ملفات وتقارير

نشطاء: النهضة أحرجت خصومها بعد ترشيح امرأة لبلدية تونس

الشارني: الجدل الحاصل حول منصب رئيس بلدية العاصمة لم يكن ليطرح لو رشح أي حزب آخر غير النهضة امرأة لهذا المنصب

لا يزال الجدل متواصلا بين الأوساط السياسية والنخب المثقفة في تونس، حول أهلية مرشحة حركة النهضة الإسلامية، سعاد عبد الرحيم، لنيل منصب رئيس بلدية تونس العاصمة، بعد تقدم الحركة على منافستها نداء تونس في الانتخابات البلدية.

ورأى نشطاء أن النهضة استطاعت أن "تحرج" خصومها العلمانيين، بتقديم مرشحة غير متحجبة لهذا المنصب، في ظل تعالي أصوات يسارية رافضة لتعيين عبد الرحيم؛ بحجة أنها "امرأة".

وكان المكلف بالاتصال في نداء تونس، فؤاد بوسلامة، أعلن صراحة رفضه تعيين امرأة في منصب "شيخ مدينة تونس"، مبررا ذلك بعدم قدرتها على دخول المسجد ليلة القدر، وباقي المناسبات الدينية، التي تستوجب جلوسها مع رجال الدين والدولة، وفق ما يمليه البروتوكول، بحسب قوله.

 

واعتبر الأمر "سقطة مدوية" لحركة نداء تونس ،التي قدمت نفسها منذ تأسيسها كحزب حامل لواء الحداثة ومدافع شرس عن المرأة، وعن المشروع البورقيبي الحداثي بمواجهة المشروع "الإخواني" لحركة النهضة، وفق تعبيره.


وسارع المدير التنفيذي لنداء تونس، حافظ قائد السبسي، إلى نشر بيان تبرأ خلاله من المكلف بالاتصال فؤاد بوسلامة، مشددا على تحمله وحده مسؤولية أقواله، وأن "ما يصدر عنه من مواقف تلزمه شخصيا، ولا تلزم أو تمثل الموقف الرسمي للحركة".

وزادت حدة الجدل حول القضية ذاتها، بعد تصريح الكاتب المسرحي رجاء فرحات، عبر راديو "موازييك"، بأن أهلية منصب شيخ مدينة تونس تعود لمواليد تونس العاصمة دون سواها، الأمر الذي استهجنه كثيرون، معتبرين إياه تصريحا "عنصريا وطبقيا، ليس فقط ضد المرأة، بل ضد سكان باقي محافظات البلاد"، وفق قولهم.


من جانبها، دعت أعرق جمعية حقوقية نسوية في البلاد "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات"، في بيان لها، "مختلف الأطراف الفائزة في انتخابات 6 أيار/ مايو 2018 إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه التونسيات والتونسيين".

وأعربت في السياق ذاته عن خشيتها من "التراجع عن الاعتراف للنساء بكفاءاتهن وأدوارهن في إنجاح العملية الانتخابية؛ بسبب التجاذبات السياسية والحسابات الحزبية الضيّقة".

وطالبت بـ"تمكين النساء من رئاسة البلديات، بمساندة من ينتصرن لحقوق النساء، جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وللمساواة التامّة دون مساومة أو مواربة ودون تمييز".

 


من جانبه، شدد القيادي في حركة النهضة، زبير الشهودي، تمسك الحركة بتعيين سعاد عبد الرحيم على رأس بلدية العاصمة، مثنيا على كفاءتها السياسية والعلمية، وعلى ماضيها النضالي إبان فترة حكم الرئيس المخلوع بن علي.

وتابع في تصريح لـ"عربي21" بأن "ترشيح سعاد عبد الرحيم فضح من صدعوا رؤوسنا طيلة سنوات بالدفاع عن حقوق المرأة، ومساواتها التامة مع الرجل، ليسقطوا في أول اختبار لهم، وأريد أن أذكرهم أن حركة النهضة أول من دافع عن مبدأ التناصف -إناثا وذكورا- في القوائم الانتخابية، رغم طرح المشروع حينها من أحزاب أخرى فقط لإحراج النهضة، وتكشف هذه الأحداث أن هذه الأحزاب عجزت عن تطبيق مبدأ التناصف في قوائمها المرشحة، بينما نجحت النهضة في تجسيد ذلك".

واستنكر الشهودي ما أسماه "الأطروحات العنصرية" التي صدرت عمن يروجون لأنفسهم بالنخب الحداثية في البلاد، معتبرا ما صدر عنهم "محاولة لإذكاء الصراع الإيديولوجي والطبقي".

وختم بالقول: "عن نفسي، لم أفاجأ بمواقف من يسمون أنفسهم النخب الحداثية تجاه سعاد عبد الرحيم، وكل ما في الأمر أنهم تاجروا بقضايا المرأة لخدمة مآربهم السياسية والإيديولوجية، وأدعو جميع قياديي حركة النهضة لأن يخوضوا معركة ترشيح سعاد عبد الرحيم بآلية الانتخابات، وليس عن طريق التوافقات أو التفاوض".

وكانت سعاد عبد الرحيم أكدت، في تصريح سابق لـ"عربي21"، تمسكها بمنصب "شيخ مدينة تونس"، رغم حملة الانتقاد التي طالتها من نخب سياسية وثقافية يسارية، معتبرة أن قرار توليها المنصب تحدده آلية التوافق أو الانتخاب أو التحالف بين 60 عضوا الفائزين في المجلس البلدي لبلدية تونس.

ورأى الإعلامي والمحلل السياسي، كمال الشارني، أن الجدل الحاصل حول منصب رئيس بلدية العاصمة لم يكن ليطرح لو رشح أي حزب آخر غير حركة النهضة امرأة لهذا المنصب.

وأضاف لـ"عربي21": "مع الأسف، سعاد عبد الرحيم دفعت ضريبة الاستقطاب الثنائي المهيمن على البلاد بعد الثورة بين نخب وأحزاب علمانية وأخرى ذات خلفية إسلامية".

يشار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت أمس عن النتائج الأولية للانتخابات البلدية، حيث حازت كتل مستقلة منفصلة عن بعضها على نسبة 32.9 بالمئة، تلتها حركة النهضة بنسبة 29.68 بالمئة، فيما حلت حركة نداء تونس في المركز الثالث بنسبة 22.17 بالمئة.

اقرأ أيضا: لماذا شنت نخب نسوية هجوما على مرشحة النهضة لبلدية تونس؟