صحافة دولية

وول ستريت: هذه هي دوافع حملة ابن سلمان ضد الناشطات

وول ستريت: حملة الاعتقالات هي للتعبير عن رغبة ابن سلمان في السيطرة على التغيير- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا لكل من مارغريتا ستانكاتي وسومر سعيد، توقفتا فيه عند حملة القمع الأخيرة، التي طالت الناشطات السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة وحقها في قيادة السيارة.

 

ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن الحملة هي تعبير عن رغبة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في السيطرة على التغيير. 

 

وتشير الكاتبتان إلى أن العشرات من الناشطين والناشطات السعوديين احتجزوا في السجن، وتم شجب الكثيرين منهم بصفتهم خونة، ومنع المئات من مغادرة المملكة، فيما ترك العديد البلاد، وليست لديهن أو لديهم رغبة في العودة مرة أخرى، ما يخلق مجتمعا صغيرا من المعارضين السعوديين في الخارج. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن ولي العهد اتخذ خطوات أبعد من سابقيه، في تخفيف القواعد الاجتماعية المتشددة، في وقت قام فيه بحملة قمع شرسة ضد من يعتقد أنهم معارضون له، ولم تشهد البلاد مثيلا لها منذ عقود، فبعد حملة القمع ضد العلماء والدعاة المشاهير ورجال الأعمال في الخريف، فإن حملة أيار/ مايو ركزت على رجل ونساء طالبوا بحق المرأة بقيادة السيارة، رغم أن الحكومة السعودية ستبدأ في تطبيق قانون يسمح للنساء بالقيادة في 24 حزيران/ يونيو الحالي.

 

ويورد التقرير نقلا عن نقاد، قولهم إن الرسالة وراء حملة القمع، التي تمت دون معارضة الرأي العام، هي أن ولي العهد هو من سيقوم بتحديد مسار التغيير ومداه في السعودية، حيث قالت ناشطة في مجال حقوق الإنسان: "كنا نأمل بمجتمع متوازن وحقوق أكثر.. وبدلا من ذلك فقد حدث قمع، ولكن في ظل عقيدة جديدة". 

 

وتذكر الكاتبتان أن مدير مؤسسة الجزيرة في واشنطن علي الشهابي، يدافع عن الحكومة، ويقول إن البلاد تمر في مرحلة تغييرات ضخمة، وفيها طيف من الآراء السياسية، التي تتراوح من الدينية المحافظة إلى الليبرالية الغربية، ويضيف الشهابي: "لو أردت أن تحدث تغييرا، الذي مضى وقته، فلا يمكن التوفيق بين هذين الرأيين.. لهذا فأنت بحاجة لنهج ديكتاتوري، وهذا يعني أنك ستقوم بتحديد الحرية لوقت قصير".

 

وتفيد الصحيفة بأن الأمير محمد بن سلمان حاول منذ وصول والده إلى السلطة إبعاد الاقتصاد عن النفط، وإنهاء سيطرة المحافظين الدينيين، ما يعني جعل البلد أكثر جذبا للمستثمرين، وتبني إصلاحات اجتماعية، مثل فتح دور السينما وتنظيم حفلات موسيقية، مستدركة بأن حملة الاعتقالات هي دليل على وجود توتر بين الحريات الاجتماعية والقمع السياسي في السعودية "الجديدة"، التي يرى فيها الكثير من السعوديين خطوة للوراء لم يمكن للحكومة التسامح معها.

 

وينوه التقرير إلى أنه من بين 19 معتقلا ومعتقلة، تم اعتقالهم الشهر الماضي، بقي تسعة منهم، بعدما اعترفوا، بحسب بيان من النائب العام السعودي، بالجرائم التي ارتكبت، التي تشمل التعاون مع عناصر معادية في الخارج. 

 

وتنقل الكاتبتان عن المدافعين عن المعتقلات، قولهم إنهن لن يعترفن طواعية باتهامات يقولون إنها مزيفة، حيث يقول المعارض يحيى العسيري، المقيم في لندن منذ عام 2013: "لم يكن الوضع سيئا في السعودية كما هو الآن.. عليك الآن أن تكون مؤيدا للحكومة بشكل كامل ولا يكفي السكوت"، مشيرتين إلى أن الصحيفة لم تتلق ردودا بشأن الموجة الأخيرة من الاعتقالات.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن مطلعين على طريقة تفكير الحكومة، قولهم إن قادة البلد يريدون إرسال رسالة بأن لا أحد يمكنه لي ذراع الحكومة، للمطالبة بمطالب، حتى الناشطات الداعمات لأجندة الحكومة.

 

ويفيد التقرير بأن بيانا نادرا صدر عن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي شجب "الاضطهاد المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، الذي يضعف من مصداقية عمليات إصلاح البلد"، ودعا السلطات السعودية للإفراج عن المعتقلين، لافتا إلى أن موقعا سياسيا سعوديا مشهورا، يدعى "جابرتون"، وصف في رسم كاريكاتيري مناخ الخوف الحالي برسم رجلين يجلسان في زنزانة، ويقول أحدهما: "أنا مسجون بسبب عملية سطو مسلح، وأنت؟"، فيرد الثاني قائلا: بسبب "واتساب".

 

وتقول الكاتبتان إن موجات الاعتقال الثلاث استهدفت البارزين في المجتمع السعودي، وبعضهم حقق موقعا دوليا، لافتتين إلى أنه لم يتم توجيه أي تهم رسمية لأي منهم، فيما منع أقارب المعتقلين من الزيارة. 

 

وتنقل الصحيفة عن ناشطين من أصدقاء المعتقلين، قولهم إن أفراد عائلات المعارضين في الخارج، وأحيانا أعمامهم وأخوالهم، منعوا من السفر خارج المملكة، مشيرة إلى أن من بين المعتقلين الـ70 في الموجة الأولى من الاعتقالات كان الداعية المعروف سلمان العودة، الذي كان في البداية من شيوخ الصحوة في التسعينيات من القرن الماضي، وغيّر مواقفه لاحقا، حيث تبنى الإصلاح الاجتماعي والسياسي، واعتقل العودة وعوض القرني بعد عدم التزامهما بالخط المتشدد الذي تبنته المملكة ضد قطر، وعلق كلاهما على "تويتر"، فكتبا حول علاقات أفضل بين المتنافسين الخليجيين، في وقت كانت فيه الرياض تزيد من حملتها ضد الدوحة.

 

ويورد التقرير نقلا عن شخص مقرب من العودة، قوله إن "التحقيق كله كان عن تغريدات و(فيسبوك) وصور في (إنستغرام)، وليس أي شيء خطير"، وأضاف أن ما يجمع بين المعتقلين في أيلول/ سبتمبر العام الماضي هو أنهم "شخصيات عامة ومستقلون ومؤثرون لا علاقة لهم بالحكومة".

 

وتبين الكاتبتان أن الموجة الثانية كانت في تشرين الثاني/ نوفمبر، واستهدفت رجال الأعمال البارزين في البلد، الذين تم احتجازهم في فندق ريتز كارلتون، واتهموا بالفساد، وتم الإفراج عن كبار المتعقلين الـ380 شخصا بعد موافقتهم على تسويات، مشيرتين إلى أن من بقوا في الاعتقال يواجهون اتهامات لا علاقة لها بالفساد، حيث اتهموا بالتآمر ضد العائلة المالكة، من خلال الرغبة بفصل منطقة الحجاز، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، حيث قد تؤدي هذه الاتهامات، التي يقول مقربون من المعتقلين إنها مزيفة، إلى اتهامات بالإرهاب، وذلك بحسب مسؤول سعودي مطلع. 

 

وتنقل الصحيفة عن الصحافي جمال خاشقجي، الذي يعيش في واشنطن، قوله: "خلق محمد بن سلمان معارضة لم تكن موجودة، ولم يكن بحاجة إليها"، ويضيف خاشفجي: "في كل مرة أسمع فيها عن اعتقال أو منع صديق من السفر أشعر بالامتنان لكوني هنا". 

 

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول كاتب آخر سجنته الشرطة قبل عامين، إنه لا يعلم حتى الآن التهم الموجهة إليه، وأضاف: "كل ما أكتبه متناسق مع ما تقوم الحكومة بعمله، فأنا ضد الفساد وأدعو إلى تغيير حقيقي.. ولا تزال لدي آمال كبيرة بالإفراج عني سريعا، وسأكون كاذبا لو قلت إن هذه الآمال تتلاشى شيئا فشيئا كل يوم".