سياسة عربية

مفتي القاعدة السابق: الغرب لا يريد نصرا حاسما على "الإرهاب"

أبو حفص الموريتاني: كلما اشتدت ما تُعرف بالحرب على الإرهاب تنتشر أفكار الغلو والتشدد طه العيسوي- أرشيفية
أبو حفص الموريتاني: كلما اشتدت ما تُعرف بالحرب على الإرهاب تنتشر أفكار الغلو والتشدد طه العيسوي- أرشيفية
قال مفتي تنظيم القاعدة السابق، محفوظ ولد الوالد، المعرف بـ"أبي حفص الموريتاني" إن ما يقوم به التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبعض الجماعات الأخرى هو "جزء مما يعرف بالحرب على الإرهاب، التي أثبتت عمليا أنها ليست فاشلة فقط في مقاومة هذه الظاهرة، وإنما في الحقيقة هي وقودا لها".
 
وأضاف في مقابلة خاصة مع "عربي21" :"كلما اشتدت هذه الحرب في شراستها وإجرامها، انتشرت أفكار الغلو والتشدد، ووُلدت جماعات جديدة أكثر غلوا من التي قبلها، واتسعت دائرة نفوذ هذه الجماعات وازداد عدد المنتمين إليها، وازدادوا غلوا وتشددا في أفكارهم، واتسعت رقعة ومساحة سيطرتهم".
 
واستطرد قائلا:" هذا ما رأيناه واقعا، فحينما شُنت الحرب على أفغانستان لم يكن في الحقيقة من الجماعات التي توصف من قبل الغرب بأنها إرهابية إلا تنظيم القاعدة، وكان موجودا فقط في أفغانستان".
 
وأكد أنه "بعد مرور 15 عاما على ما تسمى بالحرب على الإرهاب وجدنا أن الجماعات انتشرت واتسعت رقعة سيطرتها ونفوذها، وأصبح التنظيم الواحد له فروع في أماكن مختلفة وبلاد شتى وقارات عديدة، وبلغ الأمر أنه أصبح لتنظيم واحد من هذه التنظيمات ما يشبه دولة قائمة، وإن كانت غير معترف بها، إلا أن مساحتها واسعة، وهي أكبر من مجموعة دول أخرى موجودة في المنطقة، وبها عدد سكان أكثر من عدّة دول مجتمعة".
 
وذكر "أبو حفص"، الذي كان سابقا أحد أهم الرجال المقربين من زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، أنه "ثبت عمليا أن هذه الحرب هي حرب فاشلة في تحقيق ما تعلن من أهداف، والغربيون يدركون ذلك، لكن لهم أهداف من هذه الحرب تختلف عن  الأهداف المعلنة".
 
وتابع:" من السذاجة أن نصدق أن الغرب يريد القضاء التام على الظاهرة التي يسميها بالإرهاب، أو أنه يريد نصرا له ولحلفائه ضد هذه المجموعات بحيث لا يبقى لها أي وجود. إن الغرب يريد لهذا الصراع والنزاع وهذه الفتن والحروب أن تستمر لأكثر من هدف، وأهم هذه الأهداف استمرار استنزاف الأمة الإسلامية في احتراب داخلي فيما بينها".
 
وأردف:" من هذه الأهداف كذلك، أن تظل الأنظمة والحكام في المنطقة بحاجة مستمرة ودائمة إلى الغرب، يلجؤون له ويستقوون به ضد هذه الجماعات، ويبذلون له أموالهم، ويقدمون له التسهيلات المختلفة مقابل ذلك".
 
وقال:" ومن هذه الأهداف أيضا، أن يظهر الإسلام في هذه الصورة المشوهة التي تقتل على غير بصيرة، وتُدمر وتُكفر وتُفجر، وتستغل هذه الأحداث والممارسات والأفكار في تشويه صورة الإسلام، فهو يريد أن تبقى الأمة منشغلة في هذه المعارك البينية عن معركتها الكبرى والحقيقية التي يجب أن تكون مع إسرائيل، وهذا ما حصل بالفعل".
 
وأضاف:" وفي الوقت الذي يريد فيه الغرب استمرار هذه الظاهرة، فإنه لا يريد السماح لها بالانتصار، بل يريد أن تستمر هذه المعركة وتلك الفتن والحروب، لكن تستمر تحت سيطرته، فهو لا يريد نصرا حاسما ينهيها، وفي نفس الوقت لا يريد أيضا لهذه الجماعات أن تتمكن وتسيطر، لأن ذلك يشكل خطرا عليه وعلى حلفائه في المنطقة".
 
وأردف:" وعندما نقول مثل هذه الكلام لا يجوز أن يُفهم منه أيضا أن هذه الجماعات عميلة للغرب، أو أنها تعمل بإرادة الغرب وتوجيهه، فجماعة مثل تنظيم الدولة مثلا رغم تصرفاته الخرقاء، وسياساته الجهلاء، وممارساته الحمقاء، لا يصح القول أبدا إنه عميل للغرب، أو أنه يفعل هذا تنفيذا لسياسات وأجندات خارجية، فهو يفعل ذلك لأنه مقتنع به، ولكن الغرب يوظف هذا الأمر حتى يحقق من خلاله الأهداف التي ذكرنا بعضها".
 
وأكمل:" وهناك أهداف جديدة للحرب على ما يسمى الإرهاب التي انضم لها مؤخرا بعض الحلفاء الإقليميين والمحليين، وهي أهداف ذات أبعاد وخلفيات دينية، ومذهبية، وطائفية، وعرقية، وفي مقدمة هذه الأهداف ضرب واستهداف كيان أهل السنة، وخاصة العرب منهم في قلب العالم العربي والإسلامي، وما يجري في العراق، وسوريا، واليمن - وقد يحدث قريبا في البحرين وغيرها- يأتي في هذا السياق".
 
واستطرد "أبو حفص" قائلا:" المؤلم والمؤسف أن أنظمة الحكم في بعض الدول العربية والسنية مشاركة بحماسة في تنفيذ هذا المشروع الخطير التي يستهدفها في النهاية، وكأنها لم تتعظ بنتائج دعمها لغزو العراق، وما ترتب عليه من كوارث ومصائب ما زال أهل السنة في المنطقة يدفعون ثمنها إلى اليوم".
 
وذكر:" انضمام الروس، وإيران، والعراق ومليشياتهما الشيعية، والعلمانيين الأكراد، وبعض القوى العلمانية الأخرى، وحتى بعض الديانات القديمة التي كانت مندثرة، وإحياء بعض القوميات التي كانت ميتة في سوريا والعراق، ودخولهم في هذه الحرب، ليس عبثا على الإطلاق، فهذا كله تم تحريكه، وتجييشه، وتمويله، وتدريبه، وتسليحه، من أجل استهداف أهل السنة في المنطقة".
 
وتابع:" هذا واضح إذا تأملنا ما يجري في سوريا والعراق، فمن العجيب أن إيران تقود تحالفا يشرف على تصفية أهل السنة في الموصل يدعمه التحالف الدولي، وإيران تشرف أيضا على تصفية أهل السنة في سوريا بدعم من الروس، وهذا أمر مخطط ومدبر".
 
وقال:" هذه الحرب ضد تنظيم الدولة وغيره من الجماعات قد تنجح في تقليص المساحة التي يسيطر عليها التنظيم، وقد تنجح في استعادة مدينة أو محافظة، وربما حتى تنجح في إخراج التنظيم من المدن الكبرى، مع أنها حرب شاقة ومكلفة جدا، فالتنظيم حتى الآن على الرغم من كل المعارك والحروب، وتعدد القوى الدولية التي تحاربه لايزال محتفظا بعاصمتيه (الرقة في سوريا والموصل في العراق) ومناطق عديدة أخرى، مع أن التحالف الدولي كان قد أعلن أن عام 2016 سيشهد نهاية التنظيم والقضاء على سيطرته في المنطقة، إلا أن هذا التنظيم لازال يقاوم بقوة وشراسة".
 
ورأى "أبو حفص" أن السبب الرئيس وراء جاذبية تنظيم الدولة لكثير من الشباب المسلم، وتعاطف بعض العوام معه، وتماسكه حتى الآن، ليس كونه جيدا كما يريدون، ولكن لأن التحالف الدولي الذي يحاربه أسوأ منه، كما يقولون.
 
واستطرد، "مفتي تنظيم القاعدة السابق"، قائلا:" ولكن حتى لو افترضنا أن تنظيم الدولة أُخرج من عاصمتيه، ولجأ إلى الجبال والصحاري والأرياف، فهذا لا يعني أنه انتهى، بل قد تكون بداية مرحلة من جديدة من عصر الغلو أشد من كل المراحل السابقة".
 
وأضاف:" لقد وصل التنظيم من قبل لمراحل أشد بؤسا من ذلك، ففي سنة 2010 قتل أمير التنظيم آنذاك أبو عمر البغدادي، وقتل معه نائبه ووزير دفاعه أبو حمزة المهاجر، ولم يبق من التنظيم إلا مجموعات متفرقة، وفقد سيطرته على كل المناطق الرئيسية، ولجأ ما تبقى من أفراده إلى البراري والصحاري، ومع ذلك استطاع خلال فترة وجيزة نسبيا أن يجمع صفوفه ويقوم بحملات فاجأت العالم استعاد خلالها ما خسره من قبل، وأضاف إليه مدنا ومحافظات كبرى في كل من سوريا والعراق، كما بايعته جماعات أخرى في عدة دول وقارات، ونفذ عددا من أشرس وأخطر هجماته في أنحاء مختلفة من العالم".
 
"أبو حفص" الذي يصفه البعض بأنه كان الرجل الثالث في تنظيم "القاعدة"، شدّد على أن "القضية قضية فكر، وكل الممارسات التي تُجري ضد المسلمين بصفة عامة وأهل السنة بصفة خاصة تنتج هذا الفكر الذي يخرج في كل طبعة جديدة أشد غلوا وعنفا، وأكثر تطرفا وشراسة في مقاومته ورفضه للواقع الذي يريد الآخرون أن يفرضوه عليه".
  
وفي سياق آخر، رأى "أبو حفص" أن انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة عام 2016 كان تطورا مهما عرفته القاعدة، حيث لأول مرة ينفصل فرع بهذا الحجم والقوة والمكانة والفعالية من التنظيم الأم، وكان انفصالا موفقا ومهما، لأنه تم بالتراضي، ولم يكن انشقاقا أو عصيانا أو عن خلاف، وكان هذا من أهم الأحداث التنظيمية التي عرفتها القاعدة في هذه المرحلة".
 
وأضاف:" قرار الانفصال عالج خطأ وقعت فيه الجبهة منذ البداية، وهو إعلان مبايعتها للقاعدة، لأن هذه المبايعة جلبت الكثير من المتاعب للثورة السورية وللجبهة نفسها، حتى أن مؤيديها ومحبيها وعناصرها من التنظيمات الأخرى كانوا يجدون حرجا في التنسيق والتعاون معها ضد النظام وحلفائه، ناهيك عن الانضمام والاندماج، لسبب معروف، وهو أن اسم القاعدة حيثما وُجد يكون ذريعة لضربه وضرب من معه وحوله، وفرض عقوبات وملاحقات وتضييقات نعلمها جميعا".
 
وأكمل:" أظن أن القاعدة الأم وجبهة النصرة كانا موفقين في قرار الانفصال، وإن كان في الحقيقة لم تترتب عليه آثار عملية كبيرة، لأن العالم لا يريد تشجيع أي خطوة تقلل من الأهداف التي يجب أن تضرب بحجة محاربة الإرهاب، فاسم الجبهة لم يُرفع من قائمة المنظمات الإرهابية، والعقوبات لازالت موجودة، وقياداته لازالت تُستهدف، ومواقعه لازالت تُضرب. لكن قُطعت الذريعة التي كان يتذرع بها الذين يحاربون التنظيم ويحاربون من يسعون للتعاون أو التقارب معه من الفصائل السورية".
التعليقات (1)
عبد الله الموريتاني
الأحد، 19-03-2017 11:58 ص
يقول .... اهم شيئ قُطعت الذريعة التي كان يتذرع بها الذين يحاربون التنظيم لكن لا زال القتل فيهم على اشده !!!! انجاز عظيم ايها المحلل القاعد