كتاب عربي 21

رؤية الإخوان.. و"اللي حب ولا طالشي"!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
وكما قال المطرب خالد الذكر، وتعيس الحظ، محمد العربي: "يا ميت ندامة على اللي حب ولا طالشي"، فعندما وصلت إلي "رؤية جماعة الإخوان المسلمين"، قبل ثلاثة أيام من إعلانها، اعتقدت أنها "فاتحة خير"، لأنها تمثل "مراجعات" مطلوبة، وهناك مطلب منذ وقوع الانقلاب من الجماعة بأن تعترف بأخطائها، وتقدم مراجعاتها، وكانت الجماعة ترد على من يطالبون بذلك بأن هذا ليس وقته الآن، وهو رد كان يعتبره البعض مناورة، والحال كذلك فما الذي يضمن إذا قامت الثورة، ألا يكرر القوم الأخطاء نفسها، لاسيما وأنهم بعد ثورة يناير، كرروا ذات الأخطاء التي ارتكبوها بعد ثورة 1952!

قبل عام من الآن، وعندما هممت بقراءة مذكرات الدكتور يوسف القرضاوي، كان القرار بأن أبدأ من الجزء الثالث من هذه المذكرات، راعني أن صورة الشيخ على الغلاف كانت وهو في مرحلة الشباب، فليس في الطفولة ما يمثل أداة جذب، وإن كنت قرأت بعد ذلك الجزأين الأول والثاني!

ولأن قليل الحظ – كما قالت العرب – يجد "العظم في الكرشة"، فقد كتب الشيخ في هذا الجزء عن محنتي 1954 و 1965، وإذا به، يا إلهي، كأنه يكتب عن محنة 2013، وكنت أمني النفس بالتسلية والشيخ يكتب قصة حياته، وبالبعد عن الأجواء الراهنة، وإذا بي في قلبها!

ولاشك أن الحالة الإخوانية، ليس هي التي تتكرر، فملامح حكم العسكر واحدة، ولهذا فقد وجدتني أعكف على إعادة قراءة المرحلة الأولى لحكم العسكر، التي بدأت بحركة ضباط الجيش في سنة 1952، والتي شارك فيها الإخوان للأسف، قبل أن ينقلب السحر على الساحر، وبهذه المناسبة أتذكر أن صاحب كتاب "النقاط فوق الحروف: قصة النظام الخاص للإخوان"، ذكر أن الجماعة أيدت استبداد العسكر عند التصويت على القرار الخاص بحل الأحزاب وإنشاء المحاكم الاستثنائية؛ لأن حل الأحزاب من شأنه أن يُنهي أسطورة "الوفد" وهو حزب الأغلبية والجماهير العريضة، لتخلو الساحة لهم دون منافس، فهم جماعة وليسوا حزبا، كما أن الضباط طمأنوا الجماعة بأن هذه المحاكم ستحاكم قتلة حسن البنا!

في "النقاط فوق الحروب" يقول "أحمد عادل كمال" إن صوتين فقط من داخل مكتب الإرشاد ارتفعا برفض هذا الاستبداد. ولا أتذكر منهم إلا واحدا هو "توفيق الشاوي"، الذي قال: "إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، ويبدو أنه كان في حالة إحباط دفعته لتلاوة الآية الكريمة: "فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله..."

وفي كتابه المهم "مثقفون وعسكر"، ذكر "صلاح عيسي"، أن المرشد العام  للجماعة "حسن الهضيبي" كان من الرافضين لقرارات حل الأحزاب وقال لأهله وعشيرته: "لا تفرحوا بقانون إذا أصاب اليوم خصومكم فسوف يطولكم غدا". وقد كان!

ما علينا، فقد اعتقدت بأن هذه "الرؤية" ستكون مهمة لحوار جامع، وقد لاحظت أن اهتماما بها من قبل مكونات ثورة يناير تمثل في السعي للاطلاع عليها، ولا أتحدث بالمناسبة عن حركات بعينها، تقدم نفسها على أنها تملك "خلطة كنتاكي" أقصد "خلطة الثورة"، فتطلب بإنزال صور الرئيس مرسي في المظاهرات، وشارة رابعة، كشرط للإفصاح عن "سر الخلطة"، وقد انتهت المظاهرات نفسها، فلم نسمع لهم ركزا.

أتحدث عن الذين فعلوا السوء بجهالة ثم تابوا من قريب، لكن قبل الإعلان الرسمي عن الوثيقة كان قد تم إبطال مفعولها من قبل "القيادة التاريخية" للجماعة، التي نفرت خفافا وثقالا، وغدت خماصا وبطانا، من أجل هدف واحد وهو أن الوثيقة لا تعبر عن الجماعة، التي لم تصدر وثائق أو إعلانات، عندئذ سألت فعلمت أن جبهة تشكلت مؤخرا لإدارة الجماعة هي من أصدرت الوثيقة، التي تم قتل الحوار حولها قبل أن يبدأ، ونجحت السلطة المتغلبة في أن تدفع إعلام الثورة لتجاهلها، لتموت قبل أن تولد، وذلك بدلا من أن يقال أنها تخص أصحابها، الذين لم يُنكر أنهم لا يزالون إلى الآن أعضاء في الجماعة.

بيد أن المشكلة في أن "التنظيم" عند "القيادة التاريخية" للجماعة مقدم على "الفكرة"، وليس نجاحا أن يتم الاحتفاء بـ "الرؤية" والاهتمام بها، ما دام يمكن أن تعطي وضعا لأصحابها ربما  يخدش حياء البنيان التنظيمي!

ومهما يكن، فقد اعترفت هذه "الرؤية" بغياب مشروع سياسي متكامل للتغيير وإدارة الدولة، بسبب "فراغ أدبيات الإخوان من التنظير لتلك المساحة"، و"عدم التجهيز الأكاديمي أو العملي للكوادر المتخصصة"، وذلك بسبب العمل السياسي تحت السقف والأفق الذي فرضته دولة مبارك وعدم محاولة رفع سقف ذلك أو تجاوزه.

وعقب الثورة وضعت "الرؤية" عدة ملاحظات منها التداخل الوظيفي والمقاصدي بين الحزبي التنافسي والدعوي التنظيمي، والتداخل بين رموز الجماعة والحزب. وترصد "الرؤية" أو "الوثيقة" اضطراب الخطاب الإعلامي في أثناء وبعد الثورة، وعدم الاستفادة المثلى من الرموز الثورية وتقديم التنظيميين عليهم.

وما كان للتنظيميين "حراس المعبد" أن يسكتوا على وثيقة تصر على استبعادهم إلى حيث يجيدون بالانشغال بالتنظيم وشؤونه، فكان التحرك السريع لوأدها، بعد أن كنا نراها خطوة في الاتجاه الصحيح!

"ويا ميت ندامة على اللي حب وطالشي"  
2
التعليقات (2)
جويدة
الأحد، 26-03-2017 01:24 م
اسطورة الوفد والاغلبية حان الوقت لان نفهمها جيدا.. اولا الوفد كان حزب مستبد شديد التنكيل بمعارضيه خاصة الاخوان والشيوعيون لذلك لم يقبل بهم باللعبة ابدا... اما الاحزاب الاخري فكانت للديكور ليس الا.. لذاك كان طبيعى ان تعلو اصوات من الاخوان والشيوعيين تصفق لحله.. وهو امر بالفعل كان خطا جسيم. لا اوافق عليه انما اتفهمه.. بالمناسية لماذا لا تذكرون ان اليسار كله ايد ما ايده الاخوان حينها؟؟ مجرد سؤال..
عماد
الجمعة، 24-03-2017 07:18 م
غريب في أي كتاب يدرسون ؟ اين يكمن مفهوم المعاصرة والواقعية في رؤية الإخوان ؟ كلما انتقدت بعضا من آرائهم وابديت تعجبي من بعض من تصرفاتهم إلا و قيل لي علمائهم في باريس ! إنهم قليلي الاطلاع ! اتحرز من آراء شيخنا القرضاوي غير الدينية. سأقرأ كتاب شيخنا ان شاء الله

خبر عاجل