ملفات وتقارير

هل يستغل السيسي "العفو الرئاسي" لتركيع مرسي والإخوان؟

مرسي- جيتي
في حكم قضائي يعدّ الثاني النهائي والبات بحق الرئيس محمد مرسي؛ أيدت محكمة النقض المصرية (أعلى محكمة طعون) السبت، حكما بالسجن المؤبد بحق مرسي، في القضية المعروفة إعلاميا "التخابر مع قطر".
 
الحكم اعتبره قانونيون كارثيا ومسيسا؛ كونه نهائيا ولا يجوز الطعن عليه، مؤكدين أنه لم يتبقّ من إجراءات قانونية بالقضية إلا قرار قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بالعفو عن مرسي.
 
وبحسب المنظمات الحقوقية الدولية، فإن تهم التخابر مع قطر وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني، وغيرها من التهم الموجهة لمرسي وقيادات الإخوان، تهم سياسية بامتياز.
 
وكانت محكمة جنايات القاهرة عاقبت مرسي بالسجن 40 عاما في القضية، وقبلت محكمة النقض طعنا أقامه على الحكم، وعدلته المحكمة السبت إلى السجن المؤبد 25 عاما.
 
وألغى حكم النقض أيضا حكما بالسجن 15 سنة في قضية اختلاس المستندات والوثائق بالقضية، وأبقي فقط على حكم المؤبد؛ بتهمة "تولي قيادة جماعة غير قانونية" الإخوان المسلمين.
 
وقضت المحكمة السبت، بإقرار حكم الإعدام الصادر بحق أحمد علي عبده عفيفي (منتج أفلام وثائقية)، ومحمد عادل كيلاني (مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية)، وأحمد إسماعيل ثابت (معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا).
  
وينفذ مرسي حكما نهائيا آخر بالسجن 20 عاما في قضية قتل المتظاهرين بمحيط قصر "الاتحادية" الرئاسي نهاية 2012، ويحاكم مع مساعدين له وقادة الإخوان المسلمين بقضايا كثيرة صدرت في بعضها أحكام يقدر مجموعها بمئات السنين، فيما بلغ مجمل مدة الأحكام الصادرة بحق مرسي 85 عاما، إضافة إلى حكم واحد بالإعدام.
 
"يبلوها ويشربوها"

وفي تعليقها على الحكم، قللت أستاذ العلوم السياسية، سارة عطيفي، من قيمة الحكم وأهميته، متسائلة: "هل نحن نعترف بقضاء الانقلاب يبلوها ويشربوا قراراتهم".
 
واستنكرت في حديثها لـ"عربي21" ما يثار حول احتمال خضوع مرسي والإخوان للسيسي بهذا الحكم، متسائلة: "هل يريد السيسي حل الأزمة السياسية ويداه ملطخه بدماء المصريين، وهناك أكثر من ستين ألف معتقل، وهناك تصفية مستمرة لشباب وقيادات الإخوان بالداخل؟".
 
وأكدت أن "السيسي ليس له مخرج، ويستميت لنهاية طريق الانقلاب"، واصفة الإخوان بـ"الديناصور الذي تم إصابته إصابة مباشرة ويريد من يعالجه ويساعده على الشفاء"، مضيفة أن "الرئيس مرسي ثابت لن يتنازل عن شرعية الشعب وليس شرعية الإخوان".
 
وقالت إن السيسي يعلم أن العفو عن الرئيس والإخوان معناه عودتهم لا محالة، ولذا فلا يوجد طريق أمام السيسي إلا الاستمرار في جرائمه، ولا يوجد طريق للإخوان والثورة المصرية إذا أرادوا فعلا التغيير إلا المقاومة بكل الوسائل".
 
"حلان لا ثالث لهما"

وحول دلالات الحكم، وفرص أول رئيس شرعي منتخب ديمقراطيا من الخروج من سجون الانقلاب، أكد المحامي الحقوقي والسياسي المصري، هاني عوض، أن هناك حلين فقط، أولهما قرار من السيسي بالعفو أو إسقاط نظام الانقلاب.
 
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال عوض إن "حكم المؤبد الجديد يعد ثاني حكم نهائي بالحبس بحق مرسي بعد الحكم بعشرين سنة في القضية المعروفة إعلاميا بـ(الاتحادية)"، مشيرا إلى أن "معنى ذلك أن الحل الوحيد من الناحية القانونية لخروج مرسى هو قرار بالعفو الرئاسي".
 
وفي إجابته على تساؤل حول وضع السيسي لمرسي والإخوان بهذا الحكم أمام خيار الرضوخ له، قال عوض إن هذا الحكم ضد الرئيس مرسي وغيره من الأحكام السابقة "المسيسة" لها غرض واحد، وهو "تضييق الخناق على قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة من النظام لفرض الحلول التفاوضية عليهم".
 
وحول دلالة إلغاء النقض، السبت، حكما سابقا ضد مرسي بالحبس 15 سنة بقضية التخابر مع قطر وتثبيت حكم المؤبد عليه؛ بتهم الانتماء للإخوان، يرى عوض أن "محكمة النقض كان من المتوقع أن تطرح قضية تخابر مرسي مع قطر جانبا؛ لأنه واضح للجميع أنها قضية هزلية ولا دلائل عليها"، حسب قوله.
 
وأكد عوض أن عدم اعتراف مرسي بالمحكمة ولا بالمحاكمة ولا السلطة الحالية، وتعامله داخل المحكمة كرئيس للجمهورية لا يفيد أو يقدم أي شيء له في القضية، مشيرا إلى أنه "كان ولا بد من تشكيل محكمة خاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية في كل ما يثار ضده من اتهامات، وهو مالم يحدث".
 
وأوضح عوض بقوله: "ولذا لن يفيد مرسي تمسكه بعدم قانونية المحاكمة، إلا إذا تم إسقاط الانقلاب، لكن في ظل دوام الوضع الحالي فلا فائدة لذلك أمام القضاء".
 
"لن يستغله السيسي"

وفي تعليقه، أكد المحامي بالنقض، أسامة بيومي، أن "حكم المؤبد بحق مرسي يخالف قرار الجمعية العمومية لمحكمة النقض، ولا أظن أن الحكم يخدم السيسي ولا يؤثر على مرسي"، موضحا بقوله: "كانت هناك أحكام إعدام سابقة بحق مرسي، ولم يستغلها السيسي للضغط على الإخوان لتأييده".
 
ورغم أن حكم النقض نهائي، وأن آخر مرحلة قانونية هي عفو السيسي عن مرسي أو قيادات الإخوان، استبعد بيومي في حديثه لـ"عربي21" استغلال تلك الصلاحيات للضغط عليهم، مؤكدا أنه بالرغم من ذلك فإن الحكم بحق مرسي حكم مسيس.
 
وأوضح أن الحكم السابق صدوره من محكمة أول درجة ضد الرئيس مرسي ألغى شق التخابر مع قطر، وأسقط تلك التهمة عن مرسي، وصدر حينها حكما بالمؤبد؛ بتهمة تولي قيادة في جماعة أسست على خلاف القانون، والحبس 15 سنة في اختلاس مستندات رسمية.
 
وأضاف بيومي أن "محكمة النقض ألغت اليوم حكم السجن المشدد 15 سنة عن الاتهام باختلاس مستندات، وأيدت حكم المؤبد عن اتهام تولي قيادة في جماعة أسست على خلاف القانون".