قضايا وآراء

حكم العسكر وشراء الأقلام والذمم!!

1300x600

الراصد لتاريخ العسكر منذ تولوا حكم مصر، يرى فيهم سمة واضحة، وهي: الحرص على شراء الأقلام والذمم، تبدأ بخربي الذمم، ثم تلهث خلف كل شريف لتشتري قلمه وذمته، ليكون مثلهم في السوء والفساد، ثم بعدها يركلونه بأحذيتهم، وهو ما يفسر ما نراه حاليا من حرق بعض أوراق من اشترتهم من أصحاب الذمم الخربة، أو من عرضوا ذممهم للبيع بأي ثمن يدفع.

 

فكل من وقف مع العسكر في جبروتهم، رفعوه للأعلى ثم ألقوه على أم رأسه، أو كما يقول الشيخ الغزالي: شلوت للأعلى، فيشعر صاحبه أن يرتفع لكنه بالركل بالقدم، وارتفاع بعده سقوط مهين، لا يقل عن رفعته المهينة التي ارتفعها وهما للأسف.


ففي عهد عبد الناصر وهو حاكم عسكري لمصر، يحكي أبو الفضل الجيزاوي تجربتهم في محالة شراء الأقلام، وهو أحد رجال الثورة والجيش، وقد أوفدوه إلى المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ خالد محمد خالد رحمه الله، وفاتحه في أن يطلب المبلغ الذي يريد شريطة تأييدهم في توجههم، ومحاربتهم للإخوان والتيارات المدنية المطالبة بالديمقراطية، وعودة العسكر لثكناته، وقال له باللفظ: لقد اشترينا كل الأقلام، ولم يبق إلا قلمك، وهو قلم له قيمته، وله وزنه العلمي والفكري، فاطلب ما تريد، فاعتذر خالد محمد خالد، وبين في شموخ: أن قلمه ليس للشراء.

 

المفاجأة في حكم العسكر، أنهم أيضا يعاملون من باع ذمته وقلمه لهم، بأن يركلوه، ويطردوه شر طردة، وهذا ما يفسر لنا ما فعله الانقلاب العسكري وحاكمه عبد الفتاح السيسي مع كل من وقفوا معه من أصحاب الأقلام والمشايخ، والقضاة، والإعلاميين، ممن باعوا ضمائرهم وأقلامهم، وعمائمهم للعسكر.

وكان ديدن العسكر مع كل قلم أو ذمة لا تشترى، محاولة الإذلال له، كإحسان عبد القدوس، وعباس العقاد، ومحمود شاكر، وغيرهم الكثير، لكنهم نالوا جزاءهم من العسكر. ونفس المحاولة تكررت مع عدد من مشايخ الأزهر. 


لكن المفاجأة في حكم العسكر، أنهم أيضا يعاملون من باع ذمته وقلمه لهم، بأن يركلوه، ويطردوه شر طردة، وهذا ما يفسر لنا ما فعله الانقلاب العسكري وحاكمه عبد الفتاح السيسي مع كل من وقفوا معه من أصحاب الأقلام والمشايخ، والقضاة، والإعلاميين، ممن باعوا ضمائرهم وأقلامهم، وعمائمهم للعسكر.

 

فقد فوجئوا بأن نيران حكم العسكر وظلمه يطالهم أيضا، فقديما رأينا أحد شيوخ الأزهر، وقد غالى في نقد المعارضين لعبد الناصر، بل حكم عليهم بأنهم خوارج ولا تقبل لهم توبة، وهو ما لم يقله أحد من أهل العلم مطلقا، أن التوبة لا تقبل من أحد لا يزال على قيد الحياة حتى ولو كان كافرا!! وكانت النتيجة أن عزل شر عزلة من منصبه، بشكل مهين.

 

ليس هناك أكثر تزلفا للعسكر من سعد الدين الهلالي، ولكن سرعان ما تنكروا له، وصدر منع له من الفتوى، وأحمد كريمة، وخالد الجندي، وكل هؤلاء ممن ساهم بدور غير معروف في الانقلاب العسكري، بل منهم من غالى في هذا الدور، كسعد الدين الهلالي، ومن رجال الدين رأينا الكنيسة، ودورها في دعم الانقلاب.

وهو ما تكرر مع آخرين معاصرين، بداية من أحمد الزند من القضاة، وموقفه في دعم الانقلاب، ومع أحمد شفيق الذي خرج من مصر بعد انتخابات الرئاسة في مصر وفوز الرئيس الدكتور محمد مرسي بها، خرج شفيق ولم يعد، وظل يتخذ من مقره في الإمارات مركزا للثورة المضادة والانقلاب العسكري، وبعد ذلك شاهد الجميع، بعد وصول العسكر للحكم، ما فعله بكل شركائه، فلم يبق على أحد عسكريا كان أم مدنيا.


وكذلك الحال مع الشيوخ، فليس هناك أكثر تزلفا للعسكر من سعد الدين الهلالي، ولكن سرعان ما تنكروا له، وصدر منع له من الفتوى، وأحمد كريمة، وخالد الجندي، وكل هؤلاء ممن ساهم بدور غير معروف في الانقلاب العسكري، بل منهم من غالى في هذا الدور، كسعد الدين الهلالي، ومن رجال الدين رأينا الكنيسة، ودورها في دعم الانقلاب.

 

ومع ذلك لم تسلم الكنائس من تفجيرات، تدل بوضوح على خلل أمني كبير، وإهمال، بل ربما تثبت الأيام أنه مخطط، ولون من العقاب من العسكر، وهو ما حدث في عهد مبارك في تفجير كنيسة القديسين، والتي ثبت أن من نفذتها وزارة الداخلية ووجه الاتهام بوضوح لرئيس داخليتها حبيب العادلي. وهو جزاء يقدمه العسكر لكل من اشتراه سواء كان قلما أو فكرا، دينيا كان أو سياسيا، أو أي لون كان!!