مقالات مختارة

ما الذي يجري في سيناء وما علاقة غزة؟

1300x600

التقرير الذي نشرته جريدة «نيويورك تايمز»، السبت الماضي، يكشف معلومات وحقائق مرعبة عما يجري في سيناء، والدور الذي تلعبه إسرائيل هناك، وهذا يفتح أمامنا فيضانا كبيرا من الأسئلة حول أهداف الحملة العسكرية التي يتم تنفيذها في تلك المنطقة منذ سنوات، وانعكاس ذلك بشكل أساس على الوضع في غزة.

 

تقرير الصحيفة الأمريكية يؤكد أن إسرائيل شنت أكثر من 100 غارة جوية على مواقع داخل الأراضي المصرية في سيناء، خلال العامين الماضيين، بناء على التنسيق الكامل والمسبق مع الجيش المصري، إضافة إلى أن الصحيفة تتحدث عن «تحالف سري غير مسبوق» بين الجانبين، وكل هذا معناه أن ما يجري في شمال سيناء ليس له علاقة بالإرهاب، وإنما هو أكبر من ذلك بكثير، وقد يمتد إلى ترتيبات يجري العمل عليها تتعلق بالوضع في غزة والوضع في القدس، والتسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل و»صفقة القرن» ومصير حركة حماس.. وربما ملفات أخرى أكبر من ذلك أيضا.

 

وجود نشاط عسكري إسرائيلي في سيناء على الحدود مع قطاع غزة بعد ثلاث حروب إسرائيلية استهدفت القطاع، وفشلت في تدمير حركة حماس وإسقاط حكمها، يؤكد أن ثمة «مشروعا إسرائيليا» يجري العمل عليه منذ عام 2015، وأن التحركات التي تشهدها سيناء ليست مجرد «حرب على الإرهاب».

 

ما نخشاه أن تكون مصر قد وافقت على ضم أراضٍ من سيناء لقطاع غزة، من أجل إتاحة الفرصة لإسرائيل حتى تقوم بفرض تسوية ما على الفلسطينيين، وأن ما يجري منذ عامين هناك هو عملية تجهيز لهذه الأراضي، وتنظيف لها، وهو ما يمكن أن يُفسر أيضا قصة ترحيل أعداد كبيرة من سكان تلك المناطق وتفريغها تماما من البشر.

 

كما أن المُرعب أكثر هو أن يكون ما يحدث في سيناء تمهيدا لعمل عسكري بري ضد حركة حماس وسلاحها ووجودها في القطاع، وهذا ما يجرّنا أيضا إلى مسألة إدراج رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية على قوائم الإرهاب الأمريكية، التي تُعزز من فرضية أن يكون الأمريكيون والإسرائيليون وحلفاؤهم العرب عازمين على عمل عسكري ضد الحركة.

 

سواء كان هذا السيناريو صحيحا أم لا، فإن المؤكد هو أن إسرائيل لا يمكن أن تدخل عملا عسكريا يكلفها ملايين الدولارات، بدون أن تكون لها مصلحة مباشرة في ذلك؛ فالطلعة الجوية الواحدة للطيران الحربي تصل تكلفتها إلى 12 ألف دولار، أما الصاروخ الواحد الذي تطلقه طائرات «أف 16» أمريكية الصنع فيصل ثمنه إلى 125 ألف دولار، وهو ما يعني أن 100 ضربة جوية وعامين من العمل العسكري كلف الإسرائيليين عشرات الملايين وربما مئات الملايين من الدولارات.

 

وفي ظل حالة التعتيم الكامل الذي تفرضه كل من مصر وإسرائيل حول ما يجري في سيناء، فان كل السيناريوهات تظل ممكنة ومحتملة، خاصة بعد القرار الأمريكي باعتبار القدس المحتلة عاصمة للإسرائيليين، وبعد التسريبات عن «صفقة القرن» التي تريد الإدارة الأمريكية تمريرها، ولا نعلم حتى الآن بشكل دقيق ما هو مضمونها ولا ما هي تفاصيلها، وإن كان الكثير مما تسرب عنها يتعلق بقطاع غزة وتوسيعه وفرض تسوية على سكانه.

 

خلاصة القول، إن ثمة عمليات عسكرية تجري منذ أكثر من عامين في سيناء، وتقوم بتغيير الواقع على الأرض بشكل جذري، ولا يعلم أحد ما هو الهدف منها، ولا إلى ماذا ترمي، خاصة في ظل التعتيم الإسرائيلي المصري المشترك.

 

وفي الوقت ذاته، فإن ثمة مساعي واضحة في المنطقة؛ لفرض تسوية على الفلسطينيين دون موافقتهم، ودون أن تكون ناتجة عن مفاوضات هم طرف فيها، ما يعني أنه يُراد فرض المشروع الإسرائيلي على المنطقة، وهذا هو المقلق في الأمر.

القدس العربي