صحافة دولية

فايننشال تايمز: لهذه الأسباب فإن صفقة القرن نذير شؤم

فايننشال تايمز: صفقة القرن متحيزة بالكامل لإسرائيل- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، يقول فيه إن إسرائيل تشعر بالغبطة من إحاطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه بمجموعة من المتشددين.

 

ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب سيعلن قريبا عن خطته، التي وصفها بـ"الصفقة الكبرى"، التي سيحل من خلالها النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيرا إلى تصريحات مستشار وصهر الرئيس جارد كوشنر، وهو رجل الاتصال في الشرق الأوسط، في جولته الأخيرة، التي قال فيها إن الخطة "قاربت على الاكتمال"، وأكد في مقابلة قبل 10 أيام، أن هناك الكثير الذي يمكن عمله رغم الشكوك العالمية من الخطة الأمريكية. 

 

ويلفت غاردنر إلى أنه "تم التكتم على الخطة المفترضة، مع أن الإدارة الأمريكية اتخذت سلسلة من الخطوات الأولية التي تجعل منها متحيزة وبالكامل لصالح إسرائيل، فبعد وصوله إلى البيت الأبيض تخلى الرئيس عن فكرة حل الدولتين، التي تحظى بإجماع دولي، أي دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وعلى الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، مقابل عملية تبادل أراض محدودة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالمستوطنات الإسرائيلية القريبة من حدود ما قبل 1967."

 

ويفيد الكاتب بأن ترامب قرر في أيار/ مايو من هذا العام، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، التي لا ترغب أي دولة بالاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، حتى تحدد الأخيرة حدودها، من خلال اتفاق يتم التفاوض عليه مع الفلسطينيين، الذين يريدون أن تكون القدس العربية المحتلة عاصمة لدولتهم.

 

ويجد غاردنر أنه "من السهل رؤية السبب الذي يجعل دعاة (صفقة القرن/ كما يطلق عليها المتحمسون لها)، يؤيدونها، وهو أن الظروف كلها تميل نحوهم، فإسرائيل لم تحظ فقط بدعم غير مشروط من إدارة ترامب، بل إنها حظيت أيضا بدعم غير مسبوق، وإن كان سريا، من الدول العربية، مثل السعودية والإمارات العربية، وكلها توحدت بسبب عداوتها المشتركة لإيران". 

 

ويرى الكاتب أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول استخدام هذه الفرصة، التي لا تحصل إلا مرة في هذا الجيل، والدفع بحل بحسب النص الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، وبناء جبهة قوية وموحدة ضد الجمهورية الإسلامية، وصعدت إسرائيل هذا العام من غاراتها على إيران ووكيلها اللبناني حزب الله، اللذين ساهما مع الطيران الروسي بحماية نظام بشار الأسد من السقوط في الحرب الأهلية، التي مضى عليها سبعة أعوام".

 

ويتساءل غاردنر: "هل ستنجح خطة ترامب/ كوشنر؟ مع أن ترامب متقلب ويتصرف بطريقة غير متوقعة، تجعل من حلفائه يقفون على أعصابهم، إلا أن أحدا لا يحبس أنفاسه، وبالنسبة لإسرائيل فهي سعيدة بترامب والمجموعة الأيديولوجية التي أحاط بها نفسه، مثل مستشاره للأمن القومي جون بولتون، الذين يريدون فرض حلول وتبني مواقف قوية". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن كوشنر قوله إنه لو تم التوصل لاتفاقية "فسيحصل الطرفان على أكثر مما سيعطيان"، ويأسفان لما أسماه إصرار القيادة الفلسطينية على التركيز على "محاور البحث التي لم تتغير منذ 25 عاما". 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "كلام كوشنر في أفضل حالاته مخادع، فالرئيس العجوز محمود عباس والحلقة المحيطة به هم فضيحة، إلا أن إدارة الحكم الذاتي، التي تسيطر على أقل من نصف الضفة الغربية، عالقة في مأزق سياسي، ومهمتها توفير الأمن لإسرائيل، التي تواصل السيطرة على نسبة 60% من أراضي الضفة الغربية".

 

ويبين غاردنر أن "كوشنر لا يولي اهتماما كبيرا للأرض التي تعد جوهر المشكلة، ومنذ أن وقع الفلسطينيون اتفاقية أوسلو في عام 1993، فإن المستوطنات الإسرائيلية أكلت المناطق التي من المفترض بناء الدولة عليها، وكانت أكبر نسبة توسع استيطاني بنسبة 50% أثناء الأيام الذهبية لاتفاق أوسلو، في الفترة ما بين 1994- 1996، ولهذا السبب لم تتغير محاور الحديث؛ لأن الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف، ولا يرى كوشنر وفريقه المحابي لإسرائيل أي عدم توازن بين المحتلين ومن يحتلونهم، ويفضلون في هذه الحالة الحديث عن مشاريع استثمارات في المستقبل، التي تنفع الفلسطينيين، لكن كعمالة سخرة". 

 

ويقول الكاتب: "بعبارة أخرى، فإن حكومة ضم إسرائيلية مدعومة باليمين المتطرف، ومتحالفة مع إدارة قومية شعبوية في واشنطن، وتدعم بتحالف تقوده السعودية، لا يمكن التعامل معها على أنها وصفة جيدة للسلام، وقد لا يهتم قادة عرب، مثل ولي العهد الشاب والحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان، بقضايا مثل قضية فلسطين والقدس، لكن إن كانت شعوبهم تهتم فيجب أن تكون أولويتهم حماية أنفسهم، وليس الاتصالات العربية الإسرائيلية التي تأخذ مكانها في السر". 

 

وينوه غاردنر إلى أن "الداعمين للصفقة الكبرى هم الأشخاص أنفسهم الذين يتوقعون أن يقوم الرئيس ترامب بإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالضغط على إيران للخروج من سوريا عندما يلتقيان في هلنسكي في 16 تموز/ يوليو، وربما كان بوتين هو الشخص الوحيد الذي يحتفظ بعلاقات مع إسرائيل وإيران، لكن هذا التوقع خيالي".

 

ويبين الكاتب أن "مصالح الروس والإيرانيين، بعيدا عن حماية الأسد وإنقاذه، ليست واحدة، فإن الأسد ربح الحرب الأهلية بمساعدتهما، لكنه لا يملك العدد الكافي لحماية سوريا، ونظرا لعدم نشر بوتين قوات على الأرض فإن هذا سيترك الدور للقوات المدعومة من إيران، وفشلت موسكو في محاولة رمزية الشهر الماضي لإخراج حزب الله من معقل قوي له قرب دمشق". 

 

ويختم غاردنر مقاله بالقول إنه "مع ارتفاع مستوى التغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فإن الأمور بدأت تبدو (خطيرة) بشكل كبير، لكن دون (صفقة)".