صحافة دولية

نيوزويك: لماذا شتت قمع السيسي الإخوان ولم يوحدهم؟

نيوزويك: ميزان التحولات الجيوسياسية في المنطقة هو لصالح المعسكر المعادي للإخوان- جيتي

نشرت مجلة "نيوزويك" تقريرا، تقول فيه إن وزيرا سابقا في حكومة الإخوان المسلمين في مصر، اعترف بأن الحركة لم تعد فاعلة كما كانت، رغم وجود بعض من يؤمنون بمدرستها الفكرية، مشيرا إلى أنها تعاني من حالة التشتت والانقسام؛ بسبب خمس سنوات من قمع قادتها وسجنهم وتشريدهم.

 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن وزير الاستثمار السابق عن حزب العدالة والتنمية يحيى حامد، قوله في تصريحات للمجلة: "لا أعتقد أن الحركة فاعلة بالطريقة ذاتها التي كانت عليها في الماضي"، ويضيف حامد، الذي يعيش في المنفى في اسطنبول، أنه على الرغم من أن الحركة فقدت قيادة ثابتة، "لكنك تجد أشخاصا هنا وهناك ينتمون لها ولمدرستها في التفكير"، ويحاول هؤلاء الأفراد الحفاظ على زخم الحركة، إلا أن قدرة الإخوان على العمل قد انهارت. 

 

وتشير المجلة إلى أن حامد قرر الخروج من مصر عندما بدأت المخابرات تراقب بيته، والتحضير لاعتقاله، حيث كانت التأشيرة الوحيدة لديه هي لتركيا، ولهذا اتجه إلى هناك، واضطر في مرحلة ما للمشي في الصحراء هربا من الاعتقال، إلا أن عائلته انضمت له لاحقا في تركيا، فيما يحلم بالعودة إلى بلاده، لافتة إلى أنه تم حظر الجماعة، واعتبار أعضاء الإخوان المسلمين، من القيادة البارزة إلى أصغر كادر، إرهابيين، ومن هنا اضطروا للعمل السري.

 

ويجد التقرير أن الثورة المصرية في عام 2011 كانت أهم أحداث الربيع العربي، وأنهت 30 عاما من حكم الرئيس محمد حسني مبارك في 18 يوما من التظاهرات، مشيرا إلى أن الملايين من مختلف المشارب الاجتماعية والسياسية شاركوا في التظاهرات.

 

وتبين المجلة أنه مع خروج الرجل القوي، فإن مصر بدأت في البحث عن طرق للتحول من عقود الديكتاتورية إلى الديمقراطية، وكان من بين الجماعات السياسية الإخوان المسلمون وحزبهم "العدالة والحرية" في موقع مناسب لتولي السلطة، وفاز الحزب في معظم مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2011 ، والرئاسة في عام 2012 . 

 

ويلفت التقرير إلى أن انتخاب محمد مرسي كان أهم مرحلة في إنجازات الإخوان السياسية، مشيرا إلى أن الخلافات داخل الحركة والأحزاب السياسية والمؤسسة العسكرية في البلد في غضون عامين أدت إلى حالة من الاضطرابات وتدخل الجيش.

 

وتذكر المجلة أنه تمت الإطاحة بمرسي في غضون عام من انتخابه، وأعقبت ذلك مذبحة للإخوان، الذين أجبروا على العمل السري، وتم تجريمهم، وسجن قادة الجماعة الروحيين والسياسيين، بمن فيهم مرسي،  وحكم عليهم بالإعدام أو بالمؤبدات، فيما نجا عدد منهم ليبدأوا حياتهم في المنفى، بعيدا عن وطنهم وأروقة السلطة التي احتلوها لفترة قصيرة.

 

ويذهب التقرير إلى أن تراجع الإخوان هو تعبير عن تراجع الديمقراطية المتعددة الأحزاب في مصر، فبعد خمسة أعوام من الانقلاب أحكمت الحكومة العسكرية، التي قادها الجنرال الذي أصبح رئيسا عبد الفتاح السيسي، سيطرتها على الشعب كله، وأسكتت المعارضة، لافتا إلى أن السيسي فاز في انتخابات الرئاسة هذا العام بنسبة 97%  من الأصوات.

 

وتنقل المجلة عن منسقة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشولي تيفان، قولها: "لوحق الخط الأول والثاني الثالث والرابع"، مشيرة إلى أن وضع الإخوان لن يتحسن في وقت قريب، حيث لا يزال النظام ينظر للجماعة على أنها "تهديد عظيم" عليه، وهو ما انعكس من خلال القمع والاضطهاد القاسي الذي تمارسه حكومة السيسي، وتضيف تيفان: "هناك شعور بأنهم يمثلون تهديدا وجوديا على مصر، ولا أرى أنه (السيسي) سيخفف موقفه منهم، أو ينظر إليهم على أنهم أقل تهديدا".

 

ويجد التقرير أن القمع في الماضي أدى إلى وحدة الصف داخل جماعة الإخوان، إلا أن قمع الحاضر أدى إلى تشرذمها، فالذين بقوا في مصر منقسمون بين الداعين للحذر، والتنازل مع الحكومة والشباب الثوريين الذين يريدون مواجهة النظام، وعليه فإن الإخوان المحاصرين من الخارج والمفككين من الداخل يعانون حالة من الشلل. 

 

وترى المجلة أن السيسي يشعر بالجرأة؛ نظرا للتحولات الجيوسياسية في المنطقة، حيث أصبح الميزان اليوم في صالح المعسكر المعادي للإخوان، مع أن المعيار في الماضي كان منقسما بين الحكومات التي تريد التعاون معهم وتلك التي لا تريد. 

 

ويفيد التقرير بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قام في الأشهر الماضية بحملة تطهير للأكاديميين المرتبطين بالإخوان، فيما أصبحت قطر، الداعم التقليدي البارز للإخوان، في حالة من حصار من جيرانها، مشيرا إلى أن السيسي اصطف مع المحور البارز، الإسرائيلي السعودي الأمريكي. 

 

وتقول المجلة إن الدعم الخارجي للسيسي يمنحه يدا مطلقة في القمع الداخلي، مع أن حامد يرى أن سيطرة السيسي ليست قوية كما تظهر، فيقول: "لا تزال هناك ثورة، وهي تختمر تحت السطح وستأتي". 

 

ويستدرك التقرير بأنه رغم غياب المعارضة الحقيقية له، إلا أن الوضع الاقتصادي في مصر ترك الكثير من المواطنين في حالة من الحنق واليأس، وهم يقفون في الطوابير الطويلة للحصول على الوقود، ويعانون من ارتفاع الأسعار بسبب التضخم، بالإضافة إلى أن الحكومة أعلنت الشهر الماضي عن زيادة في الأسعار بنسبة 45% على مياه الشرب، و26% على الكهرباء، وهناك قرارات قادمة. 

 

وبحسب المجلة، فإن الحكومة قبلت 12 مليار دولار قرضا من صندوق النقد الدولي؛ في محاولة لإنقاذ الاقتصاد، وتعزيز أسسه، إلا أن الاقتصاد لا يزال في وضع غير مستقر. 

 

ويورد التقرير نقلا عن تيفان، قولها: "لو أصبحت الأمور أكثر سوءا من ناحية نقص الطعام، وشعر الناس أنهم لم يعودوا قادرين على تأمين حياتهم اليومية، فقد يتطور الوضع إلى حالة من الشغب"، وتضيف: "مهما كانت حالة الغضب فلا يوجد هناك أحد لقيادة المعارضة"، مشيرة إلى أنه من الصعب رؤية البديل، ومن أين سيأتي، إن لم يكن من داخل الجيش، وحتى لو حدث هذا فإنه سيواجه معركة صعبة، كما في حالة رئيس الأركان السابق سامي عنان، الذي حاول تحدي السيسي في الانتخابات السابقة، وانتهى في السجن. 

 

وتقول المجلة إنه بعد انتهاء السيسي من خطر الإخوان، فإنه حول انتباهه إلى المعارضين السابقين، وأصبح الليبراليون واليساريون والمنظمات غير الحكومية هدفا له، مع أن بعض هؤلاء دعموا الحكومة العسكرية، لافتة إلى أن السيسي يخطط لتغيير الدستور؛ ليسمح لنفسه بفترة ثالثة في الحكم.

 

وتختم "نيوزويك" تقريرها بالإشارة إلى قول تيفان: "لقد أصبح الوضع صعبا يوما بعد يوم، بطريقة لا يمكن معها تخيل رؤية صورة إيجابية لمصر".