كتاب عربي 21

عجز تجاري مصري مزمن

1300x600
كشفت بيانات البنك المركزي المصري لأداء التجارة السلعية المصرية بالعام الماضي عن مفاجأة غير متوقعة، حيث زادت قيمة الواردات السلعية رغم ما بذلته الحكومة من جهود بالسنوات الأخيرة لخفض الواردات، لتقليل الطلب على الدولار الأمريكي.

من خلال اشتراط وزارة التجارة الموافقة المسبقة على التعامل مع الشركات الموردة بالخارج، وتعديل قانون المستوردين ليصبح أكثر تشددا بشروط التأهل لممارسة النشاط، وقيام وزارة المالية برفع الجمارك مرتين ورفع قيمة الدولار الجمركي الذى يتم على أساسه احتساب قيمة الجمارك على السلع المستوردة .

وقيام الجمارك باحتساب أسعار استرشاديه لكثير من السلع المستوردة، تزيد عن الأسعار الواردة بفواتير المستوردين، علاوة على ضعف الطلب بالأسواق بسبب ارتفاع أسعار السلع المستوردة بعد تعويم الجنيه المصري بنوفمبر 2016، مما قلل من نشاط كثير من المستوردين.

إلا أنه رغم كل ذلك فقد زادت قيمة الواردات السلعية حسب البنك المركزي، بنحو 6.3 مليار دولار بالعام الماضي عن العام الأسبق، ورغم زيادة الصادرات حسب البنك المركزي بنحو 3ر3 مليار دولار، فقد أسفر العجز التجاري السلعي عن زيادة بقيمته بنحو 278 مليون دولار بالعام الماضي، عن العام الأسبق ليصل الى 36.6 مليار دولار . 

وهو أمر يمكن تفهم أسبابه ومنها زيادة سعر خام برنت بعشر  دولارات للبرميل بالعام الماضي عن العام الأسبق، والاحتياجات السلعية الإضافية بسبب الزيادة السكانية بلغت 2 مليون شخص بالعام الماضي، وزيادة سعر بعض السلع المستوردة دوليا بالعام الماضي .

ونسب الاكتفاء الذاتي المتدنية بالعديد من السلع الغذائية مثل زيوت الطعام والقمح والذرة والفول والأعلاف، الى جانب استيراد  اللحوم والدواجن والعديد من المنتجات البترولية، وأبرزها البنزين والسولار والمازوت (الكاز) وغاز البروبين والغاز الطبيعي.

رقم حكومي أكبر للعجز

وإذا كانت بيانات البنك المركزي التي تركز على حساب التجارة الخارجية، من خلال التدفقات المالية الخاصة بها عبر الجهاز المصرفي، حددت العجز التجاري بنحو 3ر36 مليار دولار، فإن أرقام جهاز الإحصاء الحكومي الذى يعتمد على بيانات حركة التجارة الخارجية عبر المنافذ الجمركية، قد حددت العجز التجاري لنفس العام الماضي بنحو 40.2 مليار دولار.

ولأن بيانات جهاز الإحصاء أكثر تفصيلا فسوف نعتمد عليها لعرض مكونات هذا العجز التجاري، ليتبين أن مصر كان لديها عجز تجارى مع كل المناطق الجغرافية الدولية فيما عدا المنطقة العربية، ومع وجود عدد من الدول العربية بالقارة الأفريقية فقد حققت مصر فائضا مع مجمل أفريقيا .

بينما بلغ العجز التجاري  مع أوربا 18.7 مليار دولار وآسيا 16 مليار دولار، وأمريكا الجنوبية 4 مليار دولار وأمريكا الشمالية 2.8 مليار وعجز مع الدول الأوقيانوسية وأمريكا الوسطى.

وتصدرت الصين دول العجز التجاري المصري بنحو 7.4 مليار دولار، وألمانيا 3.9 مليار وروسيا 3.2 مليار والولايات المتحدة 2.5 مليار دولار، والسعودية 2.5 مليار وأوكرانيا 2.3 مليار وإيطاليا 2 مليار، وكوريا الجنوبية 1.8 مليار والهند 1.5 مليار دولار.

نسب متدنية لتغطية الواردات   

إلا أن الأمر أعمق من رقم العجز التجاري مع الدول، فقد بلغت  نسبة تغطية الصادرات للواردات 39 %، وهى أقل مما كانت عليه قبل سنوات، والأخطر أن تصل نسبة تغطية الصادرات للواردات الى 1.5 %  مع نيوزيلندا، و2.5 % مع أوكرانيا نتيجة تصدير ما قيمته 55 مليون دولار لها واستيراد ما قيمته 2.3 مليار دولار منها .

و2.7% مع كوريا الجنوبية بتصدير قيمته 50 مليون دولار واستيراد بقيمة 1.8 مليار دولار، ودارت نسبة التغطية للواردات حول 3 % مع الأرجنتين وتايوان و4 % للبرازيل، و5 % لفنلندا و6 % لليابان و8 % للصين و8.5 % لأستراليا و11 % لروسيا .

وإذا كان العجز التجاري المصري مستمر بلا انقطاع منذ خمسة عقود، فإن العجز يخيم على العلاقات التجارية مع غالبية دول العالم، فمع الولايات المتحدة عجزا متواصلا منذ أكثر من ثلاثين عاما .

وبالسنوات الثمانية الأخيرة استمر العجز التجاري الكبير مع كلا من الصين وألمانيا، وإيطاليا وروسيا والبرازيل والهند وتركيا والسعودية، وأوكرانيا وكوريا الجنوبية والأرجنتين كأكبر دول للعجز الى جانب دول أخرى عديدة .

لكنه كان هناك حوالى 20 دولة حققت مصر معها فائضا تجاريا بالعام الماضي، معظمها دول عربية مع صغر قيمة الفائض المتحقق، فباستثناء الإمارات التي بلغ الفائض معها 1.8 مليار دولار ولبنان 575 مليون، والأردن 401 مليون وكلا من تونس وليبيا والسودان لأكثر من 300 مليون دولار .

فقد تدنى الفائض ليصل الى 2 مليون دولار للمجر و5 مليون لسلوفينيا، و12 مليون لجنوب أفريقيا و18 مليون لموريتانيا و21 مليون دولار  للجزائر.