صحافة دولية

النفط السعودي يستعد لجني ثمار انسحاب ترامب من الاتفاق النووي

انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني أدى إلى ارتفاع سعر برميل النفط ليبلغ 80 دولارا - جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا تحدث فيه عن المنافع التي سيعود بها انسحاب حكومة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، حيث ستساهم العقوبات الاقتصادية التي ستفرضها الولايات المتحدة الأمريكية في الحد من صادرات إيران، مما يفسح المجال للمملكة العربية السعودية للنهوض باقتصادها على أنقاض إيران. 

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني أدى إلى ارتفاع سعر برميل النفط ليبلغ 80 دولارا، بعد أيام فقط من إعلان هذا القرار. ويرجع ذلك بالأساس لكون إيران إحدى أكبر الدول المصدرة للوقود الأحفوري في العالم، مما يجعل الحد من صادراتها أمرا مخلا بتجارة النفط العالمية. وسيقود هذا القرار أيضا إلى مزيد تدهور الاقتصاد الإيراني وتصاعد التوترات الإقليمية. 

 

اقرأ أيضاما هي الخطوة القادمة لترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي؟

من جهتها، أعربت الحكومات الأوروبية عن رفض مبدئي لقرار الانسحاب، قائلة إنها ستسعى إلى تلافي هزيمتها الأخيرة في إقناع الرئيس الأمريكي بعدم فرض العقوبات على إيران. وفي هذا الصدد، ستعمل الدول الأوروبية على اكتشاف إجراءات مضادة للحماية من تبعات العقوبات الأمريكية، والتي ستستهدف أي شخص أو مؤسسة تتعامل مع إيران. نتيجة لذلك، صرح وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير بأن بلاده لن تسمح للولايات المتحدة الأمريكية بفرض سيطرة مطلقة على الاقتصاد العالمي. 

وأوضح الموقع أن العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة ستتسبب في تضاؤل حجم إنتاج النفط في إيران بمقدار 700 ألف برميل يوميا. علاوة على ذلك، تسعى حكومة ترامب إلى فرض عقوبات تعنى بقطاع صناعة السيارات والسجاد. ولكن بعض الدول التي تعتبر إيران شريكا اقتصاديا استراتيجيا لها، على غرار تركيا والصين والهند، ستعمد إلى شراء النفط بواسطة عملاتها المحلية لتجنب تبعات ذلك على مستوى علاقاتها الاقتصادية بالولايات المتحدة الأمريكية.

وبين الموقع أن تبعات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني على الاقتصاد العالمي لن تكون بحدة الأزمات السابقة، نظرا لتواجد المملكة العربية السعودية كلاعب احتياطي مستعد لتعويض النقص الذي سينتج عن تراجع إنتاج النفط الإيراني. ويبدو هذا الحل منطقيا بالنسبة لحكومة بن سلمان، التي ستستفيد من تجاوز سعر النفط لحاجز 80 دولارا للبرميل الواحد.

ونقل الموقع تصريح وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، الذي قال يوم الجمعة الفارط إنه كان بصدد التشاور مع الدول المنتجة للنفط داخل منظمة أوبك وخارجها؛ لضمان وجود إمدادات كافية من النفط على مستوى العالم. وسنة 2016، عقدت الدول الكبرى المصدرة للنفط عدة اتفاقيات تهدف إلى تقليص الإنتاج بهدف ضمان استقرار الأسعار، لكن تراجع الإنتاج الإيراني سيؤدي لمنح هذه الدول أريحية أكبر، خاصة مع ارتفاع الأسعار. 

 

اقرأ أيضا: هل تنجح أوروبا في تخفيف حدة العقوبات الأمريكية على إيران؟

وأورد الموقع أن المحللين يرون السعودية البلد الأكثر قدرة على تعويض النفط الإيراني، بفضل احتياطها الضخم من الوقود الأحفوري. ويعتقد دافيد باتر، محلل شؤون الطاقة المختص بدول الشرق الأوسط لدى معهد تشاتام هاوس، أن النفط السعودي يمكن استخراجه بسرعة، حيث لا يتجاوز الزمن الفاصل بين استخراجه ودخوله السوق العالمية فترة ستة أشهر، ناهيك عن أنه لا وجود لبلد آخر تتوفر فيه هذه المقومات في الوقت الحالي.

وعرض الموقع وجهة نظر سامانثا غروس، وهي محللة متخصصة في مجال الطاقة لدى معهد بروكينغز، التي أشارت إلى أن المملكة العربية السعودية التي تقوم بتغييرات كبرى بهدف تنويع اقتصادها، لن تتسرع في مضاعفة إنتاجها في حين يمكنها الاستفادة من الارتفاع في الأسعار. وبينت غروس أن السعودية ستجني ثمار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وتساهم في تطوير مشاريعها الكبرى الجديدة.

وأضافت غروس أن مشروع "رؤية السعودية 2030" يهدف إلى الحد من اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط، حيث يسعى محمد بن سلمان إلى بعث مشاريع بنية تحتية ضخمة للغاية. ولتحقيق هذه الأهداف، تحتاج المملكة إلى استقرار سعر برميل النفط عند مستوى 80 دولار أو أكثر لتتمكن من تحقيق رؤيتها المستقبلية وموازنة الميزانية المخصصة لذلك.

وأضاف الموقع أن تأثير الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني لم يكن اقتصاديا وحسب، بل امتد ليزيد من النفوذ الجيوسياسي للمملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط. ولعل وجود الدولتين على ضفتي صراع عن طريق حروب بالوكالة في المنطقة، هو أبرز أسباب سعي حكومة بن سلمان الدؤوب إلى إنهاء الاتفاق النووي الإيراني.

وبين الموقع أن الوضع الحالي هو نتاج المساعي السعودية الحثيثة خلال السنوات الماضية. وحيال هذه الشأن، قال دافيد باتلر إن "الوقت الحالي يمثل فرصة رائعة للملكة العربية السعودية، حيث تتكتل الكثير من الدول ضد إيران على المستوى الجيوسياسي، وهذا ما أرادته السعودية". وأورد باتلر أن سعر النفط يتخذ منحى تصاعديا، مما يعني زيادة الطلب وزيادة صادرات النفط الخام السعودي. 

 

وأفاد الموقع بأن العقوبات الحالية المسلطة على إيران لن تكون بالحجم الذي خطط له التحالف الأمريكي السعودي، ذلك أن القيادة الإيرانية تمكنت من الصمود في وضع مماثل في السابق. وبناء على ذلك، من المرجح أن لا ينهار الاقتصاد الإيراني تماما نظرا لعدم التزام كافة الدول بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

وفي الختام، أكد الموقع أنه في حال تم تطبيق هذه العقوبات على إيران، ستعمل حكومة حسن روحاني على تعزيز التزامها ببرنامجها النووي ومشاركتها في الصراعات الإقليمية في المنطقة. علاوة على ذلك، ستسعى إيران إلى تعزيز نفوذها داخل العراق وسوريا ولبنان واليمن، واعتبارها منفذا لتلافي آثار العقوبات الأمريكية.

 

اقرأ أيضاصحيفة: أوروبا والصين وروسيا تناقش اتفاقا جديدا مع إيران