كتاب عربي 21

بشار الأسد ملكا لبلجيكا

أحمد عمر
1300x600
1300x600
وُلد رئيس جمهورية المصادفة السورية وفي فمه ملعقة ذهب، وفي رقبته حبل من مسد.
إذا كان الطاغية الحاج عيدي أمين دادا، رئيس أوغندا الثالث ملقبا بـ "آخر ملوك اسكتلندا"، وذلك لإعجابه الشديد باسكتلندا ومحاولته الاقتداء ببروتوكولات العائلات المالكة البلجيكية، فيكون واجبا أو مندوبا، أن يلقب صاحب الملعقة الذهبية، بملك ملوك أوربا وسائر الغرب، وبابا الدول الانكلوفونية والفرنكوفونية.. وخود نفس.

أرأيت أدب سفير الفاتيكان الجمّ، وهو يزور الأسد، ويجلس بحضرته مثل التلميذ الذي لم يكتب وظيفته؟ أريت انحناء دي مستورا لبشار الأسد، وكأنه سفرجي القصر الجهوري؟ وأيم الحق، لم أرَ وزيرا سوريا ينحني للأسد تلك الانحناءة، التي لم نرها سوى في مراسيم أفلام ملوك أوربا الصارمة في القرون الوسطى؟ " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل"؟ سترى فعل ربك بأصحاب الزرافة أيضا إن شاء الله؟
 
ذكر تقرير العفو الدولية عن جرائم سجن صيدنايا، أنّ أوزان المعتقلين كان خفيفة، بحيث لا تكفي لإعدام أرواح أصحابها، من التجويع، فكان الجلادون يتعلقون بالأجسام الناحلة، وهو ما يسمى "بالتثقيل" في مفاضلة الشهادة الثانوية العامة، والتثقيل سببه الرئيسي هو تفوق السوريين، وكثرة النوابغ في الشهادة الثانوية، وقلة المقاعد في الكليات العليا وحشة الطريق! وكان هناك نوع من التثقيل اسمه العلامات النضالية، أما التثقيل الطائفي، فكان قانونا سريا، لقد جَعَلنا بشار الأسد، يا أخا ثمود وعاد، فوق ظهر القمر من خفة الوزن، إنسانيا، لا نخضع لقانون الجاذبية الأرضية. الشعب السوري صار شعبا يصعد إلى السماء من غير المرور بحواجز رأس الرجاء الصالح، وأمسى في باطن الأرض من فقد الحرية وكثرة القيود، في الرقاب والأقدام.

أمسى السوري يتيم الكوكب وشرير الأرض، بفضل "المسؤولية" والولاية التي تولاها الأسد وصار بها لاعبا دوليا.
 
وبسبب تقرير متأخر لمنظمة الظلم الدولية، الأميرة البيضاء التي استيقظت من نومها مع غروب شمس الشعب السوري، ظهرت برامج تلفزيونية على الجزيرة والعربية وغيرها، تُذّكر جماهيرها بشهادات أدبية من السجون السورية على شكل روايات ونصوص، أو أدب اعترافات، لا تصلح سياسيا سوى للتسلية، والسبب هو أن الدول الأوربية، قامت بتطبيع القتل على يد الأسد، حتى صار خبرا من النوافل، يغلبه خبر حمل دب الباندا في الجاذبية والأثر!
 
والد صاحب الملعقة الذهبية، والرقبة الملكية، كان يعرف أنه يصعب، بل يستحيل عليه أن يرضي شعبا عنيدا بالحب والديمقراطية كالشعب السوري، "نصفه أنبياء ونصفه زعماء" كما وصفه يوما شكري القوتلي، فعمل على إلغاء قانون الجاذبية الأرضية فيها، منذ أن تَوَلَّى? كِبْرَهُ، وتولى المسؤولية الذهبية، لم تعد سورية تخضع لقانون الجاذبية الأرضية، أو صار قانون نيوتن في العطالة يعمل بالعكس: السوري في سوريا له وزن فيل، تصعب عليه الحركة والسفر والتنقل بعامة، إلا برعاية الفروع الأمنية، التي زرعت كالمجسات في جسم الجمهورية السورية، ورُخَصِها، فما لا يأتي بالحب يأتي بالخوف، الخوف أقوى من قانون عطالة نيوتن، وأسرع إجابة من الحب بما لا يقاس!

الطغمة الطائفية الحاكمة، كانت تعاني من مرض السادية الطائفي، وكانت تتطهر من مرضها بتعذيب السوري المعارض، والشعب السوري بمعظمه معارض، وترضى من السوري في الشارع بالتصفيق وإظهار الولاء. والتعذيب رمزيا " العنف الرمزي" بنشر تلك الشعارات المرعبة في الشوارع ودوائر الدولة، أما في السجون، فكانت تتسلى وتستمتع بقتل السوريين تحت التعذيب، فيما يمكن أن نسميه قتل المتعة، مثل "زواج المتعة". كان نظاما يعيش على رياضة التعذيب، كأن شعار الأسد الحقيقي المقلوب عن قوله: إني أرى في الرياضة حياة هو: إني أرى في التعذيب حياة.
 
لم يحدثنا جلاد سوري حتى الآن عن مشاعره. ظهر كثير من رجال المخابرات السنة على برنامج "تغيرنا" في الأورينت وبعض الفضائيات، لكننا لم نسمع اعترافا من أحدهم بالقتل والتعذيب. لم يكتب جلاد سوري حتى الآن سيرته وتجربته مع المعتقلين، صحيح أن طلاس روى بعضا من بطولاته، بتوقيعه على قرار إعدام عشرات الآلاف المعارضين، كان الرجل ما يزال يتابع رياضة التعذيب والتباهي بالقتل. لم يروِ قصة القوقعة المقلوبة عنصر من المخابرات بعد. الجلاد السوري حتى الآن بلا رواية. كان تنظيم النظام السوري يعترف في بداية الثورة بأخطاء فردية، لكنه الآن يعتمد على سردية وحيدة، من كلمة واحدة هي "المؤامرة"، يزعم فراس رفعت الأسد في صفحته أنه منشق عن العائلة، لكن اغلب الظن أن عداءه هو لفرع الأخوال من عائلة الوحوش فلم يذكر أباه رفعت الأسد الذي نهب سورية وارتكب مذابح حماة حتى الآن بسوء.
 
كان القانون الثاني غير قانون قتل المتعة في سورية هو إنكار الجريمة فهو ما يزال ينكر كل شيء: البراميل طناجر أما صور التعذيب فهي فوتوشوب وصيدنايا هي منتجع.

أن الكائن الطائفي الحاكم لم يكن يصدق أنه استطاع تقييد العملاق السوري الذي كان يرهبه، فكان يؤكد لنفسه بالتعذيب تأكيدا وزيادة في التخويف، كان القتل والتعذيب هو مسكن يومي لخوفه من الشعب. حسب المقولات الفلسفية فأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعذب أو يتعذب، الأوربي الحاكم في الغرب تطور وارتقى وأَنِف من التعذيب فكان يوكل بالتعذيب الحكومات العربية، ماهر عرار مثال شهير، أما  جماعيا فقد منح الغرب الشرعية لحكام يعذبون شعوبهم مثل السيسي والأسد وسواهما، وهو يسعى إلى تولية حفتر المتقاعد وإعادة علي صالح وهناك تعذيب نشط في دولة خليجية اشتهرت بارتفاع ناطحات السحاب فيها.

كانت ولا تزال فروع الأمن السورية تتبلع البشر مثل الثقوب السوداء التي تبتلع الكواكب، وهي ابنيه معزولة في المدينة بسواتر خرسانية غالبا، هي مستوطنات عقاب إذا استعرنا عنوان رواية فرانز كافكا، وكانت المعتقلات مثل أحواض بيع السمك يصيد منا السجان السمكة البشرية المطلوبة برقمها ثم يقتلها للمتعة.
 
الفرق بين أصحاب الأخدود وهم قوم مؤمنون ذبحوا على أخدود أنهم قتلوا بسرعة أما المعتقلون السوريون فكانوا يقتلون ببطء للتطهر والارتقاء الوحشي ، ولا تخلو حارة سورية من معتقل وشهيد، كان إطلاق سراح اليساريين من المعتقلين هو لبث الذعر في المجتمع أو لتعميم وتطبيع الشعب على الخوف. 

أصدر العفو الدولي تقريره وبعد أن استتب التطبيع مع المقتلة السورية، وصرنا نرى  مشاهد القصف بالبراميل والكيمياء كل ساعة، فلا يتأثر أحد.

كل هذه مقدمة للقول إن الأسد أصله بلجيكي مثل عيدي أمين الاسكتلندي.
 
كنتُ أتمنى أن يجادل الوفد الإعلامي البلجيكي الأسد في قانون توليه رئاسة سوريا بالمصادفة لمدة تقرب من ثلاث دورات رئاسية حتى الآن، وارتقى من طبيب في العيون إلى ملك بلجيكي، وأن يذكر له الوفد اسم الدولة السورية الفني غير الرسمي في عهد أبيه: وهو "سورية الأسد"، وأن يذكر له وقد أنكر أن تكون عائلته تملك سورية نائب الرئيس رفعت الأسد الذي لا يزال نائبا، وأن يذكر له النائب إسماعيل الأسد وثروته ، وتشبيح فواز الأسد وهلال الأسد والتهريب والحشيش وسليمان الأسد وبقية العائلة الطاهرة،  لكن الوفد اقتنع بالمصادفة، وكانت المقابلة التلفزيونية مسامرة لحبيب الغرب الذي بنى سورا من الخوف أقوى من سور الصين أمام الشعب السوري. 

كلما صدر من الغرب تقرير فيه صواب بادر أحد أعضائه إلى التكفير عنه بزيارة تلفزيونية تفكُّ بها رقبته الساحرة.
1
التعليقات (1)
المصرى أفندى
الثلاثاء، 21-02-2017 08:07 م
الأستاذ أحمد عمر المحترم .. أحسنت وشكرآ جزيلآ