سياسة عربية

عربي21 تكشف موقف جيش مصر من سد النهضة.. وخبراء يعلقون

مسؤول رئاسي: خمسة جهات بمصر معنية بملف نهر النيل من المنبع حتي المصب.. والجيش رفض التصعيد- أرشيفية

في الوقت الذي يشارك فيه رئيس الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي في أعمال القمة الإفريقية بأديس أبابا، تخطو إثيوبيا خطواتها النهائية في إتمام بناء سد النهضة، والذي سيكون محل اجتماع ثلاثي بين القاهرة والخرطوم وأديس ابابا على هامش القمة، تتسارع التساؤلات عن أسباب ضعف الموقف المصري في التعامل مع قضية السد؟ وهل بات جراب النظام المصري خاويا من تصورات لوقف أكبر كارثة تهدد المصريين؟ وهل فشلت القاهرة في اللعب بالمساحات الخلفية لإجبار إثيوبيا علي التراجع؟ ومن المسؤول داخل النظام المصري عن هذه الكارثة التي تهدد شريان حياتهم؟


أحد مسؤولي الفريق الرئاسي الذي عمل مع الدكتور محمد مرسي أكد لـ "عربي 21" أن هناك خمس جهات بمصر معنية بملف نهر النيل من المنبع حتى المصب، وهم رئاسة الجمهورية والمخابرات ووزارات الخارجية والدفاع والري.


 وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الرئيس مرسي شكل لجنة مشتركة لمتابعة ملف السد ترأسها عصام الحداد مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، مؤكدا أن كل من المخابرات العامة ووزارة الخارجية لديهم معلومات وتصورات قيمة للتعامل مع قضية السد، ولكن على ألا يتحمل طرف منهم المسؤولية.


وكشف المسؤول الذي كان عضوا باللجنة التي شكلها مرسي، أن اجتماعات اللجنة شهدت خلافات مع ممثل وزارة الدفاع والتي كان يمثلها وقتها اللواء محمود حجازي مدير المخابرات الحربية ورئيس الأركان في عهد السيسي، حيث رفض بشكل قاطع تدخل وزارة الدفاع في أي حل يمكن أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية.


وطبقا للمسؤول الرئاسي فإن حجازي قال إن الجيش المصري مُنهك وإثيوبيا مستعدة لمواجهة أي خطوة عسكرية، وهناك دول سوف تقف معها ضد مصر، بينما كانت الخارجية ترى أنه يجب ألا توضع القضية كلها على عاتق "الخارجية"، وكذلك تهربت باقي الجهات من المسؤولية.


وعلق المسؤول الرئاسي على موقف وزارة الدفاع بأنها لم تكن راغبة في دعم الدكتور مرسي إذا اتخذ قرارا بعيدا عن الدبلوماسية، لعدة أسباب منها وقف أي محاولة لكسب الدكتور مرسي شعبية، والثاني وهو الأخطر أن القدرات العسكرية للجيش كان محل نظر وهو ما عبر عنه حجازي بأن الجيش "مُنهك"، موضحا أن الخارجية والري كانت لديهم رغبة في تنفيذ الحلول التي يمكن أن يتوصلوا عليها، بينما الدفاع كانت رافضة بشكل قطعي، في حين وقفت المخابرات في منتصف الطريق بين الجانبين.

 

اقرأ أيضا: قمة ثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا نهاية الشهر الحالي

مسؤولية السيسي


من جانبه أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل أنه كان معنيا برئاسة إدارة التعاقدات والمعاهدات الدولية في الوزارة كما تولى مسؤولية المؤتمر الاسلامي في إفريقيا، وبحكم عمله فإن لديه اعتقادا أن هناك الكثير من الإجراءات كانت في حوزة الإدارة المصرية لوقف بناء السد.


وحمّل الأشعل في حديثه لـ"عربي 21" المسؤولية الكاملة للسيسي لأنه صاحب القرارات والوحيد الذي يملك زمام الجيش بخلاف مرسي، مشيرا إلى أن ما كشف عنه المسؤول الرئاسي في عهد مرسي صحيحا، ولكن هذا ليس معناه وجود تنازع أو خلافات، مؤكدا أن المخابرات العامة لديها تصورات جيدة وكذلك الخارجية والري ولكن في النهاية لا يوجد من يستجيب والجميع يعمل في جزر منعزلة، وكأنه لم يعد هناك مصلحة لأحد لكي يتحرك لمنع هذا الخطر.


وأشار الأشعل إلى أن الاجتماع الثلاثي المرتقب في أديس أبابا ليس لن يقدم شيئا لمصر، خاصة وأن إثيوبيا تستخف كثيرا بالقاهرة، كما أن هناك دعما إفريقيا لها وخاصة من جنوب إفريقيا المعادية للسيسي وكذلك السودان التي دخلت مؤخرا على الخط، موضحا أن زيارة رئيس وزراء إثيوبيا الأخيرة للقاهرة أنهت أي أمل في التوصل إلى اتفاق، بل وقطعت الطريق على مصر لأي تدخل عسكري كانت تفكر فيه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، متوقعا أن تصل القضية لنهايتها بما يخدم مصالح إثيوبيا.

 

اقرأ أيضا: ماذا تبقى لمصر من محاولات لقطع أطماع إثيوبيا بالمياه؟

تحركات خاطئة


ويضيف المتخصص في العلاقات الإفريقية بدر شافعي، لـ "عربي 21" أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة السيسي في التعامل مع إثيوبيا زادت التوتر الموجود بين البلدين في الأساس، ومنها توطيد العلاقات مع إريتريا ودعم المعارضة الإثيوبية من الأورومو والأمهرة الموجودة في إريتريا، والتواصل المقلق مع قبائل بني شنقول في إثيوبيا، والتي يقع السد في نطاقها لإحداث قلاقل في أديس أبابا، كما دعم السيسي متمردي دارفور وجنوب السودان، ما جعل الخرطوم تبتعد عن مصر، وتتبنّى الرواية الإثيوبية بعدم وجود أثار سلبية للسد.


وأوضح الشافعي أن رهان السيسي على إريتريا يحتاج لإعادة تقييم، بالإضافة إلى أهمية التهدئة مع السودان، والبحث عن تسوية لقضية حلايب، وقبلها وقف التراشق الإعلامي، باعتبار أن ذلك يمكن أن يقوم بتحييد الخرطوم، ودفعها للوساطة مع إثيوبيا، وكذلك سحب القوات المصرية من إريتريا، بعدما اكتشف أمرها، فضلا عن ضرورة تحسين العلاقات مع الصومال. وهي الأمور التي يمكن أن تساهم في تقليل الاحتقان، والحشد ضد مصر، في منطقةٍ تمس أمنها القومي بصورة مباشرة.