صحافة دولية

تقرير: هل دعمت أمريكا مليشيات عراقية موالية للحرس الثوري؟

قلق من قيام الحكومة الأمريكية بالعمل سرا مع مليشيات مرتبطة بالحرس الثوري- أ ف ب

نشر موقع "ذا واشنطون فري بيكون" تقريرا للكاتب آدم كريدو، عن الدور الأمريكي المحتمل في دعم مليشيات عراقية مدعومة من إيران في العراق

ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن المسؤولين الأمريكيين اعترفوا بأن المليشيات ربما استخدمت أسلحة أمريكية الصنع، وسط قلق داخل الكونغرس من قيام الحكومة الأمريكية بالعمل سرا مع المليشيات الشيعية المرتبطة مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني.

 

ويقول كريدو إن مشرعين في الكونغرس ومصادر من داخل المؤسسة العسكرية عبروا عن قلقهم مما يعتقدون أنه تسليح وتدريب أمريكي مستمر للمقاتلين العراقيين الذين يتلقون دعما من الولايات المتحدة، وهي سياسة وصفتها مصادر مطلعة بأنها فشل ذريع للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة. 

 

ويشير الموقع إلى أن المشرعين البارزين بدأوا بتقديم أدلة تظهر أن وزارة الخارجية الأمريكية واصلت تقديم دعم واسع للمقاتلين الشيعة في العراق، وأن البرنامج بدأ في عهد إدارة باراك أوباما، ويقولون إن هذا أسهم في تعزيز وجود إيران في مناطق مهمة في العراق، لافتا إلى أن ذلك يبدو على تناقض مع استراتيجية الرئيس دونالد ترامب، التي قدمها الشهر الماضي، واحتوت على مواجهة الحرس الثوري الإيراني، وملاحقته في المناطق التي ينشط فيها في العراق وسوريا.

 

ويلفت التقرير إلى أن مصادر عدة، تحدثت إلى الموقع علنا، أو دون ذكر اسمها، اتهمت وزارة الخارجية بأنها قامت ببناء "قضية مشتركة" مع الحرس الثوري الإيراني، الذي استفاد من برنامج دعم المليشيات العراقية، التي يتمتع الكثير منها بعلاقات قوية مع الحرس الثوري، حيث تشير هذه المصادر إلى أن وجود مسؤولين كبار من إدارة باراك أوباما السابقة في مواقع تحت ظل الإدارة الحالية هو السبب لاستمرار سياسة دعم المليشيات العراقية. 

 

ويفيد الكاتب بأن مسؤولين بارزين في إدارة ترامب اعترفوا بأنهم شاهدوا أدلة عن استخدام قوى شيعية على القائمة الأمريكية السوداءـ وتستخدم السلاح الأمريكي، وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: "لقد شاهدنا تقارير تفيد بأن بعض الأسلحة الأمريكية الأصلية تستخدمها وحدات المليشيات العراقية، وليس مسموحا لها باستخدامها"، وأضاف: "نحث الحكومة العراقية على أن تقوم بإعادة هذه الأسلحة على وجه السرعة، ووضعها تحت سيطرة الجيش العراقي".

 

وينقل التقرير عن المسؤول، قوله إن الولايات المتحدة لديها سياسة متشددة لمنع االجماعات المرتبطة بإيران والفاعلين الإرهابيين من الاستفادة من البرامج العسكرية المخصصة للعراق، وأضاف المسؤول أن "الذين يحصلون على الدعم الأمريكي كلهم تم التدقيق في هوياتهم ومسموح لهم باستخدامها.. ولدى الولايات المتحدة معايير متشددة لمنع تقديم الدعم للجماعات المصنفة على أنها إرهابية، والوحدات المرتبطة بإيران، ووحدات يشك في ارتكابها انتهاكات صارخة ضد حقوق الإنسان". 

 

ويذكر كريدو أن المشرعين يدعون إدارة ترامب لإلغاء أي علاقة محتملة مع الجماعات المرتبطة بإيران، وكان النائب الجمهوري عن فلوريدا، وعضو لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس رون دي سانتيز، واحدا من بين نواب كشفوا عن وجود أدلة مباشرة تربط المقاتلين المدعومين من إيران باستخدام السلاح المصنع أمريكيا وغيره من المعدات في العراق. 

 

وينقل الموقع عن دي سانتيز، قوله إن الكونغرس يقوم بتشديد الضغط على وزارة الخارجية؛ من أجل الكشف عن المعلومات المتحفظ عليها عن العلاقة بين الجيش الأمريكي والجماعات العراقية المرتبطة بإيران، وأضاف: "كان على وزارة الخارجية ألا تبني قضية مشتركة مع الحرس الثوري وقائد مليشيا القدس قاسم سليماني، أو المليشيات الشيعية"، موضحا أن هذه الجماعات عملت على إعاقة العمليات الأمريكية في المنطقة.

 

وتابع سانتيز قائلا: "هذه الجماعات مسؤولة عن قتل مئات الجنود الأمريكيين في العراق أثناء عملياتنا هناك قبل عقد"، وأضاف: "يحتاج الكونغرس لمعرفة الحقائق المتعلقة بعلاقة وزارة الخارجية وهذه الجهات الشائنة".

 

ويكشف التقرير عن أن عددا من المليشيات الشيعية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني تعمل  تحت قيادة وزارة الداخلية العراقيةـ التي توزع المساعدات المالية والعسكرية على عدد من المليشيات، مشيرا إلى أنه بحسب المعلومات الأمنية، فإن كتائب حزب الله ومنظمة بدر استفادتا من الدعم العسكري الأمريكي، بالإضافة إلى أربع منظمات أخرى مرتبطة بإيران. 

 

ويبين الكاتب أن الصور والمصادر الاستخباراتية تظهر أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يعرف عن استفادة إيران من البرامج العسكرية الأمريكية، ويعتقد أن الحكومة العراقية تقوم بتخصيص أموال لهذه القوى الإيرانية من خلال أبي مهدي المهندس، المصنف على القائمة الأمريكية الإرهابية، ويقود كتائب حزب الله، ويقوم بتوزيع الدعم الأمريكي على المليشيات الأخرى، لافتا إلى أنه تم تحديد كتائب حزب الله على أنها إحدى الجماعات التي تتلقى الدعم الأمريكي والسيارات المصفحة عبر هذه البرامج. 

 

وينوه الموقع إلى أن هناك أدلة أخرى لدى المشرعين تظهر أن هذه الجماعات تستخدم مصفحات "أبرامز أم 1 إي1"، التي تحتاج لتدريب أمريكي مباشر على استخدامها، مشيرا إلى أنه يعتقد أن وزارة الخارجية الأمريكية واعية لهذه المعلومات لكنها متهمة بالتقليل من أهميتها، لأنها قد تقف أمام الحرب التي تشن ضد تنظيم الدولة، التي تشارك فيها هذه الجماعات الشيعية.

 

ويورد التقرير نقلا عن محرر "لونغ وور جورنال" بيل روجيو، الذي يرصد الجهود العسكرية الأمريكية، قوله إن محاولات هزيمة تنظيم الدولة أدت بالجيش الأمريكي والمسؤولين الدبلوماسيين لتجاهل الدور الإيراني في العراق، وأضاف: "كان الجيش الأمريكي والحكومة مصممين على هزيمة تنظيم الدولة، ولهذا تجاهلت الحكومة عمدا أن حلفاءها في العراق وسوريا يضمون جماعات شيعية مدعومة من إيران و(بي  بي كي) المصنفة حركة إرهابية لدى الحكومة الأمريكية".

 

وينقل كريدو عن مسؤولين تحدث إليهم الموقع، قولهم إن أي قلق حول إساءة استخدام السلاح الأمريكي تم إعلام الحكومة العراقية عنه، "لو تلقينا أن هناك إساءة استخدام لأسلحة مصدرها أمريكي نقوم بإبلاغ الحكومة العراقية عبر السفارة الأمريكية في بغداد، وإلى أعلى المستويات إن اقتضى الأمر". 

 

ويستدرك الموقع بأن المسؤول العسكري قال إن "التواصل هو خاص"، وأضاف أن "الولايات المتحدة حصلت على تأكيدات من الحكومة العراقية والقوات الأمنية أنه سيتم استخدام الأسلحة الأمريكية بناء على القانون الأمريكي والاتفاقيات الثنائية".

 

وبحسب التقرير، فإن المشرعين أشاروا تحديدا إلى المبعوث إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بريت ماكغيرك، باعتباره الشخص الرئيسي وراء سياسات دعم ومساعدة الجماعات المرتبطة بإيران، منوها إلى أن ماكغيرك، الذي عينه أوباما، يعد شخصا مثيرا للجدل، حيث أقام علاقة مع مراسلة لصحيفة "وول ستريت جورنال" عندما كانا في العراق عام 2008. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن المسؤول الاستخباراتي السابق مايكل بريجنت، قوله: "تواصل وزارة الخارجية التقليل من دور المليشيات المدعومة من الحرس الثوري، مع أنها قامت باختطاف وزارة الداخلية العراقية"، وأضاف: "تحصل وزارة الداخلية العراقية على الدعم المالي والعسكري الأمريكي، وماذا تفعل وزارة الخارجية؟ فمن خلال عدم معالجة المشكلة فإنها تعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر". 

 

وينقل الموقع عن مستشار للكونغرس يعمل في الشأن الإيراني، قوله إن إدارة ترامب تقاد نحو الطريق الخطأ في السياسة الخارجية، وأضاف: "تقوم إدارة ترامب بدعم إيران في كل بلد في منطقة الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن الخارجية تحاول دفع السعودية للخنوع أمام قطر، وفي سوريا تخلت عن المعارضة، أما في لبنان فهي تعمل على تعزيز حزب الله، "وهذا ما تحصل عليه عندما تترك مسؤولي إدارة أوباما في أماكنهم، الذين هندسوا سياسة التقارب من إيران، مثل ماكغيرك".

 

ويختم "ذا واشنطون فري بيكون" تقريره بالإشارة إلى قول المستشار إن "الغموض هو سبب تلكؤ الناس الطيبين داخل الإدارة ممن يأتون إلى الكونغرس ويخبرون المشرعين بأن إيران تسيطر على الشرق الأوسط".