سياسة عربية

مساعي حكومة اليمن في تعز تصطدم بحسابات التحالف

محللون سياسيون أشادوا بخطوة الحكومة اليمنية في تعز- أرشيفية
تسعى الحكومة اليمنية إلى ترتيب الأوضاع الداخلية لمدينة تعز، في خطوة لافتة، طال انتظارها، لكن هذه المساعي سرعان ما اصطدمت بمعارضة التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ما يضع علامات استفهام كثيرة حول حسابات التحالف في هذه المدينة المنكوبة، وفقا لمحللين يمنيين.

وفي الآونة الأخيرة، اتخذ نائب رئيس الحكومة الشرعية، عبد العزيز جباري، عددا من الإجراءات في محاولة لتطبيع الحياة داخلها، ولعل أبرزها "فتح فرع البنك المركزي فيها" ورعاية اتفاق أمني بين جميع الفصائل يتم بموجبه تسليم كافة مواقعها للسلطة المحلية.

وكان لافتا، أيضا إطلاق قائد القوات الإماراتية، الذي يقود أيضا قيادة قوات التحالف في عدن، عميد، أحمد البلوشي، تحذيرا مباشرا  لقيادة الجيش الوطني في تعز، بعدم تنفيذ أي إجراءات حكومية دون إذن مسبق من التحالف.

ونوه البلوشي إلى أن "أي تغييرات في خارطة الانتشار العسكري والأمني لا تمر عبرهم ستؤثر على سير العمليات العسكرية فيها".

موقف التحالف صادم

وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب والمحلل السياسي، عبد العزيز المجيدي إن "ما قامت به الحكومة، كان ينتظره أبناء تعز منذ فترة طويلة".

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أنه مثلما كانت الحاجة ملحة لإعادة افتتاح فرع البنك المركزي، وتفعيل وحصر تحصيل الإيرادات على المكاتب التنفيذية في تعز، كانت الحاجة ملحة أيضا لـ"تسليم جميع المنشآت والمواقع العسكرية للقوات المكلفة من اللجنة الامنية بالمحافظة".
 
وأشار إلى أنه بات اليوم في تعز قوات شرطة عسكرية محترفة وقوات أمن خاصة، وأمن عام، ومباحث، ينبغي أن يوكل إليها القيام بأداء المسؤوليات الأمنية، بينما يتوجب على ألوية الجيش القيام بمسؤولياتها الحربية.

وبحسب المجيدي، فإنه كان الأحرى بالتحالف العربي مساندة هذه الخطوات لأنها تتناغم مع الشعار المرفوع بشأن "دعم الشرعية  واستعادة الدولة".

ومضى قائلا: "موقف التحالف كان صادما، إذ تبين من خلال الوثيقة التي تم نشرها والموجهة من التحالف إلى قيادة محور تعز والتي تطالب بوقف تنفيذ الإجراءات التي وجهت بها الحكومة، تؤكد أن هداف التحالف مختلفة تماما عما يسوقها في وسائل الإعلام".

وأوضح السياسي المجيدي أن تلكؤ بعض المجاميع والفصائل في تنفيذ القرارات قبل أن تذعن تحت الضغط الحكومي، من أبرز الصعوبات التي قد تعترض الإجراءات الحكومية في تعز.

ولفت إلى أن التحالف العربي ومن خلال ما أظهرته الوثيقة المنشورة، يريد وضعا مختلفا، ذلك أنه بدا غير متحمس لوجود جيش وطني، ويفضل التعامل مع فصائل وتشكيلات غير نظامية تبقي تعز رهن صراع داخلي، لا يخدم في النهاية سوى القوى الانقلابية.

كما هاجم التحالف الذي قال إنه يمانع في استكمال تحرير تعز، وينتهج سياسات مريبة في كثير من المناطق المحررة.

ووفقا للكاتب اليمني فإن هذه المواقف ربما تخدم طرفا في التحالف على المدى القريب (في إشارة لحكومة أبو ظبي)، لكنه استدرك قائلا: إن الخاسر الأكبر في كل ما يجري هي "السعودية"، في حين تبقي هذه السياسات المخاطر ذاتها التي اشتعلت من أجلها الحرب، فالنفوذ الإيراني في خاصرتها الجنوبية أصبح أكثر تهديدا من ذي  قبل.

واختتم حديثه بالقول إن "إيران محظوظة للغاية، فقد قدر لها مواجهة خصوم وظيفتهم إطلاق النار على أنفسهم ومنحها النفوذ المجاني وصولا إلى بيوتهم".

تعز ستنجح

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي، فيصل علي أن ما قامت به الحكومة الشرعية من إجراءات من شأنه "تثبيت الاستقرار والأمن في تعز المحاصرة منذ ثلاث سنوات".  

وأبدى علي في حديثه الخاص لـ"عربي21" تفاؤلا، بـ"نجاح التحركات الحكومية في تعز، رغم ما تواجهه من تحديات".

وقال إن "تعز ستنجح، فهي أساس الدولة والمعادل الموضوعي بين الشمال والجنوب، ولا تقوم الدولة إلا بتحريرها"، مضيفا أن "دورها التاريخي وموقعها وديموغرافيتها، تؤهلها للعب دور مهم في ترسيخ دعائم الدولة والوحدة الوطنية وتثبيت الأمن والاستقرار في باب المندب التابع لها".

وأوضح أن هناك تحديات عدة منها "الملف الأمني وكسر الحصار المفروض على مدينة تعز من قبل المسلحين  الحوثيين وقوات المخلوع علي صالح".

واتهم السياسي اليمني "دولة الإمارات بالتورط في فرض حصار على تعز من جهة الجنوب، كما هو حال الحصار المفروض عليها من جهة الشمال"، مشددا على أن "بقاء الحكومة في تعز سيعزز معاني الانتصار والتغلب على المشكلات السابقة وغيرها".

ولفت الكاتب اليمني إلى دور التحالف العربي الذي وصفه بـ"السلبي"، فهو يريد السيطرة على تعز كما فعل في الجنوب، مؤكدا أنه "يسعى لاحتلال المناطق المهمة في اليمن، ومن دون تعز سيكون عاجزا على تثبيت سيطرته في الشمال والجنوب".

وكانت "عربي21" قد نشرت، الجمعة، وثيقة صادرة من قيادة التحالف في عدن، تحمل توقيع قائد القوات الإماراتية "البلوشي"، دعا فيها قائد محور تعز لوقف تنفيذ أي إجراءات حكومية أو تغييرات في خارطة الانتشار العسكري بالمدينة، دون إذن من التحالف.

كما أكدت الرسالة أن التحالف يعمل على تعيين محافظ ورئيس للجنة الأمنية في تعز، بدلا عن علي المعمري، الذي قدم استقالته الشهر المنصرم، ورفضها الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي التقى به أمس، وحثه على الاستمرار في مهامه كحاكم للمدينة.