ملفات وتقارير

رفض دولي لحراك "17 ديسمبر" رغم تأجيج حفتر‎

لحظة إعلان اتفاق الصخيرات- ارشيفية

أثارت الدعوات التي أطلقت من قبل بعض الأطراف السياسية حول يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر، ردود فعل رافضة ومحذرة لأي حراك أو تحرك عسكري في هذا اليوم داخل العاصمة طرابلس.


وجاءت هذه الردود بعد الدعوات التي أطلقتها أطراف سياسية، أبرزها قيادات من عملية الكرامة، حول الموعد المحدد لانتهاء الاتفاق السياسي الليبي، وانتهاء ولاية المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج، حسب قولهم.

 

دعم اتفاق الصخيرات

 

ووقعت أطراف سياسية ليبية في 17 كانون الأول/ ديسمبر عام 2015، في الصخيرات المغربية، مسودة الاتفاق السياسي الليبي، الذي يتكون من ستة ملاحق، ويتضمن تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وفاق وطني.


وحظي هذا الاتفاق بدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أوروبية والاتحادين الأوروبي والأفريقي، إضافة إلى الجامعة العربية ودول جوار ليبيا، التي شددت على التمسك بهذا الاتفاق، مؤكدة أنه الإطار الوحيد لحل الأزمة الليبية.


ورفضت كل هذه الأطراف أي حل عسكري للأزمة الليبية، وحذرت أيضا من أي عمل أو حراك يقوض العملية السياسية القائمة حاليا، التي تقودها بعثة الأمم المتحدة في البلاد برئاسة غسان سلامة.

 

ولم يقتصر دعم الاتفاق السياسي على الأطراف الدولية فقط، بل امتدّ إلى داخل ليبيا، وحظي بدعم وتأييد معظم المدن الليبية والأطراف المحلية في البلاد، باستثناء المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها خليفة حفتر.


مهلة زمنية


وقد أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في أيار/ مايو الماضي، عن منح مهلة ستة أشهر للسياسيين؛ لإنهاء ما وصفها بالمهزلة السياسية، وإلا ستتدخل قواته عقب انتهاء المهلة، التي تنتهي في كانون الأول/ ديسمبر الجاري.


وأكد الناطق باسم قوات عملية الكرامة، أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن المهلة التي منحتها "القيادة العامة" للسياسيين شارفت على الانتهاء، مهددا بأن قواتهم جاهزة للتدخل في العملية السياسية.


وفي محاولات لتأجيج الرأي العام، روجت وسائل إعلامية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لعملية الكرامة طوال الفترة الماضية، ليوم "17 ديسمبر"، ودعت أهالي طرابلس وجميع الليبيين للخروج ضد المجلس الرئاسي وتفويض خليفة حفتر لرئاسة البلاد.


باق ومستمر


من جهته، أكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، أن المجلس الرئاسي والأجسام المنبثقة عنه باقية بعد تاريخ "17 ديسمبر" الحالي، إلى حين إنجاز الانتخابات، أو يجري التوافق على التعديلات في الاتفاق السياسي.


وقال السراج، في زيارته القاهرة الأسبوع الماضي، إن هناك توافقا في الرؤى مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ضرورة أن يكون اتفاق الصخيرات هو الأرضية التي يمكن البناء عليها، لحين الوصول للانتخابات، مع الأخذ في الاعتبار أن أي تعديلات في الاتفاق حسب آليات الاتفاق السياسي بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، بحسب جريدة "اليوم السابع" المصرية.


وشدد السراج على ضرورة إجراء انتخابات، بشرط وجود إرادة سياسية وقانون لضبط العملية الانتخابية، لإجراء انتخابات شفافة في أجواء ممتازة سياسيا وأمنيا، مؤكدا على احتياجهم لدستور أو الاستفتاء على الدستور القائم، موضحا أن كل هذه مراحل فنية يجب استيفاؤها قبل الوصول لانتخابات.


رفض أممي


من جهة أخرى، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة، رفض الأمم المتحدة لمحاولات استغلال "17 ديسمبر" كذريعة للتحرك ضد العملية السياسية الحالية، مُشددا أن هذا التاريخ لا يمس صلاحية الاتفاق السياسي، الذي يبقى الإطار المرجعي لإدارة البلاد والتوصل إلى حل سياسي.


وقال سلامة إن الوصول إلى إنجاز الاستحقاق الانتخابي يتطلب وقتا وجهدا أكبر مما يتصوره الكثيرون؛ لتوفير الظروف والشروط السياسية والتشريعية والأمنية والفنية اللازمة لتمهيد الطريق نحو الانتخابات العامة، التي من المفترض أن تكون المرحلة النهائية من خطة عمل الأمم المتحدة حول ليبيا.


مجلس الأمن


وشدد رئيس مجلس الأمن الدولي مندوب اليابان لدى الأمم المتحدة، كورو بيشو، على أن الاتفاق السياسي بعد مرور سنتين من التوقيع عليه يظل الإطار الوحيد لإنهاء الأزمة، مؤكدا أن تاريخ "17 ديسمبر" الجاري لا يمثل نهاية قانونية للاتفاق، وأن مدة السنتين هي مرحلة انتقالية، وليست نهاية زمنية لاتفاق الصخيرات.


وطالب بيشو، في بيانه حول ليبيا، الجمعة الماضية، جميع الليبيين باحترام وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الإعلان المشترك في يوم 25 تموز/ يوليو الماضي بالعاصمة الفرنسية باريس، بين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج وقائد عملية الكرامة خليفة حفتر، مشيرا إلى "أنه ليس هناك حل عسكري للازمة".


وبحسب البيان، فقد قال كورو بيشو: "إن اتفاق الصخيرات بين الأطراف الليبية أتاح تشكيل حكومة وفاق وطني بقيادة فائز السراج، ورغم نجاح هذه الحكومة في بسط سلطتها في العاصمة طرابلس وبعض مدن غرب ليبيا، فهي لا تسيطر على مناطق واسعة من البلاد".


وأشار بيشو إلى أن مجلس الأمن يعترف بالدور المهم الذي يقوم به رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وكذلك باقي القادة الليبيين، الذين يدفعون باتجاه المصالحة الوطنية، موضحا أن تطبيق الاتفاق السياسي يبقى المفتاح لتنظيم انتخابات وإنهاء الانتقال السياسي، مشددا على رفض تحديد مواعيد من شأنها أن تعرقل العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وفق نص البيان.


لا غنى عن الانتخابات


وخلال زيارة قائد "الجيش" في شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الاثنين الماضي، إلى العاصمة الإيطالية روما، والتقى فيها وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، اتفق الطرفان على أنه "لا غنى عن الانتخابات في ليبيا"، بحسب ما نقلت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء.


كما اتفق الطرفان خلال اجتماعهما بمقر الخارجية في روما، على أن "يوم (17 ديسمبر) يشكل ذكرى اتفاق الصخيرات، وليس تاريخ نهاية صلاحية الاتفاقية الموقعة بين الفرقاء الليبيين قبل عامين بالمدينة المغربية".


وشدد أنجيلينو ألفانو، على أن "الاستحقاق الانتخابي هو قطار جرى تحديد وجهته، والسؤال الوحيد الذي يبقى مطروحا هو سرعة هذا القطار، أي موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الليبية، والتي حددها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في خطته في سبتمبر 2018، كموعد أقصى لإتمامها"، وفقا ما ذكرت (آكي).


كما جدد ألفانو وحفتر دعمهما لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، الذي تحظى مفاوضاته بدعم كافة المجتمع الدولي، بحسب ما نوه وزير الخارجية الإيطالي خلال اللقاء.


صراع آخر


ويرى مراقبون أن هذا الحراك الذي أطلقته عملية الكرامة؛ بحجة انتهاء مهلة الاتفاق السياسي بالصخيرات، صراع آخر بين رئيس المجلس الرئاسي المدعوم دوليا واللواء المتقاعد خليفة حفتر، رغم الجهود الدولية والعربية للتقريب بين الرجلين.


وبهذا الرفض والتحذير من قبل الأطراف الدولية بالمساس بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المنبثق عن الاتفاق السياسي الليبي، يترقب الجميع ما عسى لخليفة حفتر أن يفعل بعد انتهاء مهلته المحددة، أو أنه سيخضع -كما هو مرجح- للأوامر الدولية.