ملفات وتقارير

نتيجة صادمة لمعهد عبري عن رغبات هجرة الشباب الإسرائيلي

انعدام الشعور بالأمن يشكّل القوة الدافعة للهجرات اليهودية المعاكسة- جيتي
انعدام الشعور بالأمن يشكّل القوة الدافعة للهجرات اليهودية المعاكسة- جيتي
أثار استطلاع للرأي نشرته الصحافة الإسرائيلية الاثنين، عن نسب صادمة فيما يخص موضوع هجرة الشباب الإسرائيلي ، والأسباب الدافعة لذلك خلال السنوات العشر الأخيرة .

وأظهر الاستطلاع  أن أكثر من ثلث سكان دولة الاحتلال يرغبون في الهجرة لو أتيحت لهم، وهو ما آثار تساؤلات عن الدوافع الحقيقة وراء هذه النسبة الغير مسبوقة.

وبينما يرى محللون أن المخاوف الأمنية التي تعصف بالمنطقة تدفع الإسرائيليين لمغارة البلاد، يرجع آخرون الأسباب لأبعاد اقتصادية أيضا، رغم عدم إغفالهم الأسباب الأمنية.

ووفقا للاستطلاع الذي نشره معهد "ميدغام" الإسرائيلي، فإن 36% من اليهود العلمانيين في إسرائيل يرغبون في الهجرة منها، خاصة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 23 عاما و29 عاما.

وأجري الاستطلاع لصالح مشروع ترعاه وزارة التربية والتعليم والجيش الإسرائيليين، بهدف "إيجاد طرق لخطاب مشترك في المجتمع الإسرائيلي".

 لا يشعرون بالانتماء


وقال مدير المشروع أوري كوهين في تصريحات صحفية إن "حقيقة أن عددا كبيرا كهذا يقولون إنهم سيغادرون إسرائيل لو تمكنوا من ذلك، تدل على أن الكثير من مواطني إسرائيل لا يشعرون بالانتماء للدولة، وهذا معطى مقلق ويحتم علينا جميعا مواجهة هذه القضية الصعبة".

وأضاف أن "معطيات الاستطلاع تدل على وجود مشكلة بالشعور بالهوية، والارتباط والانتماء للشعب والبلاد والدولة لدى جمهور آخذ بالازدياد في إسرائيل وهذا واقع يخلق شرخا وانقساما في المجتمع الإسرائيلي كله".

من جهته قال الخبير في الشئون الإسرائيلية نواف الزرو إن الأوضاع الأمنية في المنطقة ألقت بظلالها على نتيجة هذا الاستطلاع.

وأشار الزرو لـ"عربي21" أن نسبة الذين لديهم استعداد للهجرة المعاكسة باتت في ازدياد "فكلما تصاعدت الأوضاع الأمنية في فلسطين وعموم المنطقة، كلما زادت نسبة الذين يبدون استعدادا لمغادرة الكيان خاصة لو فتحت أكثر من جبهة".

التحدي الديموغرافي 

ولفت الزرو أنه في حرب 2006 التي اندلعت بين حزب الله والاحتلال أعرب 63 في المئة من الإسرائيليين، خاصة الشباب عن استعدادهم لمغادرة الكيان الإسرائيلي، بسبب الأوضاع الأمنية المتردية آنذاك، والتهديد الذي طال كل مناطق البلاد، مشيرا إلى أن هذه سابقة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار في الدراسات الاستراتيجية.
 
ورغم أن استطلاعات ودراسات سابقة أجريت قبل سنوات، ذكرت أن الأسباب الكامنة وراء رغبة الهجرة لدى الإسرائيليين اقتصادية، خاصة في أوساط اليهود الروس الذين قدموا في السابق إلى "إسرائيل" لبلوغ مكاسب مادية، ويرغبون حاليا للهجرة منها للأسباب ذاتها.

وترى دراسة فلسطينية نشرت حديثا أن انعدام الشعور بالأمن يشكّل القوة الدافعة للهجرات اليهودية المعاكسة وليس العوامل الاقتصادية.

ووفق للدراسة التي أعدها الباحث جورج كرزم واطلعت عليها "عربي21"، فإن التحدي الديموغرافي السياسي الكبير الذي سيواجه "إسرائيل" يكمن بقدرتها على الاحتفاظ بأغلبية يهودية مهيمنة بالسنوات القادمة نتيجة تَعاظُم المخاوف لدى الإسرائيليين.

وتعتبر الدراسة أن تراجع عدد اليهود يعود إلى ارتفاع الخصوبة لدى الفلسطينيين في الداخل، ونضوب موارد الهجرة وازدياد الهجرة المعاكسة.

إشكالية وجودية


وطبقا للإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، بلغ صافي الهجرة اليهودية المعاكسة بالفترة (2000-2011) نحو 148 ألفا، أي أكثر من 13 ألف مهاجر سنويا، لكن الدراسة الفلسطينية ترجح أن عدد اليهود الفارين من
"إسرائيل" أكبر بكثير، وأن الاحتلال يتعمد إخفاء العدد الحقيقي.

وتلاحظ الدراسة أنه رغم الدعاية الإسرائيلية الواسعة، لم تستطع استحضار سوى ثلاثة ملايين ومئة ألف مستوطن خلال الفترة من (1948-2012) من أصل إجماليّ يهود العالم البالغ 14 مليونا.

وتؤكد أنه ابتداء من انتفاضة القدس والأقصى (عام 2000) مرورا بحرب لبنان الثانية (عام 2006) تعاظمت عوامل الطرد الديموغرافي من إسرائيل، فأصبحت أعلى من عوامل الجذب إليها، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية، وتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال.

وأشارت الدراسة إلى أن توقعات الإحصاء الإسرائيلي تشير إلى أنه ابتداء من 2020 سيفوق عدد العرب في فلسطين التاريخية عددَ اليهود، لافتة إلى أن الهجرة اليهودية المعاكسة الواسعة لا تعني خسارة أدمغة وكفاءات فحسب، بل تُعتبر إشكالية وجودية.
التعليقات (0)