مقالات مختارة

لماذا يدافع أنصار السيسي عن الخاسرة "ماري لوبان"؟!

1300x600
لا أعرف لماذا يقف مناصرو السيسي دائما إلى جوار الشخصيات المتطرفة والمكروهة عالميا والمعادية للإسلام والمسلمين والعرب والمعادية للحرية والكرامة الإنسانية والمعادية لكل القيم الحضارية النبيلة، هذا أمر يحار المرء في فهمه، لا يقف الأمر عند طاغية مجرم دموي مثل بشار الأسد دمر بلاده ومزقها وجعلها نهبا لعشرات الميليشيات وعشرات الجيوش وجعلها مضرب الأمثال في الخراب، حتى عند السيسي نفسه، الذي طالما كان يروعنا بمقولته الشهيرة: "مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق". 

واليوم ينحاز إعلام السيسي وأنصاره إلى المرشحة المتطرفة الخاسرة في انتخابات فرنسا "ماري لوبان"، رمز التطرف والعنصرية والكراهية، وقد وصلت الأمور إلى حد الهجاء للفائز "ماكرون" ومحاولة تشويهه والتقليل من شأنه، في الوقت الذي يبدون فيه تعاطفا كبيرا مع الخاسرة المتطرفة وكأنها مرشحة العروبة والإسلام في تلك الانتخابات.

البرنامج الانتخابي لماري لوبان، كان يشمل حزمة من الإجراءات العنصرية المتطرفة التي أزعجت حتى العواصم الغربية ذاتها، ووصف الرئيس الفرنسي الجديد طرحها بأنه دعوة إلى الحرب الأهلية، وقالت أنها ستغلق المساجد وتطرد المسلمين وتوقف هجرة فقراء الجنوب ـ العرب والأفارقة ـ إلى فرنسا، وهو خطاب يفترض أن يتصدى له أي شخص لديه مسحة من مروءة ناهيك عن عروبة أو إسلام، فما الذي يسعد أنصار السيسي في غلق المساجد وطرد المسلمين من فرنسا، هل وصل الهوس إلى هذا المستوى من التدني.

مشهور خطاب "ماري لوبان" الذي قالت فيه أن فرنسا بحاجة إلى تحالف جديد في المنطقة العربية بدعوى مواجهة الإرهاب، وقالت أنها لو فازت فسوف تشكل تحالفا مع كل من: الإمارات، ومصر، وسوريا بشار، وإيران، وبطبيعة الحال، لك أن تتخيل العته في التحالف مع دولة الملالي الدينية المتطرفة في إيران الشيعية الفارسية من أجل مواجهة الجماعات السنية أو التيارات السنية العربية، أو أن يصل بك الخيال إلى تصور أن بشار الأسد الإرهابي القاتل الذي كان سببا في الخراب الذي عم المنطقة كلها ولم تترك مخابراته تنظيما إرهابيا إلا ولعبت معه، سيكون شريكا لها في محاربة الإرهاب المزعوم، وأما الإمارات فحسبك أن ترى آثار جهودها "الإنسانية" في ليبيا واليمن، هل هذه العقلية السياسية فيها ما يجذب أو يشرف أحد أن يتحالف معها؟

كان العالم كله يحذر من فوز ماري لوبان، وأنها ستكون خطرا على أوربا والعالم، بينما كان مؤيدو السيسي يبتهلون من أجل فوزها، وكذلك أنصار بشار الأسد في سوريا وحلفاؤه في لبنان، بينما كان أحد أهم داعميها السياسيين -كما هو معروف- الرئيس الروسي "بوتين" كان يستحي أن يظهر ذلك، ويتعامل بحنكة وغموض، تحسبا للنتائج والعواقب، ورغم أنه ضرب ضربته قبل ساعات من الانتخابات عن طريق "ويكليكس" حيث نشر آلاف الوثائق المسيئة لماكرون والمدمرة لسمعته، لكن الخطة في النهاية فشلت، وفاز ماكرون.

فرنسا أكثر دولة أوربية عانت من الإرهاب، حيث ضربها بعنف أكثر من مرة، وضرب العاصمة باريس وروعها بالموت والانفجارات، وذهب ضحيته عشرات القتلى ومئات المصابين، واضطرت فرنسا لإعلان جزئي للطوارئ، وكان رهان "لوبان" على استخدام سلاح "الخوف" من الإرهاب لترويض الناخب، وطرح فكرة أن "الأمن والأمان" مقدم على مطالب الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان، وأن الإجراءات الأمنية القاسية والعنيفة هي التي تردع الإرهاب وتحمي فرنسا، بينما طرح الشاب السياسي "ماكرون" رؤية مغايرة، ترى أن الديمقراطية هي الحصن ضد الإرهاب، وأن الاعتدال والحرية والحفاظ على حقوق الإنسان وعلى قيم الاستنارة هي خط الدفاع الأول عن فرنسا ضد الإرهاب، وعند صناديق الانتخابات انحاز الشعب الفرنسي إلى خطاب النضج والعقل والاعتدال، انحاز للحرية والديمقراطية، ولم يرضخ للابتزاز بتخويفه من الإرهاب ليتنازل عن جزء مهما صغر من حقه في الديمقراطية والكرامة والحريات العامة والخاصة، انهزم خطاب الخوف وانتصرت الديمقراطية في فرنسا، وهذا ما أزعج البعض في العالم الثالث على ما يبدو.

المصريون المصرية