صحافة دولية

الغوطة الشرقية .. رهينة أكبر حصار في سوريا

تكلفة كيس الخبز في الغوطة الشرقية قد بلغت 8.5 يوروهات- جيتي

نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن المعاناة التي تعيش في ظلها منطقة الغوطة الشرقية جراء أكبر حصار مفروض عليها في سوريا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن معاناة منطقة الغوطة الشرقية قد بلغت مرحلة حرجة، بسبب الحصار المفروض عليها من قبل القوات النظامية السورية منذ سنة 2013. وعلى الرغم من أن مناطق خفض التصعيد التي دخلت حيز التنفيذ في تموز/يوليو، قد شملت هذه المنطقة، إلا أن تصاعد وتيرة القتال والقصف قد منع حوالي 400 ألف شخص من التمتع بالرعاية الطبية الضرورية وجعلهم عرضة لمواجهة نقص فادح على مستوى الغذاء.

ونقلت الصحيفة تصريحات المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إنجي صدقي، التي اعترفت، قائلة: "لقد قمنا بزيارة الغوطة الشرقية في شهر آب/ أغسطس وتشرين الثاني/ نوفمبر، ولاحظنا تدهور الوضع الإنساني بشكل خاص في ظل إغلاق الأسواق وما ترتب عن ذلك من ارتفاع في الأسعار".

 

لا تزال الاشتباكات مستمرة إلى حد الآن، وللأسف أصبح سكان المنطقة بمثابة رهائن في قبضة مختلف الأطراف وأشبه بعملة يتم تداولها في إطار المفاوضات.

وأضافت الصحيفة أن تكلفة كيس الخبز في الغوطة الشرقية قد بلغت 8.5 يوروهات، في حين كانت قيمته قبل شهرين حوالي 50 سنتا. في الواقع، أدى النقص الغذائي الحاد إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار في منطقة الغوطة الشرقية.

 

وقد يترتب عن ذلك حدوث وفيات جديدة في صفوف المتساكنين جراء الجوع، لاسيما في صفوف الفئات الأكثر هشاشة، مثل الرضع أو كبار السن، الذين يعتمدون اليوم على المعونة الإنسانية.

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع الإنساني في المنطقة قد ازداد سوءا خاصة في شهر تموز/ يوليو، عقب قيام القوات النظامية بإغلاق معبر الوافدين، مما أدى إلى الحد من دخول المواد الغذائية الأساسية إلى المنطقة. 

 

اقرأ أيضا : التايمز: كيف تعيش الغوطة الشرقية في ظل حصارها المستمر؟

 

إلى جانب المجاعة التي تهددها، تواجه الغوطة الشرقية أيضا انعداما كبيرا على مستوى الرعاية الطبية، مما ترك مئات المرضى والمصابين دون أي خيار.

 

ويمكن لهذا الوضع أن يزداد سوءا مع فصل الشتاء شديد البرودة خاصة بالنسبة للعائلات التي لا تمتلك الوقود.


وبينت الصحيفة أن القتال في الغوطة الشرقية قد بلغ ذروته منذ 14 من تشرين الثاني/نوفمبر الفارط، عندما شن الجيش النظامي السوري قصفا جويا للتصدي لهجوم المعارضين. وقد كانت هذه المنطقة الزراعية من أولى المناطق التي انضمت إلى موجات الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منذ آذار/مارس سنة 2011.

 

وبالتالي، كانت أولى المناطق التي عانت من القمع، والانتفاضات المسلحة في وقت لاحق، ولاسيما مدينة دوما، حيث يعيش اليوم حوالي 100 ألف شخص.

وأضافت الصحيفة أنه، بعد ست سنوات من التفجيرات التي دمرت أجزاء كبيرة من البنية التحتية للمنطقة والمستشفيات، بات السكان المحاصرون هناك، عرضة للحرب والمجاعة، فضلا عن أنهم يعتبرون ضحايا للصراع الداخلي في البلاد.

 

والجدير بالذكر أن الفصائل الرئيسية التي تتنازع من أجل السيطرة على مجموعة من الأحياء في الغوطة الشرقية تتمثل في كل من جبهة تحرير الشام وفيلق الرحمن وجبهة فتح الشام، إلى جانب فصيل جيش الإسلام. ويقدر الخبراء أن مجموع هذه الفصائل يتراوح بين 30 ألف و40 ألف مقاتل، في حين أنها تعد المسؤولة عن ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين.

وأوضحت الصحيفة أنه بعد طرد تنظيم الدولة من مدينة الرقة ودير الزور في شمال شرق البلاد، وبعد السيطرة على الضفة الجنوبية بفضل الاتفاق المبرم بين طهران وموسكو وأنقرة، من المفترض أن تواجه الغوطة الشرقية اليوم أكبر حصار قد فرض على الإطلاق.

 

وبما أن قوات بشار الأسد، المدعومة من قبل حلفائه، قد استعادت ثلثي الأراضي السورية، تركز التوتر في منطقة إدلب، آخر محافظة سورية تحت سيطرة المعارضة، التي تقع على الحدود الغربية مع سوريا. كما أصبحت مدينة دوما، في ضواحي العاصمة السورية، مسرحا للحرب والصراع.

 

اقرأ أيضا :  تفاصيل عن تحضيرات لـ"إجلاء" مقاتلي "تحرير الشام" من الغوطة


وأوردت الصحيفة أنه وتماما مثلما حدث في حمص أو حلب، قصف الطيران السوري والروسي محافظتي إدلب والغوطة، حيث يتركز العديد من المدنيين، وذلك بهدف إجبار جماعات المعارضة المسلحة على الاستسلام، على غرار جبهة فتح الشام، التي رفضت الأمر بالإخلاء من المنطقة.

وفي الختام، أفادت الصحيفة أنه في نهاية السنة السابعة، أدت الحرب السورية إلى مقتل أكثر من 320 ألف شخص، ثلثهم من المدنيين. وعلى الرغم من أن نسق وحدة الحرب قد تراجعت، إلا أن شهر أيلول/سبتمبر كان الأكثر فتكا خلال هذه السنة، حيث قتل حوالي ثلاثة آلاف شخص.