سياسة دولية

موقع بريطاني: إطلاق إسرائيل يد جيشها الإلكتروني يكشف ضعفها

سارة سيلفرمان
قال موقع ميدل إيست آي البريطاني إن إسرائيل باتت تعتمد بشكل كبير خلال السنوات الماضية على جيش إلكتروني يمارس التهديد والابتزاز بحق كل الشخصيات والمشاهير الذين يبدون آراء مناهضة للاحتلال والانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين.

وقال الكاتب سي جي وايرلمان المتخصص في السياسة الخارجية بمقال له في الموقع إن تغريدة الممثلة اليهودية الكوميدية سارة سيلفرمان بشأن عهد التميمي ورفض اعتقالها من قبل الاحتلال كشف كشفت ضعف هذا "الجيش" ولجوؤه إلى أن المضايقة والترهيب من أجل إجبار الشخصيات على تغيير آرائها.

وأعادت سيلفرمان نشر رابط لمنظمة العفو الدولية تدعو فيه للضغط على إسرائيل من أجل إطلاق الطفلة التميمي التي اعتقلت من منزلها بعد طردها أحد جنود الاحتلال من داخله وصفعه على وجهه وكتبت الممثلة في تغريدتها "على اليهود أن يقفوا بوجه الظلم خاصة عندما يكون الجاني يهوديا أو الحكومة الإسرائيلية".

وقال الكاتب إن الممثلة لم تتوقف عند حد التغريد بل قامت بالرد على كل المهاجمين لها من وسط 1600 تعليق جاؤوا على حسابها لكن في نهاية المطاف تغلبت عليها التهديدات بعد 3 أيام من تضامنها مع عهد وقالت في تغريدة لاحقة "كلما تعلمت أكثر تضاءلت احتمالات أن أعيد نشر تغريدات تتعلق بأجزاء متضاربة عن "إسرائيل" وفلسطين، من الناس الذين هم على يقين بأنهم يعرفون من هو على حق ومن هو ضلالة. وكلاهما مقنع، وقد يكون كلاهما على حق".

وأشار إلى أنها عادت في اليوم الثاني لتغرد وقالت: "أعزائي الفلسطينيون واليهود والإسرائيليون ولكل ذي رأي: لا أستطيع أن أتكلم إلا نيابة عن نفسي، وكل ما أهتم به هو الوصول إلى الحقيقة، وما هو عادل ولكن لسوء الحظ، من وجهة نظري، يبدو أن هذه الآراء غير موضوعية إلى حد بعيد، فقط الرب، الله، هاشم، وروجرز من يعرفون".

ولفت الكاتب إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي ينجح فيها "الجيش الإلكتروني" الإسرائيلي في التغلب على المشاهير وخلال السنوات الماضية شنوا العديد من الحملات على  شخصيات ومشاهير بسبب منشوراتهم الداعمة للقضية الفلسطينية والرافضة للاحتلال وممارساته.

واوضح وايرلمان أن هذا الجيش يستغل مخاوف الناس من تصنيفهم بشكل خاطئ ضمن خانة المعادين للسامية وباتت جهود إسرائيل مشوشة ويائسة وتركز على إسكات منتقديها ووصلت لحد تسخير مواقع التواصل الاجتماعي من أجل شن حرب دعائية ضد أؤلئك المهديين بمقاطعتها.

ولفت إلى دراسة أجريت عام 2017 أظهرت أن إسرائيل تهدد أو تهين فلسطينيا من خلال الإنترنت كل 71 ثانية وعادة من تحرض أو تهدد بارتكاب العنف أو كلمات مهينة مثل "قمامة" و"عاهرة" و"كلب" و"حرق" وهي كلمات تكشف سوء الحالة النفسية للمتلقي الذي يتعرض لهذه الكلمات.

ودفعت تلك المضايقات المشاهير والشخصيات خلال السنوات الماضية إلى حذف المنشورات أو الانسحاب او الاعتذار عن الاستمرار بالمشاركة.

وأشار الكاتب إلى ما حصل هذا العام مع عارضة الأزياء البريطانية المسلمة أمينة خان بعد دفعها للانسحاب من عملها كوجه بحملة لمستحضرات شركة لوريال الضخمة للتجميل بسبب إعادة نشطاء إسرائيليين الكشف عن تغريدات لها مساندة للفلسطينيين ضد العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أعوام.

ولجأ "الجيش" إلى تشويه سمعتها واتهامها بمعاداة السامية ما دفعها لحذف كل تغريداتها بل وإصدار بيان اعربت فيه عن اعتذارها وندمها الشديد بسبب الأذى الذي تسببت فيه التغريدات على حد وصفها.

وتعرضت مغنية البوب ريانا لهجوم مماثل بعد استخدام هاشتاغ حرروا فلسطين خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي دام51 يوما سنة 2014. وتسبب هذا الهاشتاغ في موجة من التغريدات التي تنم عن الكراهية تجاه المغنية الأمريكية، فضلا عن العديد من الشخصيات الإسرائيلية والأمريكية التي استنكرت هذه الخطوة. ونتيجة لذلك، ارتأت ريانا حذف التغريدة، ثم نشرت صورة لطفلين يهودي وعربي يعانقان بعضهما البعض.

خلال السنة ذاتها، وقعت المغنية بينيلوبي كروز رفقة زوجها خافيير باردم على رسالة تدين القصف الجوي والبري والبحري الذي تنتهجه "إسرائيل" ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. لكنهما تراجعا عن موقفهما في وقت لاحق بسبب موجة الانتقادات اللاذعة التي تعرضا لها.

وكذلك المغنية الأمريكية سيلينا غوميز رسالة على الإنستغرام، تلتمس بموجبها أن يقوم معجبوها بالدعاء لغزة. وبالمثل، انتهى بها المطاف بحذف المنشور بعد غضب عشرات الآلاف من رواد هذا الموقع، الذين يتخذون موقفا داعما لـ"إسرائيل"، وقد أتبعت ذلك بمنشور بينت فيه عدم انحيازها.


وقال الكاتب إنه لا يجب الخلط بين جيش "إسرائيل" الإلكتروني والقوة، لأن "إسرائيل" أصبحت تعتمد على هذا النوع من حروب الدعاية، ما يمثل نقطة ضعف لا يمكن إنكارها. وعموما، يمثل هذا الأمر اعتراف "إسرائيل" بأنها لا تستطيع تحمل دعوات المجتمع الدولي المتزايدة للامتثال للقانون الدولي لذلك، من العدل أن نفترض أن أيام نظام الفصل العنصري والاحتلال، التي أصبحت تعرّف "إسرائيل"، يمكن تعدادها بالسنوات لا بالعقود.

إقرارا للحق، باتت الأعباء الاقتصادية والسياسية الهائلة والمتنامية لتحدي القانون الدولي وقواعد حقوق الانسان أثقل من أن تتحملها "إسرائيل". وقد تبدو هذه الانتقادات طويلة الأمد لسياسة "إسرائيل" اعتباطية، إلا أنه من الواضح أن "إسرائيل" أصبحت تعتمد على جيش إلكتروني للدفاع عن نفسها ضد هذه الانتقادات. وبذلك يبرز التساؤل جليا حول ما إذا كانت "إسرائيل" تخشى من تداعيات هذه الانتقادات على مستقبل سياستها.

وأوضح الكاتب أنه علاوة على ذلك بات واضحا تزايد التهديد والعدوانية التي يمارسها اللوبي الإسرائيلي، رفقة كوكبة الناشطين وجيش الداعمين الإلكتروني الداعمين له، في سبيل مهاجمة وتشويه سمعة أي شخص اضطلع بإبداء انتقاد علني ضد "إسرائيل" أو أعرب عن دعمه لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، أو لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال السنوات القليلة الماضية.

وأشار إلى أن الحيوان البري يكون أكثر تهديدا عندما يتم حشره في الزاوية. ومن هذا المنطلق، تدرك "إسرائيل" أن تعنتها ورفضها لوضع حد لاحتلالها لفلسطين يقلص خياراتها ولا يترك لها مجالا للمناورة. وهذا يدفعها إلى التكشير عن أنيابها أمام كل من يسعى إلى زعزعة كيانها.