حقوق وحريات

تضامن حقوقي وإعلامي مع صحفيين معتقلين على خلفية حراك المغرب

لفتت الهيئة التضامنية مع الصحفيين المتابعين إلى أن "كل صحفي مستقل ومهني ما هو إلا سجين مع وقف التنفيذ"- عربي21
طالب العشرات من الحقوقيين والإعلاميين والفاعلين الجمعويين، أمس السبت، بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي بالريف المغربي.

واعتقل ثمانية صحفيين في مدينة الحسيمة التي شهدت على مدى 9 أشهر احتجاجات متواصلة، بعد موت بائع السمك "محسن فكري" في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، طالب خلالها سكان المنطقة رفع التهميش عنهم.

ورفع المحتجون في الوقفة التضامنية مع الصحفيين المعتقلين التي نظمت بالرباط، شعارات ولافتات تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين.

اقرأ أيضا: بسبب الحراك.. القضاء المغربي يدين صحفيا بالحبس 3 أشهر نافذة

استهداف المنابر
وقالت هيئة التضامن مع الصحفي حميد المهدوي وباقي الصحفيين المتابعين، في وقفة تضامنية نظمت بالمناسبة، أمس السبت أمام البرلمان بالعاصمة الرباط، "إن استهداف الصحفي المهدوي والصحفيين الآخرين المعتقلين على خلفية الحراك، لهو استهداف لمنابر أوصلت صوت الريف إلى أبعد النقط على خريطة الوطن، هو استهداف لكاميرات شكلت أعينا يتابع من خلالها العالم ملحمة نضالية، يسجلها سكان الريف في سجل التاريخ المشرق في نضال شعبنا من أجل الكرامة والحرية والعدالة".

وتابعت: "هو استهداف للصور والأشرطة التي وثقت شهادات لا لبس فيها لمستوى القمع الوحشي، الذي استعملته السلطة ضد الريف لتكسير شوكة نضاله".

دعم الأصوات الحرة
بدوره، قال منسق الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان، محمد السلمي، في تصريح لـ"عربي21"، "نأمل أن يتحسن الوضع وأن يتغير المغرب إلى ما هو أفضل من هذا الوضع الذي نشهد فيه انتكاسة حقوقية بكل المقاييس.. نتمنى أن يتم الإفراج عن جميع من اعتقلوا بسبب آرائهم ومواقفهم".

كما أعرب عن أمله في أن يتم تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؛ "لبناء مغرب قوي بحرياته وحقوقه التي تضمنها الدولة للمواطنين، خاصة من يعبر عن رأيه وينوب عن المجتمع في التعبير عن رأي عبر وسائل الإعلام والصحافة، فهؤلاء محتاجون إلى دعم أكبر وإلى حرية أكبر وإلى أن يتسع هامش الحرية لاستيعاب هذه الآراء التي لا يجب أن تكون مزعجة".

وأكد السلمي أنه "في دولة الديمقراطية والحق والحريات كما ينص الدستور على ذلك، ينبغي أن تسمع هذه الأصوات على اختلافها مع المعزوفة الرسمية للدولة"، وفق تعبيره.

العودة لسنوات الرصاص
من جانبه، نبه رئيس تحرير السابق لصحيفة "لوبنيون" المغربية الناطقة بالفرنسية، خالد الجامعي، إلى الهجمة الشرسة التي يقوم بها المخزن والحكومة ضد الصحفيين وحرية الرأي والتفكير في المغرب.

وأضاف الجامعي في تصريح لـ"عربي21"، إن المستهدف ليس الصحفي حميد المهدوي، بل المستهدف المواطنون كافة، "مستهدفون في حريتهم وتعبيرهم ورأيهم. لا يريدونهم أن يصلوا للمعلومة، لا يريدون للصحفيين أن يفضحوا المسكوت عليه في هذا النظام".

وقال: "رجعنا إلى سنوات الرصاص، اليوم أخذوا القانون الجنائي ونسخوه في القانون الصحفي، ومن الآن فصاعدا لن يحاكم أي صحفي بقانون الصحافة، ومن يلق القبض عليه سيحاكم بالقانون الجنائي"، مؤكدا أن هذا  الأمر لا يرهبهم ولا يخيفهم.


                                              

محاكمات سياسية
واعتبرت الهيئة التضامنية أن "الملفات التي تطبخ للصحفي المهدوي، نسخة جديدة من المحاكمات السياسية التي تعرض لها الصحفيون المستقلون المهنيون الأحرار، الذين يعبرون عن آرائهم ولا يخافون لومة لائم. كما يتعرض لها كل من تشبث فقط بحقه في التعبير السلمي عن رأيه الذي يبقى حقا محفوظا".

واستغربت الهيئة من التهم التي وجهت للمهدوي: "الصياح وعدم التبليغ عن شخص يهدد سلامة الوطن"، وقالت في بيان تُلي في الوقفة: "حوكم (المهدوي) بالحسيمة بتهمة الصياح، ويا لها من تهمة غريبة في بلد لم يبق لنا فيه إلا الصياح الذي يلجأ إليه الجميع! ثم إن المهدوي يتابع في الدار البيضاء بتهمة أغرب من الأولى، وهي عدم التبليغ عن شخص يهدد سلامة الداخلية للبلد، في الوقت الذي لم تبادر السلطات المعنية نفسها بفتح أي تحقيق في القضية، مما يفضح كون القضية كلها رواية مفبركة للتمويه عن السبب الحقيقي لاعتقال المهداوي، وهو إزعاجه للسلطة بإنتاجاته على موقعه، والتأثير الذي أصبح يخلقه وسط الرأي العام".

اقرأ أيضا: النيابة العامة بالمغرب تحقق مع صحفي في قضية "إدخال أسلحة"

وقالت، "إن متابعة ثمانية صحفيين في إطار حراك الريف بتهم واهية وملفقة، أجمعت كل التنظيمات الحقوقية والجمعوية على مطلب الإفراج الفوري عنهم وعن كل معتقلي الحراك، ما هو إلا أحد تجليات الوضع المتدني للمغرب في سلم حرية الصحافة، الذي يتراجع فيه باستمرار حيث الصحافة المستقلة شبه منعدمة". 

ولفتت إلى أن "كل صحفي مستقل ومهني، ما هو إلا سجين مع وقف التنفيذ"، على حد تعبيرها.

وأصدرت المحكمة الابتدائية في مدينة الحسيمة (شمال المغرب)، تموز/ يوليو الماضي، حكما بإدانة الصحفي حميد المهدوي، مدير نشر موقع "بديل"، بالحبس النافذ ثلاثة أشهر، وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم (ألفا دولار)، بعد محاكمة دامت 15 ساعة.

وأدين المهدوي بتهم "تحريض أشخاص على ارتكاب جنح بواسطة الخطب والصياح في الأماكن العمومية"، فيما برّأته المحكمة من تهمة "المساهمة في تنظيم مظاهرة غير مرخص لها". كما وجهت إليه تهمة "عدم التبليغ عن المس بسلامة الدولة".

وكانت النقابة الوطنية للصحافة المغربية (مستقلة) ومنظمة "مراسلون بلا حدود"، طالبتا بإطلاق سراح المهدوي والصحفيين المعتقلين كافة على خلفية "حراك الريف"، لافتين إلى أن المهدوي اعتقل داخل سيارته وليس من ساحة المسيرة.

ودشن نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي حملة أعربوا من خلالها عن تضامنهم مع الصحفي، وطالبوا السلطات بالإفراج عنه حتى لا يقال عن المغرب إنه "يكمم الأفواه"، على حد تعبيرهم.