سياسة دولية

كيف تناول كتاب مصر صفقة الغاز من إسرائيل؟

صفقة الغاز أثارت جدلا كبيرا بالمجتمع المصري- جيتي

تلقى المصريون صدمة كبيرة بعد صفقة شراء مصر الغاز الإسرائيلي، المعلنة الاثنين، رغم وعود نظام الانقلاب للشعب بالاكتفاء منه قبل أيام وتصديره قريبا. وبرغم أهمية الحدث، إلا أنه لم ينل الاهتمام الكافي من كتاب المقالات في الصحف المصرية؛ نظرا لما تعيشه البلاد من تضييق على الحريات وغلق للمجال العام.

معظم من كتبوا بصفحات الرأي في الصحف اليومية والمواقع الموالية للانقلاب أيدوا الاتفاقية، بل ودافعوا عنها، بينما انتقد كتاب موالون للنظام جوانب أخرى لا تمس جوهر الصفقة، غير أن عددا قليلا منهم انتقدها على صفحات مواقع يحجبها النظام، مثل موقعي "المصريون" و"مصر العربية"، فيما لم تحظ الاتفاقية باهتمام من رسامي الكاريكاتير.

"جبنا جول يا مصريين"

ومن بين الذين انتقدوا الاتفاقية كان رئيس تحرير صحيفة "المصريون" جمال سلطان، الذي أشار إلى حديث السيسي عن الصفقة بمؤتمر المستثمرين، الأربعاء، منتقدا قوله إننا "جبنا جول يا مصريين"، مؤكدا أن كلمة السيسي لم تروِ ظمأ الباحثين عن الحقيقة، متمنيا أن يشرح السيسي المكاسب التي ستدخل خزينة الدولة بالأرقام، وكيفية تحصيلها.

سلطان، كشف تناقض الحديث عن أن الحكومة ليست "طرفا أساسيا" بالصفقة، قائلا: "وكون الدولة، حسب تعبير السيسي (جابت جون) يعني أنها لاعب أساسي بالاتفاقية"، مضيفا: "ولا يعقل أن صفقة بـ15 مليار دولار تتركها الدولة لرجل أعمال، في حين أنها تزاحمهم باستثمارات أصغر بكثير"، موضحا أن المواطن لا يمكنه أن يستورد (بسكلتة) من إسرائيل دون مراجعات أمنية، متسائلا: "هل صفقة بهذا الحجم وتستخدم البنية الأساسية للدولة تتم دون تدخل من الحكومة؟".

صفقة الانبطاح

وبموقع "مصر العربية" وتحت عنوان "الانبطاح الدافئ"، تحدث الكاتب محمد مصطفى موسى عما أسماه "الانبطاح الرسمي أمام الصهاينة"، وقال إن آخر شواهده هي صفقة الغاز، واصفا إياها بـ"صفقة الانبطاح من دون مواربة"، مؤكدا أن "التبرير الرسمي بأن الحكومة لم توقع شيئا، وإنما هي شركة (دولفينوس) الخاصة، لا يواري البطحة الغائرة على رأس النظام السياسي"، مضيفا أن الترتيب للصفقة جرى وفق القانون، مشيرا إلى إقرار البرلمان قانونا يتيح للقطاع الخاص استيراد وتصدير الغاز، قبل 6 أيام من الصفقة.

أين حقل ظهر؟

وكتب فراج إسماعيل، بموقع المصريون، "من العيب القول إن الحكومة فوجئت بالاتفاقية، وكأن القطاع الخاص دولة مستقلة ذات سيادة، أو بمثابة (مصر الأخرى) التي لا تديرها الحكومة".

إسماعيل، أضاف أن "الحكومة كأنها نسيت الاحتفال بحقل ظهر، وتأكيداتها أنها ستكفي حاجة السوق المحلي من الغاز الطبيعي بنهاية 2018؛ ولذلك لم تفكر ثانية واحدة بأثر الاستيراد بذلك المبلغ الضخم من إسرائيل ولمدة عشر سنوات".

خيانة وطن وبيع سيادة

وكان الكاتب الصحفي، عماد الدين أديب، من أشد المؤيدين للصفقة في مقال له بصحيفة "الوطن"، وقال عبارة "جبنا جول يا مصريين"، التي رددها السيسي الأربعاء، وكتب أديب "بدون (لف) أو (دوران)، أنا مع الاتفاق التجاري الذي تم بين شركات مصرية وشركات إسرائيلية، الخاص بمرور الغاز الإسرائيلي بمصر".

أديب، أحد الوجوه الصحفية والإعلامية المؤيدة للانقلاب، قال: "في يقيني أن الاتفاق فيه صفعة على (قفا) المصالح التركية بالبحر المتوسط، وفي حركة وصناعة الغاز"، مضيفا: "في يقيني أن مصلحة مصر العليا دون ادعاء بطولات ومحاضرات حول بيع الأوطان والتطبيع والخيانة، وكل هذا القاموس السياسي المعتاد تأتّى في أن تتحول مصر إلى (المركز الإقليمي لتصنيع وتصدير الغاز) بالمنطقة".

وانتقد أديب حديث المؤيدين والمعارضين دون وجود ملف متكامل بالبيانات والمعلومات بيد أي منهم حول طبيعة الشركات العاملة بمصر، وحصصها، ومصالحها وارتباطاتها بإسرائيل؟ خاتما بالقول: "كأن عمل اتفاق تجاري هو (خيانة وطن وبيع سيادة)".

بعيدا عن الصفقة

وبعيدا عن انتقاد الصفقة، شرع كتاب وصحفيون عبر مقالاتهم في انتقاد جوانب أخرى لا تمس جوهر الاتفاقية ولا تأثيراتها على مصر. وانتقدت الكاتبة الصحفية، أمينة خيري، بمقالها بصحيفة "الأهرام"، بعنوان "إدارة الغاز والألغاز"، أسلوب تعامل الإعلام مع الصفقة، مناشدة من أسمتهم "عديمي الاختصاص وهواة الافتئات على الأحداث الكبرى والأخبار المثيرة، سواء لرفع نسب المشاهدة، أو لتقديم أنفسهم باعتبارهم حاملي رايات الوطنية والمقدامين على الساحة الإعلامية، بأن يتركوا ما لقيصر لقيصر، وما لخبراء الطاقة والاستراتيجية والسياسة (الحقيقيين) لهم، مضيفة: "لدينا مشكلة حقيقية في فن إدارة الغاز وتدوير شؤون الألغاز!".

من حقنا أن نعرف أولا


وانتقد الكاتب محمد أمين، بمقاله في "المصري اليوم"، صدور خبر صفقة الغاز على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دون أن يكون للصحافة المصرية معلومة من أي جهة رسمية، قائلا، صفقة الغاز التي قال نتنياهو عنها: "إنه يوم عيد"، لم نجد معلومة رسمية وجدناها في صحف إسرائيل، ولو لم يكشفها نتنياهو لم نكن لنعرف بها، متسائلا: "هل هذا من المنطق أو العقل؟!".

أمين، واصل تساؤلاته قائلا: "هل مصر ستستورد الغاز على مدى السنوات القادمة، أم سنكتفي ذاتيا نهاية العام؟ هل نصدق الصفقة التي أصبحت (عيدا) بتل أبيب؟ أم نصدق ما سمعناه يوم افتتاح حقل ظُهر؟ هل المسؤولة عن الصفقة شركة قطاع خاص، أم الدولة المصرية، كما كان يحدث أيام شركة حسين سالم؟ مضيفا: "فقط نريد أن نفهم، من حق الرأي العام أن يفهم، من حقنا أن نعرف أولا!".

الانتخابات الرئاسية


وأشار الكاتب محمد الشرايدي، في مقال له بصحيفة "الوفد"، إلى أضرار الإعلان عن تلك الصفقة في هذا التوقيت قبل الانتخابات الرئاسية.

الشرايدي، قال: "حكومتنا حسبتها حسبة اقتصادية فقط، ولم تحسبها حسبة سياسية والآثار المترتبة عليها، خاصة ونحن مقبلون على عملية انتخابية حساسة على مقعد الرئاسة، وهناك العديد من المتربصين لنا في الداخل والخارج"، منتقدا عدم تمهيد الحكومة للصفقة أو إخبار البرلمان بها.