"يشرفني أنني أعمل إلى جانبكم".. كان هذا جزءا من رسالة سفير الإمارات بواشنطن، يوسف العتيبة، إلى مؤسسات أمريكية موالية لـ"إسرائيل"، يؤكد فيها اتخاذ بلاده مواقف ضد قطر وتركيا وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والرئيس المصري الشرعي محمد مرسي.
وقامت مجموعة من قراصنة المعلومات تدعى "غلوبال ليكس" الجمعة، باختراق البريد الإلكتروني للسفير العتيبة، وحصلت على 55 رسالة ترجع إلى عام 2014 وحتى الشهر الماضي، تداولتها صحف عالمية بالعرض والتحليل، بينما تجاهلها الإعلام المحسوب على الإمارات والسعودية، بحسب مراقبين.
فضائح بالجملة
ونشر موقع "إنترسبت" الأمريكي، السبت، عددا من تلك الوثائق التي كشفت وجود علاقات بين السفير الإماراتي وبين إحدى مؤسسات الضغط الأمريكية، وهي مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، التي تتولى مهاجمة سياسة قطر، وتكرر اتهامها بـ"الإرهاب" من وقت لآخر.
وكشفت الوثائق أن حكومة أبو ظبي تمارس ضغوطا على سياسيين أمريكيين لدعم قرار بإغلاق قاعدة العديد العسكرية بقطر، إلى جانب تنسيق بين الإمارات ووزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس.
وكشفت الرسائل مسؤولية الإمارات عن منع فندق من عقد مؤتمر صحفي لحركة حماس الشهر الماضي بالدوحة، كما كشفت عن الإعداد لمؤتمر في 11 تموز/ يونيو، ضد قطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين وقناة الجزيرة القطرية، برعاية حاكم دبي محمد بن زايد، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطية.
وقبل أيام؛ شنت وسائل إعلام محسوبة على السعودية والإمارات حملة شرسة ضد قطر، ووجهت لها اتهامات بدعم وتمويل الإرهاب، على خلفية تصريحات مفبركة منسوبة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، حول العلاقة مع دول الخليج وطهران، رغم نفي الدوحة صحة التصريحات، وتأكيدها أن موقع وكالة الأنباء القطرية قد تم اختراقه.
وأكد محللون أن عمليات القرصنة التي اخترقت وكالة الأنباء القطرية، وطالت البريد الإلكتروني لسفير الإمارات بواشنطن؛ ستكشف زيف اتهام الدوحة بدعم الإرهاب، وتقلب الطاولة على أبو ظبي.
سرقة دور قطر
وقال المحلل السياسي أسامة الهتيمي، إن "التسريبات ربما تبرئ قطر من تهمة الإرهاب، وتكشف عن أن هناك خطة لإلصاق هذه التهمة بالدوحة وبمؤسساتها ووسائل إعلامها".
وأضاف الهتيمي لـ"عربي21": "رغم أن التسريبات لا تنفي عن قطر علاقتها الوطيدة بأمريكا، وأنها أحد حلفائها الذين تعتمد عليهم في المنطقة؛ إلا أنها كشفت أن الإمارات تحاول أن تسوق نفسها لتكون بديلا عن قطر، وأن تلعب دورا يتوازى مع الدور السعودي".
وأكد أن "قطر ستعمل جاهدة على استغلال تسريبات سفير الإمارات وما تضمنته من وثائق تحمل اتهاما للكويت بتورطها أيضا في دعم الإرهاب وتمويله؛ لتضم الكويت إلى المحور القطري، وهو ما يرسخ لحالة الاستقطاب داخل دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيخفف من حدة الحملة الإماراتية السعودية ضد قطر".
وكانت تسريبات بريد السفير الإماراتي قد تضمنت مقالا بعنوان "ممولو الإرهاب يعملون في قطر والكويت"، ما اعتبره محللون اتهاما مباشرا لقطر والكويت بتمويل الإرهاب.
وأوضح الهتيمي أن التسريبات "تبقي واشنطن كلاعب أساسي وفعلي في المنطقة، وتؤكد أن أية محاولة تبدو وكأنها اصطفاف خليجي تحت لافتة أمريكية؛ هي مجرد هراء، إذ يبقى أن أمريكا هي من يحدد شكل الاستفادة واتجاهها وحجمها وتوقيتها، دون أن يختصم ذلك مع مصالحها الاستراتيجية في المنطقة".
وتوقع الهتيمي أن "تدفع التسريبات العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، إلى أن تبذل جهود وساطة بين فرقاء الخليج لاحتواء الموقف"، مؤكدا أن هذا "سيكون على حساب الاهتمام بالقضايا الرئيسة التي كان يجب أن يتم التركيز عليها، وهو ما يعني أن هناك نية لتحريك الأمور في اتجاهات مثيرة للريبة" بحسب قوله.
وضع مؤسف
من جهته؛ رأى عضو حزب الوسط المصري المعارض، وليد مصطفى، أن "التسريبات رغم خطورتها؛ لا تنقذ قطر من تهمة تمويل الإرهاب، ولن تقلب الطاولة على أبو ظبي".
وقال لـ"عربي21" إن تسريبات سفير الإمارات "تفضح واقع أنظمتنا العربية التي تتعاون مع كل أعداء وخصوم العروبة ضد شعوبهم وضد شعوب دول أخرى شقيقة"، مضيفا أن "هذه التسريبات كشفت أن الوضع مؤسف ومخز ومثير للاشمئزاز".
وأضاف أنه "في ظل التغيير الذي يسود العالم؛ نجد أنظمة عربية تساهم في تدمير دول عربية وإسلامية شقيقة بهدف الحفاظ على أنظمتها من السقوط، والنتيجة الطبيعية في مثل تلك الظروف؛ هو أن تصبح المنطقة العربية تحت الاحتلال الفعلي لأمريكا والكيان الصهيوني، بدون أن يطلقوا طلقة واحدة".
وأكد مصطفى أن "للكوارث جانبا آخر مضيئا، وهو انكشاف تلك الأنظمة أمام شعوبها، وأن تؤمن الشعوب العربية بالحاجة للثورة والتغيير حتى تحكم نفسها، بدلا من خضوعها لحكم تجار النخاسة ومجرمي الحرب" على حد تعبيره.