صحافة دولية

"غازيتا" الروسية: هل إيران هي ضحية محادثات ترامب وبوتين؟

شدد بوتين في اللقاء على ضرورة احترام ما تنص عليه اتفاقية سنة 1974- جيتي

نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن توافق الروس مع الأمريكيين والإسرائيليين لإرساء السلام في مرتفعات الجولان، مع ضمان مصالح كل من إسرائيل وسوريا.

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه خلال اجتماع جمع الرئيس الروسي بنظيره الأمريكي في هلسنكي، شدد بوتين على ضرورة احترام ما تنص عليه اتفاقية سنة 1974. وبما أن كلا من الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي شاطراه الرأي ذاته، فإن ذلك يعني أنه حان الوقت للحد من دور إيران النشط في سوريا.

 

وأوردت الصحيفة أن مرتفعات الجولان تعدّ واحدة من المناطق الساخنة في سوريا؛ لذلك يعتقد الرئيس الروسي أنه يجب أن تتحول إلى منطقة وقف تصعيد؛ لأن ذلك سيساهم في إعادة الهدوء للمنطقة، وضمان أمن إسرائيل، وقد حظي رأيه بدعم أمريكي.

 

من جهته، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بهذا الاتفاق، مشيدا بما قاله الرئيس الروسي حول أهمية احترام بنود اتفاقية سنة 1974، التي أبرمت بين إسرائيل وسوريا. كما قال نتنياهو: "أحيي الالتزام العميق بالحفاظ على الأمن الإسرائيلي، الذي أبداه الرئيس ترامب في المؤتمر الصحفي في هلسنكي".

 

وأشارت الصحيفة إلى أن استقرار الوضع في سوريا مهم بالنسبة لتل أبيب؛ نظرا لأن التوترات على الأراضي السورية قد تشكل خطرا على أمنها. وحسب ما أكده كبير الباحثين في نادي "فالدي" للحوار، الباحث ديميتري مارياس، تمثل مرتفعات الجولان نقطة إستراتيجية، من الممكن انطلاقا منها توجيه هجمات على كامل الأراضي الإسرائيلية.

 

وفقا لهذا الخبير، كانت مرتفعات الجولان خلال فترة حكم حافظ الأسد وقبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، هادئة. وفي الوقت الراهن، ينشط في المنطقة العديد من الجماعات المتطرفة، إلى جانب الجيش السوري والقوات الإيرانية مع حلفائهم من حزب الله اللبناني. وتجدر الإشارة إلى أن القوات الإيرانية تقاتل إلى جانب قوات الأسد، حتى تتمكن من تعزيز نفوذها في المنطقة؛ بهدف الضغط على إسرائيل. ومن جهتها، تصر تل أبيب على انسحاب كل القوات الإيرانية من سوريا.

 

وذكرت الصحيفة أن انسحاب إيران من سوريا هدف صعبة المنال، إلا أن الخبراء يعتقدون أنه سيكون من السهل التخلص من القوات الإيرانية في حال هدأت الأوضاع في مرتفعات الجولان. في المقابل، أوضحت مصادر سياسية إسرائيلية أنه إذا انسحبت القوات الإيرانية من سوريا بالكامل، ستغض تل أبيب الطرف عن جرائم الأسد، وتتعاون معه من أجل إعادة الاستقرار للمنطقة. أما ترامب، فلن يطالب برحيل الأسد مثل سلفه باراك أوباما، مقابل ضمان انسحاب إيران.

 

وأفادت الصحيفة بأن قبول إيران الخروج نهائيا من سوريا شبه مستحيل حاليا، خاصة أن الصراع في سوريا لم ينته بشكل تام. وفي الوقت نفسه، فإن تأثير روسيا على إيران غير رسمي، ولا يمكنها إجبارها على الانسحاب، بينما يظل بشار الأسد صاحب الدور الرئيسي في هذه المسألة؛ لأن القوات الإيرانية موجودة في سوريا بإذن رسمي منه.

 

وفقا لما أكده علي أكبر ولايتي عندما زار موسكو في 12 تموز/ يوليو، فإن انسحاب الجيش الإيراني من سوريا ممكن على المستوى النظري، لكن ذلك لن يحصل إلا إذا طلب منه الأسد ذلك. وفي هذا الإطار، أكد المستشار الإيراني علي أكبر ولايتي في أعقاب اجتماعه مع بوتين أن "القوات الإيرانية والروسية ستظل في سوريا لحماية سوريا من الإرهابيين والعدوان الأمريكي". وأضاف المستشار الإيراني: "سنغادر سوريا على الفور بطلب من دمشق، لكن لن يحدث ذلك تحت ضغوط إسرائيلية وأمريكية".

 

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الروسي ساهم السنة الماضية بشكل كبير في تعزيز موقف الأسد، لكن ليس واضحا إلى حد الآن مصير العلاقات الإيرانية السورية بعد انتهاء الصراع السوري. وحسب الخبير ورئيس مكتب الشرق الأوسط لقناة "آر تي في"، إيفغيني سوف، فإن النفوذ الإيراني يمكن أن يشكل تهديدا على النظام السوري وإسرائيل بعد انتهاء الصراع.

 

ونقلت الصحيفة عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الروسي للشؤون الدولية، يوري بارمين، أن رؤية إيران لمستقبل سوريا غير واضحة، لكنها ترغب في الحفاظ على وحدة سوريا كحليف لها في المنطقة. ومن ناحية أخرى، لا تحتاج إيران إلى وجود عسكري ضخم في سوريا.

 

كما أن بارمين متأكد من أنه بإمكان القوات الإيرانية البقاء في سوريا، وهذا يعني أنها ستواصل نشاطها، ولكن ستعمل مع الوحدات السورية. وعلى كل حال، فإن وجود نوع من السيطرة الإستراتيجية على السوريين أهم من وجود الجيش.

 

وأوضحت الصحيفة أنه حسب الخبير ديميتري مارياس، لا يزال من الصعب التحدث عن مستقبل سوريا، خاصة أن البلاد مهددة بالانقسام، ومن غير الواضح بعد ما إذا سيستمر الأسد على رأس السلطة في السنوات القادمة. أما فيما يتعلق بمرتفعات الجولان، فإنه وفقا لخبير بارز في شركة "غلف ستيت أناليتيكس" ثيودر كاراسيك، تعد العودة إلى اتفاقية سنة 1974 ممكنة، إلا أن ذلك سيتطلب مفاوضات طويلة.