ملفات وتقارير

انتقادات لحكومة الشاهد بعد تصنيف تونس ملاذا ضريبيا (فيديو)

علم تونس اوروبا

طالب نوّاب في البرلمان التونسي، السبت، بإحداث لجنة تحقيق حول تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل الاتحاد الأوروبي، مشدّدين على ضرورة الكشف عن أسباب هذا الإجراء، وتداعياته الاقتصادية والمالية والسياسية.

 

وكان مجلس وزراء مالية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي أعلن، الثلاثاء، بعد اجتماع عقد بالعاصمة البلجيكية بروكسل، عن "قائمة سوداء" تضمّ 17 بلدا من خارج الاتحاد الأوروبي، تقرّر تصنيفها كملاذ ضريبي.

 

وضمّت القائمة كلا من "الإمارات" و"البحرين" و"البارباد" و"كوريا الجنوبية" و"غروناد" وجزيرة "غوام" وجزر "مارشال" و"ماكاو" و"منغوليا" و"ناميبيا" و"البلاواس" و"بناما" و"ساماو" الأمريكية و"سان لوسي" و"ترينيداد تباغو".

 

وجاءت تونس ضمن "القائمة السوداء" للاتحاد الأوروبي، الذي اعتبر أن هذه البلدان "تقر أنظمة ضريبية تفاضلية سيئة، ولم تبد انخراطها لتغييرها أو إبطالها".

 

"مصيبة"

 

ووجّه 82 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية عريضة لرئيس مجلس نواب الشعب، لمطالبة الحكومة "بتوضيح استراتيجية عملها في ما يخص علاقات تونس بالاتحاد الأوروبي".


ووصف الخبير الاقتصادي معز الجودي قرار الاتحاد الأوروبي بـ"المصيبة"، معتبرا أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد أوّل من يتحمّل مسؤولية ما حدث، باعتباره يمثّل رأس السلطة التنفيذية.

 

وتابع الجودي، في تصريح لـ"عربي21"، بأنّ لديه معطيات تفيد بأنّ حكومة الشاهد كانت على علم بالإجراءات التي انطلقت بلدان الاتحاد الأوروبي في العمل عليها في ما يتعلق بملف بلدان الملاذات الضريبية.

 

وقال: "قرار تصنيف تونس ملاذا ضريبيا من قبل الاتحاد الأوروبي هو نتيجة عملية تدقيق معمقة انطلق فيها خبراء من الأخير؛ بسبب شكاوى عديدة من البلدان الأعضاء بالاتحاد بوجود ملاذات ضريبية تسببت في مشاكل اقتصادية لها، خاصة منذ أزمة 2008".

 

استمارة واستجواب

 

وأضاف الجودي أنّ الأولوية القصوى التي وضعتها بلدان الاتحاد الأوروبي "هي محاربة بلدان الجنّة الضريبية التي تساعد على التهرب الجبائي وتبييض الأموال، وبالتالي تضرّ باقتصادات بلدان الاتحاد".


وأشار إلى أنّ خبراء الاتحاد الأوروبي أرسلوا استمارة في شكل استجواب إلى عديد البلدان؛ بهدف تقييم النظام الجبائي لكل بلد، ومن ثمّ معرفة إن كان متطوّرا أم عكس ذلك، ومدى شفافيته وتفاعله مع فرق العمل على ملف "بلدان الملاذات الضريبية".

 

وتمّ في البداية وضع قائمة بـ70 بلدا، ثمّ انخفضت إلى 36، إلى أن وصلت إلى 19 دولة، حيث تمّ التقييم بناء على تفاعل كل دولة، والإجابة عن أسئلة الاستمارة، وتقارير خبراء الاتحاد الأوروبي.

 

ولفت الجودي إلى أنّ عددا من البلدان، على غرار المغرب، "تفاعلت مع الخبراء، بل وقامت بعملية ضغط إيجابي وسريع؛ بهدف عدم تصنيفها ملاذا ضريبيا، وبلدان أخرى لا مشكل لديها بهذا التصنيف؛ لذلك لم تتفاعل مع الخبراء".

 

وأضاف أن تونس وجدت نفسها مصنّفة جنّة ضريبية؛ بسبب النقص في كفاءة الحكومات المتتالية، وغياب التواصل والعمل الدبلوماسي، وعدم التعاطي بجدية وبالشكل المطلوب مع الملف"، وفق تعبيره.

 

غياب المتابعة

 

واعتبر الجودي، في تصريحه لـ"عربي21"، أنّ "غياب المتابعة الدقيقة للملفات الاقتصادية ساهم بشكل مباشر في تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء، وهي ليست نهائية، وسيتمّ مراجعتها خلال كانون الثاني/ يناير القادم؛ لتصبح بعدها نهائية، ولكن الأمر السيئ قد وقع".


وأوضح أنّ هذا التصنيف "سينعكس على صورة تونس، حيث سيكون له تبعات سلبية بخصوص التمويلات الخارجية كالقروض وغيرها، والاستثمار الأجنبي، رغم أنّها تقوم بإصلاحات ضريبية، ولها منظومة متكاملة في الجباية".


وكانت وزارة الشؤون الخارجية التونسية عبرت "عن استغرابها واستيائها من إدراجها من قبل بقائمة الدول غير المتعاونة جبائيا"، معتبرة أن هذا التصنيف "لا يعكس إطلاقا الجهود التي تبذلها من أجل الالتزام بالمقتضيات الدولية للشفافية في الجباية".

 

حملة أوروبية

 

وتابعت الوزارة في بلاغ لها بأنّ تونس "قدّمت للمصالح الفنية للاتحاد الأوروبي كافة البيانات والتوضيحات المتعلقة بمطابقة منظومة الجباية في تونس لمبادئ "مدونة السلوك" الأوروبية في المجال الجبائي، مؤكدة أن المصالح ذاتها أقرت بتطابق هذه المنظومة مع قواعد الشفافية".


بينما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر حكومي مسؤول، (لم تذكر اسمه)، أن تونس "لن تكون بأي شكل من الأشكال ملاذا جبائيا، وترفض التدخل في سياستها الجبائية من أي كان".

 

وتابع: "تونس رفضت رسميا الاستجابة لطلب أوروبي بإيقاف الامتيازات الجبائية الموجهة للمؤسسات المصدرة كليا؛ حفاظا على النسيج الصناعي ومواطن الشغل"، مبرزا وجود "حملة تقودها عدد من الدول الأوروبية من أجل الحد من انتصاب مؤسساتها الصناعية بتونس".

 

وعبر عدد من الشخصيات والأحزاب والمنظمات، على غرار اتحاد الشغل، عن أسفهم لتصنيف تونس ملاذا ضريبيا، ودعا الأخير الحكومة إلى "التعاطي الجدّي والمسؤول مع هذا الملفّ، والتدقيق في الأسباب الموضوعية لهذا التصنيف".