حقوق وحريات

متابعة الصحافيين "جنائيا".. مخاوف من تعديل القانون بالمغرب

المغرب حل في المركز 135 من أصل 180 بلدا في تصنيف حرية الصحافة- أرشيفية

اتفقت الحكومة المغربية وأعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب (غرفة أولى)، على تخصيص يوم دراسي يفتح في وجه الفعاليات المهنية والحقوقية؛ من أجل النظر في التعديلات التي تنوي الحكومة إدخالها على قانون الصحافة والنشر. 

 

ودخل القانون 13-88 المتعلق بالصحافة والنشر حيز التنفيذ في أغسطس/ آب 2016، بعد أن اعتمده البرلمان بالإجماع، تميز بإلغاء العقوبات الحبسية في حق الصحافيين، قبل أن تعمل الحكومة الحالية، من خلال وزارتي العدل والاتصال، على إدخال تعديلات تمنح الحق بمتابعة الصحافيين بالقانون الجنائي.

التعديلات مخيفة

 

وحمل مشروع قانون 71.17 الرامي إلى تعديل قانون الصحافة والنشر الذي قدمته الحكومة، حيث يقضي بنسخ الفقرة الرابعة التي كانت تنص "على الغرامة فقط بالنسبة لجريمة إهانة رجال ونساء القضاء والموظفين العموميين ورؤساء أو رجال القوة العامة أثناء القيام بمهامهم أو هيئة منظمة".


ويعلن المشروع، الذي اطلعت "عربي21" على نسخة منه، من خلال مذكرته التقديمية التي وقعها وزيرا الاتصال والعدل، أن توصيف الجرائم المشار إليها يوجد بشكل أكثر دقة في القانون الجنائي من حيث تحديد العناصر التكوينية للجريمة.


ويقضي التعديل الجديد بنسخ مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 72، التي كانت تنص على "غرامات في حق مرتكبي التحريض المباشر على ارتكاب الجرائم المتعلقة بالقتل، والاعتداء على الحرمة الجسدية للإنسان، أو الإرهاب، أو السرقة، أو التخريب، وكذا جرائم الإشادة بالإرهاب، والتحريض المباشر على الكراهية والتمييز".


ويدعو إلى "نسخ الفقرة الأولى من المادة 64، المتعلقة بمنع الإشهار، الذي يتضمن تحريضا على الكراهية، أو الإرهاب، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو الإبادة الجماعية، أو التعذيب، وترك تنظيمها للقانون الجنائي مباشرة".


ودافع التعديل بإضافة "ملاءمات تتعلق بشرط التوفر على مدير النشر، باستثناء المطبوعات الإدارية والعلمية من ذلك، فضلا عن اعتماد شرط 10 سنوات متتالية منذ الحصول على صفة صحفي مهني".

يوم دراسي

 

رفضت لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب تحمل مسؤولية تمرير التعديلات التي جاءت بها الحكومة، واختارت فتح نقاش مع الفعاليات الحقوقية والمهنية من أجل نقاش التعديلات. 


قال محسن موفيدي، عن فريق العدالة والتنمية، وعضو لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب: "عبرنا بكل وضوح في مرحلة المناقشة العامة عن رفضنا لأي التفاف عن المكتسبات التي تم تحقيقها في قانون الصحافة والنشر، الذي جاء خاليا من أي عقوبات حبسية".


وتابع موفيدي في تصريح لـ"عربي21": "كان هناك إجماع بين ممثلي الفرق البرلمانية على ضرورة تأجيل النظر في التعديلات، وفتح المجال للاستماع للمهنيين والحقوقيين قبل المضي في التعديلات، وهذا ما وافق عليه الوزير".

 

وأفاد: "كانت فرصة للمطالبة بمزيد من تكريس للحريات، عوض محاولة الالتفاف، وتحويل بعض المقتضيات للقانون الجنائي". 


وأضاف: "منذ البداية، طالبنا بفتح نقاش موسع يحتضنه البرلمان، وتشارك فيه كل الفعاليات المهنية والحقوقية، وهو ما تحقق بتوافق مع باقي الفرق والحكومة، حيث تقرر تأجيل المناقشة التفصيلية، وتنظيم يوم دراسي بشراكة مع لجنة العدل والتشريع والحكومة في شخص وزيري الاتصال والعدل".


مخاوف كبيرة

 

المشروع الجديد يثير مخاوف من قبيل اعتزامه فصل هذه الجرائم، التي يعتبرها جرائم حق عام عن جرائم الصحافة والنشر، ونقلها إلى مجال القانون الجنائي، الذي لا يقتصر على الغرامات (مثل قانون الصحافة والنشر الحالي) بل يتجاوزه إلى العقوبات السالبة للحرية، وهي عقوبات ثقيلة، بحسب ما قالت النائبة أمينة ماء العينين، عضو مكتب مجلس النواب.


وأضافت في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "المشروع يعتبر أن مرتكبي هذه الجرائم من الصحفيين يتسترون بحرية الصحافة والتعبير لارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي، بغض النظر عن الوسيلة التي ارتكبت بها".


وتابعت: "استحضارا لمعضلة تكييف التهم التي تابعناها جميعا في عدة محاكمات، تُطرح تخوفات حقيقية على مستقبل حرية الصحافة وحماية الصحفيين، وهم مهددون بالحبس؛ بسبب تهمة تسمى إهانة هيئة منظمة أو إهانة موظفين عموميين أو رجال ونساء القضاء باستحضار أن الممارسة الصحفية في العالم تقود إلى انتقاد الهيئات والأشخاص في مواقع المسؤولية".

 

وكانت "مراسلون بلا حدود" أعلنت حلول المغرب في مرتبة متدنية في حرية الصحافة، مسجلة تراجعه في مؤشر حرية الإعلام بمركزين مقارنة مع العام الماضي، في وقت تقول فيه الحكومة إنها تدعم حرية الإعلام. وقالت "مراسلون بلا حدود"، إن المغرب حل في المركز 135 من أصل 180 بلدا في تصنيف حرية الصحافة. وسجل التقرير أنه "في المغرب، بالإضافة إلى المحاكمات التي استمرت لعدة سنوات ضد العديد من وسائل الإعلام، تميزت سنة 2017 بضغط قضائي قوي على الصحافيين".