صحافة دولية

ساينس مونيتور: كيف ازدهر ربيع الإسلاميات المناديات بالمساواة؟

كريستيان ساينس مونيتور: جيل جديد من الإسلاميات المناديات بالمساواة للمرأة- جيتي

نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا لتايلور لوك، يقول فيه إن آلاء خالد لا تجد تناقضا بين كونها مسلمة ملتزمة وناشطة نسائية، وتقول إنها تنشط في مجال حقوق المرأة لأنها متدينة.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن خالد تشارك في المظاهرات في الأردن وهي ترتدي الحجاب، وتحمل العلم الأردني على كتفيها، وتقول أريد أن يكون صوتي مسموعا.

وينقل الكاتب عن خالد، قولها في الوقت الذي كانت تتظاهر فيه ضد إجراءات التقشف والضرائب في الأردن: "إنه واجبي أن أكافح لأجل العدالة الاجتماعية في بلدي، ولشعبي ولبنات جنسي.. مكافحة الظلم وعدم المساواة والكفاح لأجل حقوق الإنسان وحقوق المرأة هذه ليست مجرد قضايا سياسية بالنسبة لي.. إنما هي قضايا في صميم إيماني".

وتلفت المجلة إلى أن مفهوم المساواة بين الجنسين الإسلامي، الذي له جذور في الإسلام يزيد عمره على قرن، مستدركة بأنه مع صعود الحركات الإسلامية منذ الربيع العربي عام 2011، فإن هناك جيلا جديدا من الإسلاميات -عضوات برلمان وناشطات ورائدات في جمعيات المجتمع المدني في العالم العربي- يطبقن النظرية بشكل عملي، معتمدات على الدين لمحاربة العادات الاجتماعية والقوانين البالية، التي يقلن إنها حرمت النساء من حقوقهن المنصوص عليها في القرآن الكريم. 

 

ويجد التقرير أنه مع أن المفهوم يأخذ أشكالا كثيرة، إلا أن المساواة بين الجنسين إسلاميا تستند إلى آيات صريحة في القرآن، تنص على المساواة بين البشر، لافتا إلى أن الناشطات يطالبن بتطبيق المساواة بين الجنسين كما ينص عليها القرآن الكريم، في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص وفي المجتمع والبيت وفي الحياة اليومية. 

 

ويقول لوك إن المغربية فاطمة ميرنيسي، خريجة علم الاجتماع من جامعة برانديز، تعد أم الحركة النسائية الإسلامية الحديثة، حيث تقول دراساتها، التي قامت بها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بأن التفسير الذكوري للدين، شكلته وأثرت فيه ثقافة الوصاية، التي سعى الإسلام لإصلاحها، والتي سلبت النساء المسلمات حقوقهن وشلطتهن.

 

تونس

 

وتفيد المجلة بأن أقوى مثال على هذه الحركة بعد الربيع العربي كان في تونس، فهناك أدت الناشطات الإسلاميات دورا مهما في التحول الديمقراطي، حيث فازت 42 امرأة من حزب النهضة، من أصل 49 امرأة فزن بمقاعد في البرلمان، في أنجح قصص الربيع العربي.

 

وينوه التقرير إلى أنه مع أن صعود النهضة إلى السلطة أقلق العلمانيين التونسيين فيما يتعلق بحقوق المرأة، إلا أنه ثبت لهم أنه لا أساس لهذه المخاوف، فقامت النساء الإسلاميات في البرلمان عام 2011 بالتعاون مع العلمانيات في تمرير قانون يطالب بالمساواة بين الرجال والنساء في الانتخابات العامة، حيث تشكل المرشحات من كل حزب نصف عدد المرشحين، وفي 2016 اتحدن ثانية لتمرير قانون يطالب بمساواة عدد المرشحات والمرشحين في الانتخابات البلدية. 

 

ويذكر الكاتب أنه عندما قدمت الحكومة التونسية مشروع قانون لحماية المرأة من العنف المنزلي، فإن حزب النهضة دعمه، وصوت أعضاء البرلمان من الحزب جميعهم لصالح المشروع، الذي أصبح قانونا العام الماضي.

 

وتبين المجلة أن أهم مشاركة لعضوات النهضة كانت في صياغة مسودة الدستور، حيث أدت عضوة برلمان عن حزب النهضة ورئيسة لجنة النساء والعائلة في البرلمان السيدة مهرزيا لبيدي، عام 2014، دورا رئيسيا في صياغة المادة 46 في الدستور؛ لضمان المساواة بين الجنسين في الحقوق والحماية ضد العنف القائم على الجنس والمساواة في المؤسسات المنتخبة، وكان هذا معلما مهما بالنسبة لحقوق المرأة العربية.  

 

ويورد التقرير نقلا عن لبيدي، قولها في مقابلة مع "كريستيان ساينس مونيتور" في مكتبها في تونس: "الرجال والنساء متساوون في الإسلام، إن تفسير الرجال للدين هو الذي أضلنا"، وقالت هي وغيرها من النساء إن الثورة كانت فرصة لإثبات أن الكفاح لأجل حقوق المرأة ليس حكرا على الغرب العلماني.

 

وأضافت لبيدي: "لم علي أن أبحث عن التمكين من خارج ديني؟.. فبدلا من ذلك أريد أن أستعيد (الفهم الصحيح) لديني، وأمكن نفسي وغيري من النساء اللواتي يستمددن التمكين من الإسلام".

 

المغرب

 

ويشير لوك إلى أنه كان هناك ربيع إسلامي للنساء في المغرب، حيث أدخل العاهل المغربي محمد السادس إصلاحات ديمقراطية، وسط مظاهرات كبيرة عام 2011، وسمح لحزب العدالة والتنمية بتشكيل حكومة. 

 

وتذكر المجلة أن عدد النساء على قوائم حزب العدالة والتنمية كان كبيرا، حيث تشكل النائبات عن الحزب غالبية النائبات البالغ عددهن 81 نائبة في البرلمان المغربي، لافتة إلى قول الخبراء بأن كلا من حزب النهضة وحزب العدالة والتنمية يمارسان ما يدعوان له، حيث هناك مساواة تقريبا في الأعداد بين الرجال والنساء.

 

ويفيد التقرير بأن النساء المناديات بحقوق المرأة في المغرب حققن خطوات أولى صلبة، فمثلا دفعت النساء نحو مادة في الدستور المعدل عام 2011، تحظر التمييز بناء على الجنس، ومرر المغرب قانونا في شهر شباط/ فبراير يجرم "التحرش والاعتداء والاستغلال الجنسي وسوء المعاملة" للنساء.

 

الأردن

 

ويبين الكاتب أن النساء الإسلاميات بدأن في الأردن أيضا بصياغة خطابهن حول حقوق المرأة في الأردن، الذي يمتاز بمجتمع قبلي محافظ، مشيرا إلى أن جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، قامت بالتصويت على إلغاء مادة في القانون الجنائي، تسمح للمغتصب بأن يتزوج ضحيته لتجنب العقوبة، وقالت إن تلك المادة وغيرها من القوانين الرجعية بخصوص المرأة تأتي من الثقافة القبلية التقليدية، وليس من الإسلام.

 

وتنقل المجلة عن عضوة البرلمان عن جبهة العمل الإسلامي، ديما طهبوب، قولها: "إن الأمر يعود لنا نحن النساء، النساء المسلمات، أن نقوم بتمزيق المفاهيم الخاطئة، أو نعيد التمكين والحقوق التي يضمنها الإسلام"، حيث تسعى طهبوب لحصول النساء الأردنيات المتزوجات من أجانب على حق منح جنسيتهن الأردنية لأبنائهن، مستخدمة حججا إسلامية وأخلاقية، وتقول بأن من الخطأ حرمان الأم وأبنائها من حقوقهم الدستورية.

 

آراء مختلفة

 

ويذهب التقرير إلى أنه مع أن نشاط الإسلاميات في مجال حقوق المرأة يزدهر في العديد من البلدان العربية، إلا أن الخبراء والناشطات أنفسهن يحذرون من أنها ليست حركة موحدة، وأنه ليس هناك اتفاق على القضايا الأساسية جميعها، فمثلا في الوقت الذي تسعى فيه الناشطات في المغرب لتحديث قوانين الميراث، فإن طهبوب في الأردن ولبيدي في تونس تقولان إنه يجب منح العائلات والأقارب الذكور الخيار في اتباع التعاليم الإسلامية، أو أن يفرضوا توزيعا أكثر كرما للنساء القريبات.

 

ويورد لوك مثالا آخر يتمثل في اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة جميعها، التي يعارضها الإخوان في الأردن والنهضة في تونس؛ بحجة أنها فرض لمفهوم غربي على القيم العائلية في مجتمع مسلم، في الوقت الذي تقول فيه الناشطات إن الاتفاقية لا تتناقض مع الإسلام.

 

وتعلق المجلة قائلة: "تبقى هناك تساؤلات عن المدى الذي يمكن للمدافعات عن حقوق المرأة الاسلاميات أن يذهبن إليه، خاصة أن الحركة الإسلامية تبقى حركة تقوم على الوصاية، ولديها سياسة رعائية نحو المرأة الموجودة في صفوفها".

 

ويورد التقرير نقلا عن إبراهيم حسن، وهو عضو في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منذ أكثر من 20 عاما، قوله: "أول ذكر لحقوق المرأة جاء في الإسلام، وما تقوم به هؤلاء النساء ليس جديدا لكنه مهم.. إلا أنه مع أننا نؤيد حقوق المرأة، فنحن ضد (المساواة) .. فالله خلق الرجال مختلفين عن النساء لسبب؛ يجب علينا أن نحترم النساء ونستمع إليهن ونتعلم منهن، لكن لا يمكن لهن القيام بعمل الرجال، أو أن يكن بالفعالية ذاتها كالرجال، أو أن يكن فعالات في بعض المواقع القيادية"، وأضاف أنه يرى أي محاولة للقول للمجتمع بأن كلا الجنسين متساويان ليس إلا خطة من العلمانيين والنظام لمحاربة الدين.

 

ويرى الكاتب أن "مثل هذه التوجهات يمكن أن تنعكس في تركيبة الأحزاب الإسلامية ذاتها، ففي حركة الإخوان في الأردن هناك نائبات إسلاميات في البرلمان، وترشحن أيضا لرئاسة البلديات، لكن لا توجد أي امرأة تقريبا في مواقع قيادية، وفي حركة الإخوان في مصر لم تظهر النساء في حكومتها، التي لم تدم إلا فترة قصيرة، وحتى النهضة، وهي أكثر الحركات الإسلامية العربية تقدمية، فليس فيها سوى أقلية من النساء في مجالس الإدارة العليا".

 

وتعتقد المجلة أن إيجاد أرضية مشتركة بين الإسلاميات المدافعات عن حقوق المرآة ونظيراتهن العلمانيات يبقى أمرا صعبا، خاصة في ضوء عدم قبول اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة جميعها من النساء الإسلاميات في الأردن وتونس.

ويستدرك التقرير بأنه مع ذلك، فإن الإسلاميات المدافعات عن حقوق المرأة يقلن إنهن براغماتيات، ويصررن على أن الدفع نحو المزيد من الحقوق هو واجب أخلاقي وديني، ويمكن ممارسته من كل من الإسلاميين والعلمانيين في الوقت ذاته.

 

وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى قول الناشطة الأردنية آلاء خالد: "حرمتنا الأنظمة العربية من حقوقنا، وأبعدتنا عن ديننا.. وكلما زحفنا نحو المساواة اقتربنا من الإسلام".