صحافة دولية

البايس: تحقيقات راكدة وسنتين دون إيجاد قاتل جوليو ريجيني

جريمة قتل ريجيني يعتقد أن الأمن المصري ضالع فيها- أرشيفية

نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن مرور سنتين عن مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة. 

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن يوم 25 كانون الثاني/ يناير يوافق مرور سنتين على اختفاء الشاب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة دون ترك أي أثر، حيث عُثر على جثته ملقاة على قارعة الطريق في ضواحي العاصمة المصرية، وكانت علامات التعذيب واضحة على جسده. وقد أكدت والدة الضحية أن جسده كان مشوها لدرجة أنها لم تتعرف على جثة ابنها سوى من خلال أنفه. لكن بعد مرور سنتين على الحادثة، لم تتلق أسرة الضحية والمجتمع الإيطالي، الذي تأثر كثيرا بهذه القضية، أي إجابة واضحة حول كيفية قتله، والأسباب الدافعة إلى اقتراف عملية القتل هذه.

وبينت الصحيفة أنه في البداية كانت أصابع الاتهام موجهة نحو قوات الأمن المصرية، فقد اختفى ريجيني عندما كان في طريقه نحو وسط القاهرة، الذي كان يشهد في ذلك اليوم تركزا مكثفا لقوات الأمن تجنبا لأي احتجاج محتمل ضد النظام الذي يقوده المشير عبد الفتاح السيسي. بالإضافة إلى ذلك، كانت العلامات البارزة على جسده مطابقة تماما لأعمال التعذيب الوحشية التي يمارسها جلادو النظام ضد الأشخاص المخالفين والمعارضين، إذ بدت عليه آثار الحروق بالسجائر والصدمات الكهربائية كما تم اقتلاع أظافره. لكن، لسائل أن يسأل، من الذي تهمه وفاة هذا الشاب إلى هذا الحد؟ ولماذا تصرف القاتل بهذه الطريقة مع الضحية؟


وأوردت الصحيفة أنه، من جهة أولى، يمكن أن يكون سبب القتل مرتبطا بالبحث الذي كان جوليو ريجيني يقوم به للحصول على الدكتوراه في الجامعة البريطانية المرموقة في كامبريدج، الذي يعنى بموضوع "نقابات العمال المستقلة في مصر". فبالنسبة لديكتاتورية على غرار تلك الموجودة حاليا في مصر، والمسؤولة عن الاختفاء القسري لمئات الأشخاص، فإن أي مؤسسة تشجع على النشاط السياسي يجب أن تكون خاضعة لرقابة صارمة، وبالتالي، لن تكون الحركة العمالية مجرد استثناء.

والجدير بالذكر أن النظام الحالي قد استنتج أن سقوط الدكتاتور السابق حسني مبارك كان بسبب هامش المناورة الشاسع الذي تم منحه للمجتمع المدني. لذلك، يمكن أن تؤثر الدراسة التي قام بها ريجيني بشكل كبير على الوضع الحساس في البلاد.

 

اقرأ أيضا: أسرة ريجيني تستنكر مطاردة مستشاريها ومحاميها في مصر

وأضافت الصحيفة أن موقف السلطات المصرية، التي نفت بشكل قاطع أي صلة لها بعملية القتل، لم يساعد على تبديد هذه الشكوك. ففي البداية، نسبت الشرطة وفاة الشاب إلى حادث سير. وفي وقت لاحق، اتهمت عصابة إجرامية باختطاف الطالب وارتكاب هذه الجريمة، وزعموا أنه قد تم العثور على حقيبة الوثائق التي كان يحملها ريجيني على ظهره في غرفة أحد القتلة المزعومين. لكن، كان من الواضح أن هذه الرواية لا تمت للواقع بصلة.

وأوردت الصحيفة أنه، منذ ذلك الحين، أثارت التحقيقات التي أجرتها الشرطة جدلا واسعا، لاسيما بسبب عدم تعاون الباحثين المصريين مع نظرائهم الإيطاليين. ونتيجة لذلك، مرت العلاقات بين روما والقاهرة بفترة من الاضطراب الشديد. ومن جهتها، تمكنت الصحافة، نوعا ما، من تسليط الضوء على مستجدات هذه القضية.

وفي هذا السياق، تداولت بعض الصحف تقارير تفيد باعتراف ثلاثة مصادر أمنية مصرية باعتقال ريجيني يوم 25 كانون الثاني/ يناير. كما سربت الصحافة المصرية تسجيل محادثة جرت بين الشاب ريجيني وممثل نقابة الباعة المتجولين في مصر، وهو دليل واضح على أن عناصر الشرطة كانت بصدد مراقبة الضحية لمدة أسابيع قبل حادثة اختفائه.

وأوردت الصحيفة أنه على الرغم من الضغوط الإعلامية والسياسية، لم تجد الحكومة المصرية أي أثر لقاتل ريجيني حتى اللحظة، وربما لن يتم مطلقا العثور عليه. وأمام هذه التوقعات ومع مراعاة المصالح التجارية الإيطالية الضخمة في مصر، وافقت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر بالكامل، حيث أرسل سفيرا جديدا إلى القاهرة بعد مرور سنة ونصف تقريبا على انسحاب السفير السابق.

وأضافت الصحيفة أن الشرطة الإيطالية وجهت، في الآونة الأخيرة، أنظار وسائل الإعلام نحو الدكتورة مها عبد الرحمن، التي كانت تشرف على أطروحة الشاب ريجيني. وأشارت الشرطة إلى أنه من الممكن أن تكون عبد الرحمن قد أجبرت الضحية على اختيار موضوع حساس جدا لأطروحته. في المقابل، دافعت جامعة كامبريدج بطريقة لا لبس فيها عن هذه الدكتورة وأكدت أنها "كانت متعاونة دائما وبشكل كامل في الأبحاث".

 

اقرأ أيضا: مواقع مصرية وإماراتية تنشر خبرا مكذوبا عن "مها عزام" (صور)

وفي الختام، نقلت الصحيفة عن ستيفن توب، نائب رئيس الجامعة أنه "من المثير للقلق أن نكتشف أن الأستاذة مها قد وقعت ضحية جهود منسقة تهدف إلى توريطها مباشرة في قضية مقتل جوليو". وفي نهاية المطاف، يجب أن يكون البحث عن مبررات مقنعة لهذا القتل الوحشي في القاهرة عوضا عن كامبريدج.