سياسة عربية

كيف خدم اعتقال خيري رمضان آلاف المعتقلين بمصر؟

خيري رمضان- يوتيوب

بعد إطلاق سراح الإعلامي خيري رمضان وتشبيهه أيام حبسه الستة في أحد أقسام الشرطة بأنها كـ"القبر" وحديثه عن أن السجن مثل له حالة من الأسر والقهر والوحدة والحرمان من الأهل والأبناء والمال والجاه والسلطان والعلاقات، يثار التساؤل: هل تعد كلمات الإعلامي المؤيد للانقلاب؛ رسالة قوية تكشف حقيقة ما يعيشه المعتقلون بالسجون شديدة الحراسة؟

رمضان نكل به النظام بالحبس عدة أيام بتهمة الإساءة إلى الشرطة، عقب نشره رسالة منسوبة لزوجة أحد ضباط وزارة الداخلية، تتحدث عن معاناتها ومعاناة زوجات وأسر ضباط الشرطة، بسبب ضعف رواتبهم.

وقال في أول ظهور إعلامي له بعد إخلاء سبيله عبر القناة الأولى المصرية: "إحساس عظيم قوي قد لا يتاح للكثير، عندما تصبح أسيرا، وأنت محبوس في أوضة أو زنزانة، ولابس كلابشات تحول بين يديك وأيدي من تحب، حتى للسلام، كل ما تفكر فيه أين مالي أين عيالي أين جاهي أين علاقاتي؟ أنت الآن وحدك في مواجهة الله".

 

 

 


ماذا عن المعتقلين؟


وبينما قال قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي لقناة" فرانس 24"، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، إنه لا يوجد معتقل سياسي بمصر، أكدت "منظمة العفو الدولية" أن أعداد المعتقلين منذ الانقلاب العسكري في 3 حزيران/ يوليو 2013 وحتى 30 حزيران/ يونيو 2015 بلغت أكثر من 41 ألفا، ويؤكد نشطاء ومعارضون أن عدد المعتقلين وصل لأكثر من 70 ألفا، فيما تحدثت "الشبكة العربية لحقوق الإنسان"، عن احتجاز أكثر من 106 آلاف سجين.

وعن التجاوزات والانتهاكات بسجون الانقلاب، أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 2016، أن ضباط وعناصر الشرطة و"الأمن الوطني" يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني وبأساليب تشمل الضرب، والصعق بالكهرباء، وأحيانا الاغتصاب، فيما نقلت "عربي21" شهادة أحد المعتقلين المفرج عنهم عن أساليب التعذيب بالسجون.

وكشفت رسالتان لأهالي المعتقلين نشرتا الشهر الجاري، عن ملف الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون بشكل عام وقيادات الإخوان بشكل خاص، وكانت الأولى لضحى ابنة المرشد العام للإخوان المسلين، محمد بديع، والثانية لزوجة عصام الحداد مساعد الرئيس محمد مرسي للشؤون الخارجية، ووالدة المهندس جهاد الحداد المتحدث الإعلامي للإخوان.

ويحوز الملف الحقوقي المصري اهتمام منظمات حقوقية محلية ودولية، والجمعة انتقد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد، أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، ملف حقوق الإنسان بمصر، مشيرا إلى تقارير عن استهداف ناشطي المجتمع المدني وداعمي جماعة الإخوان المسلمين وملاحقة المرشحين للانتخابات الرئاسية.

شاهد من أهلها


وفي تعليقه قال مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان (JHR) محمود جابر فرغلي، إن "القبض على خيري رمضان والذي أتبعه بشهادته حول ستة أيام حبس في قسم شرطة، نستطيع أن نقول عنه (وشهد شاهد من أهلها)".

الحقوقي المصري، اعتبر أن "هذه الشهادة بمثابة توثيق لما تم رصده حول أوضاع مقرات الاحتجاز السيئة"، مؤكدا أن "السجون المصرية غير صالحة لأن يسجن فيها كائن حي"، مضيفا أنها "كالمقابر، ويأتي في مقدمتها سجن طرة شديد الحراسة المعروف بسجن (العقرب)".

وأشار إلى أن حديث رمضان وشعوره بالقهر والوحدة والحرمان في ستة أيام؛ لخص هذا الشعور حالة 60 ألف معتقل في السجون المصرية، منهم من لا يزال داخل السجن منذ أكثر من 4 سنوات، تم تقييد حريتهم دون سند من القانون في ما يعرف بالاعتقال التعسفي".

وتابع فرغلي: "وهناك محبوسون نتيجة أحكام بالسجن جراء محاكمات غير عادلة، ويتم حرمانهم من كافة الحقوق الدنيا لمعاملة السجناء كالحرمان والمنع من الزيارة، وعدم تقديم الرعاية الطبية والصحية الذي يؤدي إلى الوفاة في أغلب الأحيان".

 

"ابن النظام"


وحول كلمات خيري رمضان، قالت الأكاديمية المصرية منار الطنطاوي، وزوجة الباحث والصحفي المعتقل هشام جعفر، إن "ما رآه رمضان في 6 أيام لا يمثل أي شيء بجوار معاناة زوجي"، موضحة أنه "لم يحبس سوى أيام وهناك من يمكثون في الحبس الانفرادي لأكثر من عامين، ولم يمنع عنه علاجه، ولم يفقد بصره، ولم يتم منعه من إجراء جراحة عاجلة مطلوبة له".

الطنطاوي، أضافت لـ"عربي21"، أن "رمضان، لم ينم على الأرض ويتم رفض إدخال سرير له، ولم يشعر بالبرد مع عدم وجود غطاء، ولم يتم حرمانه من الطعام، ولم يمنع أكثر من عامين من التعرض للشمس".

وأكدت أن "ما أحس به الإعلامي رمضان لمدة 6 أيام؛ هو واقع يعيشه كثير من المعتقلين لأعوام كثيرة"، مشيرة إلى أنه "تكلم لأنه رأى وذاق مرارة الأمر على الرغم من أنه لسنوات يسمع ويعلم الكثير مما يحدث للمعتقلين ولم يتحدث ولن يتحدث عن أي مظلوم، على الرغم من أن ما تعرض له لا يقاس بما يتعرض له باقي المعتقلين"، موضحة أنه "في النهاية يظل ابن النظام".

هل يذكر هؤلاء؟


وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، قارن الحقوقي، جمال عيد، بين ما تعرض له خيري رمضان وسجناء الرأي، وتساءل عبر تويتر: "هل سيتحدث عن سجناء رأي في (القبر) من 29 شهرا دون إفراج أو محاكمة، مثل هشام جعفر أو عمرو علي، أو شوكان أو ... آلاف للأسف".

 

 


وقال نائب رئيس حزب الجبهة، مجدي حمدان: "خيري رمضان تحدث عن سجن وقهر؛ وهو كان نزيلا في قسم ويعامل معاملة 5 نجوم"، مخاطبا إياه: "حدثني يا خيري عن ذلك، عندما تسجن في العقرب شديد الحراسة".