كتاب عربي 21

أصوات مهمشة: ما يحتاجه اللاجئون السوريون للعودة لوطنهم؟

1300x600
تحت هذا العنوان، أطلقت مؤسسة كارنيغي في بيروت تقريرها الجديد حول الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات، والتي تحولت اليوم إلى صراع دولي وإقليمي تشارك فيها عشرات الدول والقوى الدولية والإقليمية والمحلية.

وحسب إحصاءات مؤسسة كارنيغي يشكّل السوريون الشريحة الأكبر من اللاجئين في العالم، حيث يصل عددهم إلى 5.4 مليون نسمة في العراق والأردن ولبنان وتركيا، إضافة إلى 6.5 مليون نازح داخل سوريا. فقد أسفر النزاع الدائر في سوريا عن حدوث أكبر موجة نزوح ولجوء شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وخلّف دمارا هائلا ومئات الآلاف من الضحايا.

وقبل سنة ونصف السنة، باشر مركز كارنيغي للشرق الأوسط (مقره الإقليمي في بيروت) العمل على مشروع محفّزات العودة، بإشراف مديرة المركز مهى يحيى، للتوصّل إلى فهم أعمق لمأزق اللاجئين السوريين ومتطلباتهم من أجل حل سياسي محتمل للنزاع.

وبعد جهد متواصل استمر 14 شهرا، أعد المركز تقريرا شاملا حول أوضاع اللاجئين السوريين في عدد من الدول، ولا سيما في لبنان والأردن، وتضمن التقرير شهادات حية من لاجئين سوريين حول معاناتهم ومشاكلهم وموقفهم من العودة إلى بلادهم، كما تضمن توصيات سياسية تَعتبر مطالب اللاجئين الحجر الأساس في أي قرار سياسي مستدام للنزاع السوري، وذلك استنادا إلى حلقات نقاش ضمّت لاجئين سوريين مقيمين في لبنان والأردن، وورش عمل مع منظمات غير حكومية وخبراء حول شؤون سوريا والهجرة وحل النزاعات.

وخلال الندوة التي أقيمت بعد ظهر الاثنين الماضي في مقر المؤسسة في بيروت جرى استعراض أهم النقاط التي يتضمنها التقرير، إضافة لشهادات ومواقف من باحثين عرب وأتراك وأجانب حول قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ومع أن المشرفة على إعداد التقرير الأستاذة مهى يحيى أكدت وفقا لشهادات اللاجئين أنهم يرغبون بالعودة السريعة إلى بلادهم فور توفر الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية المناسبة، فإن الباحث التركي في شؤون الهجرة، الدكتور مراد أردوغان، اعتبر في شهادته أن معظم اللاجئين في العالم لا يعودون إلى بلادهم حتى لو توفرت الظروف المناسبة وأنهم يفضلون البقاء حيث هم، وأعطى الكثير من الأدلة حول وجهة نظره، وخصوصا من خلال واقع اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان والإيرانيين وغيرهم من الموجودين اليوم في تركيا أو في أوروبا.

تقرير مؤسسة كارنيغي حول أوضاع اللاجئين السوريين وما قدّم في هذه الندوة من معلومات وآراء ومعطيات حول قضايا اللاجئين في العالم، ولا سيما اللاجئين من الدول العربية والإسلامية، يكشف خطورة هذه الأزمة الإنسانية - السياسية - الاجتماعية - الأمنية، والتي تتطلب معالجات سريعة وشاملة للأزمة السورية ولغيرها من الأزمات التي تواجهها دول المنطقة، ولا سيما في اليمن وليبيا والعراق والصومال والتي تعاني من الهجرات واللجوء والنزوح.

نحن اليوم أمام أزمات متفاقمة، وتحولت بلادنا إلى ساحات للصراعات الدولية والإقليمية، وكل ذلك يشكل دافعا لجميع القوى الفاعلة من أجل البحث عن حلول سريعة لهذه الأزمات وتقديم التنازلات المتبادلة للتوصل إلى حلول سريعة، رغم الصعوبات والتحديات العديدة التي تمنع مثل هذه الحلول.

إن الاستفادة من كل تجارب الحروب والصراعات السابقة في المنطقة، ولا سيما الحرب الأهلية في لبنان (1975- 1990) والحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وحرب احتلال الكويت، إلى غير ذلك من الحروب والصراعات الأهلية أو الإقليمية والدولية.. كل هذه الحروب تؤدي إلى الدمار وسقوط الملايين أو مئات الألوف من الضحايا، وفي النهاية يجلس المتحاربون على طاولة المفاوضات للبحث عن حلول ويدفع الأبرياء الثمن، وكما قال محمود درويش في إحدى قصائده:

‏ستنتهي الحرب..
‏ويتصافح القادة..
‏ وتبقى تلك العجوز..
‏تنتظر ولدها الشهيد..
‏وتلك الفتاة..
‏تنتظر زوجها الحبيب.. 
‏وأولئك الأطفال..
ينتظرون والدهم البطل..
‏لا أعلم من باع الوطن..
ولكنني رأيتُ من دفع الثمن!

فمتى يعود اللاجئون (كل اللاجئين) إلى أوطانهم ولا يظلون أصواتا مهمشة؟