدا عبر كل مكان وفي كل زمان، فلم يلحظ التاريخ للآن هذه الحالة الفريدة من الأحزاب الشعبية بالمطلق، وإن كان لنا أن نأتي على كثير من منظري هذا النوع من التيارات -أقصد هنا التيار الشعبوي- لكان الحق بالقول أن هذا مصطلح جاء على مقاس تيار المتقاعدين العسكريين.

لكن نلاحظ اندثارا شبه كلي لهذا التيار وزوالا غريبا لاستمراره ولعل السبب في ذلك كان نقص الاستشارة القانونية في هذا التيار أي أنه كان بشكل أو بآخر بحاجة لانضمام عدد من القضاة المدنيين المتقاعدين إلى صفوفه ليستطيع الوصول إلى الضغط على الحكومة يكبح جماح الفساد الذي استشرى بأجهزة الدولة لا سيما الرقابية منها. وبتركيزنا على الحالة الأردنية خطأ كبير فالبلد جزء من أمة وطن عربي كبير لا ينفصل ولا يستطيع الانسلاخ عنه، لكن الحالة الأردنية لا تختلف عن العربية بأحد أهم الصفات الجامعة لدينا هو أن العرب وللأسف امتهنوا مهنة دور الضحية فنسجنا أن الأمم تضيع كل وقتها للتخطيط لإفشالنا وحرق سوقنا وهذا كله عبث في عبث فما اللصوص منهم ولا الفاسدين رضعوا من ضرع نسائهم… 

وبهذا لابد لنا من الحذر مما تنسج أيدينا ضد أنفسنا وللأجيال الشابة في الأوطان والمتعطشة لأن ترى ديمقراطية حقيقة بعيدا عن ثورات شعبية راديكالية لا حمل لنا بها دون بناء مؤسسيّ حقيقي ،دولة المؤسسات والقانون هي البطن الوَلاد لمثل هذا البناء مؤسسيّ النهج 
وشعبويّ الهوى.

رحم الله شهداء الوطن، وحمى الله الأردن، وجعله واحة أمن واستقرار

المهندس سليمان العمري / لوس أنجلوس, الولايات المتحدة
التعليقات (1)
حسني الأسير
الأحد، 15-01-2017 09:04 ص
قد تكون التوصيفات دقيقة جدا بما يخص عن راديكالية الحكومة الأميركية القديمة والشعبوية المفترضة للجديدة، اما ما يخص الحالة الاردنية فما عندي علم لأنني لم ازر الاْردن حتى

خبر عاجل