حقوق وحريات

فقراء مصر ضحية تراجع التبرعات بسبب الأزمة الاقتصادية

أ ف ب
ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على العمل الخيري في شهر رمضان -الذي يعدّ موسما للصدقات- وأيام عيد الفطر، حيث كانت تبرعات المصريين للجمعيات الخيرية المنتشرة في ربوع البلاد حجر الزاوية في نموها وانتشارها وقدرتها على الاستمرار والعطاء، في بلد يرزح أكثر من نصف سكانه في الفقر.
 
وما زاد الطين بلة، إغلاق مئات الجمعيات الخيرية عقب الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013 تحت مزاعم وصفها حقوقيون ونشطاء بالواهية؛ لتحجيم وجود الإسلاميين في الشارع، وإفساح الطريق أمام معونات الجيش ومساعداته من خلال سيارات كبيرة، في أغلبها تحتوي على مساعدات غير مطابقة للمواصفات، وفقا لمواطنين استلموا تلك المعونات.
 
وتقدر نسبة الفقر بمصر -بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء- بـ27.8%، بينهم 5.3% تحت خط الفقر المدقع، وبعد قرار حكومة السيسي بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية سجل الدولار 18 جنيها بالبنوك الرسمية؛ لتتسع دائرة الفقر؛ بسبب غلاء الأسعار، وقلة الدخول.
 
تقلص التبرعات وتزايد المستحقين
 
وأقرت نائب رئيس جمعية "الأحلام - المرأة الأفروأسيوية" ألفت العربي، بتراجع التبرعات، وقالت لـ"عربي21" إن "تبرعات الأسر المصرية تراجعت؛ متأثرة بالوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، في الوقت الذي ازدادت فيه أعداد المحتاجين، وارتفعت فيه أسعار السلع والمواد الغذائية"، لافتة إلى أن "التبرعات تراجعت بمقدار الثلث والنصف".
 
واستدركت قائلة: "إلا أن من يحب الخير والعطاء يواظب على فعل الخير والتبرع قدر استطاعته، لكن تظل الطبقات الدنيا في المجتمع -وهي تقدر بالملايين- مظلومة، وتفتقر للحد الأدنى من المعيشة، وتُعد المساعدات في حياتهم استثناء وليس أساسا؛ لذا نجد انقطاع المساعدات أو تقليصها لا يؤثر عليهم كثيرا؛ لأنهم طبقة محرومة من كل شيء".
 
أزمة الأسعار
 
أما المستشار الإعلامي لجمعية الأورمان الخيرية، أحمد مؤمن، فأشار إلى "أن حجم التبرعات في الجمعية ازداد، إلا أن أسعار المواد الغذائية والسلع تضاعفت في الوقت ذاته".
 
وأضاف لـ"عربي21" أن "سعر كرتونة المساعدات الغذائية ارتفع من 100 جنيه إلى 210 جنيهات، ويتحمل المتبرع فرق السعر، ومع ذلك نحاول الوصول إلى المحتاجين والفقراء بالكم والجودة ذاتيهما دون نقصان".
  
تأثير غياب الإسلاميين
 
وأرجعت المنسقة العامة للتحالف الثوري لنساء مصر، منال خضر، الانخفاض من سيئ لأسوأ إلى الغلاء الفاحش، وتدني الدخول، وعدم قدرة الكثير من الأسر على مواجهة الأسعار، حتى وصل كيلو اللحم إلى 150 جنيها، وكيلو السمك البلطي النهري إلى 40 جنيها، وكيلو الدجاج إلى 40 جنيها".
 
وقالت لـ"عربي21" إن "أعداد السائلين والمحتاجين تضاعف خلال السنوات الماضية؛ نتيجة التضييق على عمل الجمعيات الخيرية، وترويج عمليات الشحاته والسرقة والخطف، في ظل نظام لا يهتم إلا بطبقة الأغنياء ومصالحهم فقط".
 
واستدركت بالقول: "وفي ظل كارثة غياب الإسلاميين عن العمل الخيري، وفى القلب منهم الإخوان المسلمون، وانصباب جهدهم بدلا من رعاية الفقراء والمعوزين إلى رعاية أسر المعتقلين والشهداء"، أخذ نظام السيسي "يتعمد إذلال الشعب وإفقاره؛ كي يظلوا في دائرة البحث عن لقمة العيش، وسد الحاجات الأساسية لأسرهم فقط، كي لا يستطيع التفكير في شيء آخر مثل الظلم والقهر وسلب الحريات".
 
في حين قال مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، عزت غنيم، لـ"عربي21"، إن "الأزمة الاقتصادية الحالية أثرت بشكل كبير على ثلاثة أمور، أولها، الفقراء أنفسهم وعدم قدرتهم على سداد أقل الالتزامات الضرورية للحياة. ثانيها، الطبقة المتوسطة، التي باتت تدبر أمورها بصعوبة. وثالثها، الجمعيات الأهلية، التي أصبحت عاجزة عن سد عجز الدولة في ملف الفقراء والمحتاجين، ما ترتب عليه زيادة معدلات الاحتياج بشكل أكبر".