ملفات وتقارير

هل تجد "تحرير الشام" نفسها عدوة الجميع بإدلب و"كبش فداء"؟

تسيطر هيئة تحرير الشام على مناطق واسعة ومهمة من محافظة إدلب- تويتر

وسط التكهنات عن مصير محافظة إدلب في الشمال السوري المعقل الأخير للمعارضة السورية في البلاد، يدور تساؤل حول مصير هيئة تحرير الشام، الفصيل الخارج عن التفاهمات المحلية والدولية، لا سيما بعد تصريحات من روسيا قرأها محللون بأنها تحريضية ضد هذا الفصيل في إدلب، ما يجعلها "كبش فداء" لعرقلة أي عمل عسكري في المحافظة الشمالية، وفق محللين.

فبعد أن نفى المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، أمس الثلاثاء، وجود أي هجوم واسع على محافظة إدلب حاليا، دعا في الوقت ذاته المعارضة السورية للتوصل إلى حل لمسألة التهديدات الإرهابية في المحافظة، ما قد يفهم بأنها إشارة إلى هيئة تحرير الشام، الفصيل المصنف على قوائم الإرهاب لدى دول عدة.

وكشف مصدر عسكري لـ"عربي21" الأربعاء، عن أن تركيا تقوم بضغوط على فصائل المعارضة في إدلب من أجل الاندماج ضمن تشكيل واحد، يضم جميع الفصائل المسلحة يستثنى منه هيئة تحرير الشام. 

وأشار إلى أن استثناء "تحرير الشام" يثير علامات استفهام كبيرة، في ظل التصريحات الروسية، والتفاهمات الدولية الأخيرة، مشيرا إلى أنها قد تصبح "كبش فداء" لتجنب المعركة بإدلب.

 

اقرأ أيضا: ضغوط تركية على فصائل المعارضة للاندماج بجسم موحد بإدلب


ولطالما عقّد تصنيف دول عدة وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا تحرير الشام "منظمة إرهابية" الموقف كثيرا في الشمال السوري لاسيما أمام تركيا، التي تعد دولة من ثلاث دول راعية للملف السوري، وداعمة لما يسمى "الجهود السياسية" في أستانا، إضافة لكونها من الدول المكلفة بمراقبة اتفاقية خفض التصعيد في الشمال السوري.

 

سيناريو محتمل

وتسيطر جبهة تحرير الشام على مناطق واسعة من محافظة إدلب في الشمال السوري، لا سيما الاستراتيجية منها، ولها تواجد عسكري جيد.

من جانبه، رأى المحلل العسكري والاستراتيجي أديب عليوي، أن الاقتتال بين فصائل المعارضة السورية في إدلب وتحرير الشام سيناريو محتمل، إلا أنه أشار إلى أن سيناريوهات عدة أخرى لها فرصة بالحدوث غير المواجهة.

ولكنه اعتبر في حديثه لـ"عربي21" أن إدلب مرتبطة بالتفاهمات الدولية، وإذا رأت أن هناك لا بد من تفكيك تحرير الشام فسيتم ذلك، إما بالاتفاق مع الفصيل بترحيله أو تفكيكه أو قتاله.

وأكد أن هناك رغبة من الأطراف الدولية من بينها تركيا، في أن الفصائل غير السورية يجب أن يتم تفكيكها، لا سيما التنظيمات الدولية مثل تحرير الشام التي هي بالأصل جناح من أجنحة تنظيم القاعدة، إوكانت سابقا جبهة النصرة أو "فتح الشام" التي كانت تتبع بشكل مباشر لتنظيم القاعدة، قبل أن يفك ارتباطه بها.

 

وعن السيناريوهات الأخرى، قال عليوي، إن تركيا التي تعد مسؤولة عن إدلب الآن، ربما تعرض تفاهمات جديدة مع تحرير الشام، لا سيما أن الأخيرة لا تقبل بالتفاهمات الدولية والاتفاقات والمنصات مثل أستانا وسوتشي وجنيف ومخرجاتها، مشيرا إلى الاتفاقات التي تم بموجبها ترحيل تنظيم الدولة من مناطق سيطرة تابعة له إلى السويداء مثلا، وأن مقاتلي تحرير الشام من الجنسيات غير السورية قد يلقون المصير ذاته.

وقال إن جبهة تحرير الشام قد تقبل بالتفاهمات مع تركيا، إذا كانت لا تريد الاشتباك معها ومع الفصائل المسلحة التي تدعمها في الشمال السوري، كأن تسلم السلاح الثقيل والمتوسط والتوصل إلى اتفاق بشأن مصير عناصرها.

وعن روسيا، وتصريحاتها التي بدت وكأنها اشتراط على المعارضة وأنقرة بقتال "الإرهاب" في المحافظة السورية، من أجل عدم الدخول بمعركة عسكرية، فقد ذهب عليوي إلى أن تركيا ليست أداة بيد موسكو لتقوم بما تمليه عليها، ولكن إن قضت مصلحة أنقرة بقتال تحرير الشام فسيتم ذلك.

واتفاق أستانا بشأن خفض التصعيد ما زال ساريا في إدلب، إلا أن تحرير الشام ليست ضمن الاتفاق، وباعتبار أن تركيا الدولة الحليفة والضامنة للمعارضة، فقد توصلت لتفاهمات مع هيئة التحرير، ونشرت قوات رصد ومراقبة في المنطقة. 

وأسست تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية في إدلب وحدها، تطبيقا لاتفاق مناطق خفض التصعيد، بالتنسيق مع روسيا وإيران.


تهديد تركي بالفعل

من جهته، قال القيادي في "فيلق الشام" (إحدى فصائل المعارضة في إدلب) أحمد أبو العز، لـ"عربي21"،  إن الجيش التركي التقى وفدا من تحرير الشام الشهر الماضي، وألمح له بالفعل بأن الأمر قد يصل إلى التهديد باستعمال الخيار العسكري، بشن فصائل المعارضة التي تدعمها تركيا حربا لإنهاء تحرير الشام، على غرار تنظيم الدولة في مناطق درع الفرات بريف حلب.

وقدم أيضا خيارين آخرين، هما: "حل الهيئة لنفسها، وانضمام من يريد الانضمام من عناصرها بسلاحه لفصائل المعارضة، مع منحه إمكانية الاختيار بين الفصائل، والثاني خروج الهيئة من كامل الشمال السوري وحصر وجودها في الساحل فقط"، بحسب أبو العز.

إلا أن القيادي في المعارضة أوضح أن الخيار الثاني ترفضه موسكو، إذ إنها ترى أنه قد يتسبب بعودة المعارك لجبهات ريف اللاذقية مع النظام السوري.

 

والعلاقة بين تحرير الشام والفصائل الأخرى ليست جيدة في إدلب، وسبق أن رفض زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، مخرجات أستانا، وقال: "حاولنا إعاقتها بشتى الوسائل، وفتحنا معارك من أجل إيقاف مسار الأستانا"، معتبرا أن "الفصائل التي شاركت في الأستانا، خُدعت"، وأن "منها من استمرأ الخديعة".

 

اقرأ أيضا: الجولاني يحمّل فصائل "أستانا" مسؤولية هزائم المعارضة

ما يشير إلى أن هناك توجها روسيا إلى التفاهمات مع الفصائل المسلحة المحسوبة على تركيا، ما ذهب إليه رئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات سوتشي، أحمد طعمة، الثلاثاء، بأنها "تطمينات مرضية" من الوفد الروسي حول الوضع في محافظة إدلب.

 

اقرأ أيضا: موسكو تنفي وجود نية للهجوم على إدلب "في الوقت الحاضر"


ويأتي ذلك على الرغم من أن رئيس النظام السوري بشار الأسد قال في مقابلة مع وسائل إعلام روسية الخميس الماضي: "هدفنا الآن هو إدلب، على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد".
 
وشكلت إدلب المحاذية لتركيا خلال السنوات الأخيرة وجهة لعشرات الآلاف من المسلحين والمدنيين الذين تم إجلاؤهم من مناطق عدة كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة أبرزها مدينة حلب والغوطة الشرقية لدمشق.

وحذرت منظمات دولية مرارا في وقت سابق من كارثة إنسانية في حال شن هجوم عسكري على إدلب التي تؤوي وفق الأمم المتحدة 2.5 مليون شخص نصفهم من النازحين.