صحافة دولية

الكونفدنسيال: كيف سيتغير الوضع بالشرق الأوسط خلال 2018؟

الصحيفة قال إن الحرب في اليمن تسببت في أكبر كارثة إنسانية في المنطقة- ا ف ب

نشرت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن التغيرات التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي اتخذت فيها الأحداث مسارا مختلفا تماما مع بداية هذه السنة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المشهد العام في كل من سوريا والعراق قد شهد تغيرا جذريا. من جهة أخرى، عاشت اليمن وليبيا على وقع حادثتين ساهمتا في تغيير الوضع في كلا البلدين بشكل كبير.

وأفادت الصحيفة أن الحادثة الأولى ترتبط باغتيال الرئيس السابق، علي عبد الله صالح على أيدي الحوثيين، في حين أعلن الجنرال الليبي خليفة حفتر عن إبطال الاتفاق السياسي الليبي المدعوم من قبل الأمم المتحدة، وهو ما أدى إلى تعقيد آفاق التطبيع وتسريع دينامية الصراع في البلدين.

وبينّت الصحيفة أن النزاع المستعر بين المملكة السعودية وإيران وقطر سيجعل من 2018 سنة حاسمة بالنسبة للمنطقة. في الأثناء، استعاد نظام بشار الأسد، وحلفاؤه، السيطرة على ما يقارب ثلثي الأراضي السورية، في حين تسيطر الميليشيات الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، على جزء كبير من شمال وشرق البلاد.

وقد اقتصرت سيطرة الجماعات المعارضة الأخرى على جيوب صغيرة من الأراضي في شمال غرب وجنوب سوريا، إلى جانب بعض الأراضي في مركز البلاد. من جانب آخر، عاد العديد من مقاتلي حزب الله إلى لبنان، الأمر الذي زاد من مخاوف إسرائيل، على خلفية الخبرة والقدرات العسكرية الجديدة التي يتمتع بها هؤلاء المسلحون.

 

اقرأ أيضا: أمين الأمم المتحدة يصف حرب اليمن بـ"العبثية" ويدعو لوقفها

ونقلت الصحيفة على لسان أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة أليكانتي، إغناسيو ألفاريز أوسوريو، أن "نهاية الحرب في سوريا باتت وشيكة أكثر من أي وقت مضى، ولعل ذلك لا يعود فقط إلى هزيمة تنظيم الدولة، وإنما بسبب عملية عزل الجماعات المعارضة بشكل متزايد".

وأردف أوسوريو، أنه "بالتالي ستكون سنة 2018 سنة العمليات التي ستطال الأراضي التي لا تزال محل نزاع في مدينتي إدلب ودرعا وبعض المناطق الأخرى المحيطة بالعاصمة. وعلى الأرجح أن قوات الأسد ستتقدم بشكل تدريجي، وستعمل على دفع المعارضة إلى مناطق أخرى تماما مثلما وقع في حمص أو حلب.

نتيجة لذلك، سيعزز النظام الإنجازات التي حققها ويستعيد الأراضي المفقودة".

 

وأوضحت الصحيفة أن بغداد أيضا تشق طريقها نحو استعادة السيطرة المطلقة تقريبا على كل المناطق داخل حدودها. وفي هذا الصدد، أكد أوسوريو، أن "العراق يتحرك بخطى ثابتة نحو الاستقرار، فقد أصبحت الحكومة المركزية أقوى مما كانت عليه منذ سنوات ونجحت في هزيمة تنظيم الدولة، والتصدي لمحاولات الاستقلال الكردي".

من جهته، أكد المحلل رانج علاء الدين أن "سنة 2018 ستشهد عودة سلطة الدولة العربية. فمنذ سنة 2011، أدى تراجع السلطات العربية إلى تغيير موازين القوى لصالح النخب السياسية والعسكرية والجهات المسلحة غير الحكومية".

وأفادت الصحيفة أن مصر وليبيا تستعدان لإجراء انتخابات رئاسية خلال هذه السنة. بالنسبة لمصر، وفي ظل غياب أي معارضة حقيقية عن الانتخابات، من المحتمل أن تتم إعادة انتخاب السيسي بأغلبية ساحقة.

 

أما في ليبيا، فقد أكد حفتر أن ليبيا ليست مستعدة للديمقراطية. وفي حال أدت الانتخابات إلى الدخول في مأزق جديد، سيعمل حفتر على السيطرة على البلاد بأكملها واستعادة المناطق التي لا تخضع لسيطرته.

في الأثناء، يرى المحلل أوسوريو أن "ترشيح ابن الدكتاتور المخلوع معمر القذافي، سيف الإسلام، للانتخابات هذه السنة سيقابل بمقاومة كبيرة من قبل الأطراف السياسية الليبية التي لا ترغب في رؤية أحد من عائلة القذافي مرة أخرى في السلطة".


وبيّنت الصحيفة أن الوضع في فلسطين بعد قرار ترامب القاضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس لا يزال موضع العديد من التساؤلات. وحسب المحلل أوسوريو يعد "احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة واردا. في الوقت ذاته، لا بد من مراقبة الوضع لمعرفة ما إذا كان ترامب سيتخذ فعلا هذه الخطوة ويعلن عن خطة سلام ويعمد إلى فرضها على الفلسطينيين". 

 

اقرأ أيضا: دراسة: عام 2017 الأسوأ على المدنيين في العراق وسوريا

وأشارت الصحيفة إلى أن المواجهة السعودية القطرية قد زعزعت التوازن الإقليمي الهش في المنطقة، مما أجبر الجهات الفاعلة الأخرى على تغيير موقفها. في الأثناء، تعتبر بوادر الصلح بين كلا الدولتين بعيدة المنال في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد، أوضح أوسوريو، أنه "من المحتمل أن تغير السعودية من سياستها في محاولة لإعادة قطر تحت وصايتها كما كانت سابقا".

وأبرزت الصحيفة أنه في خضم الحرب الباردة بين إيران والسعودية، سيكون مصير اليمن على المحك. فمن المعلوم أن طهران تقدم الدعم إلى المتمردين الحوثيين ضد الحملة العسكرية للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الأراضي اليمنية.

 

وعلى الرغم من أن هذه الحرب قد تسببت في أكبر كارثة إنسانية في المنطقة، إلا أنه لا تلوح في الأفق أي مؤشرات تحيل إلى حل تفاوضي قريب.

 

من جهته، يعتقد أوسوريو، أن "الوضع المتردي في اليمن سيستمر، في حين لن تُحقق أي انتصارات أو هزائم. في الأثناء، تسعى كل من السعودية والإمارات إلى تعزيز امتداد حملتهما العسكرية حتى لا يكون هناك مخرج للأزمة اليمنية في المستقبل القريب". وعموما، قد تؤدي الحرب اليمنية إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها وإشراك الدول العظمى في القتال المباشر.


وأكدت الصحيفة على لسان المحلل في معهد بروكنجز، بروس ريدل، أن "الحرب في اليمن تكلف طهران بضعة ملايين من الدولارات شهريا، بينما تكلف الرياض ست مليارات شهريا. وفي حال تم إطلاق أي صاروخ نحو الرياض أو جدة أو أبو ظبي، سيكون الانتقام ضد إيران على نطاق واسع، ما من شأنه أن يعزز إمكانية اندلاع حرب إقليمية شاملة".