ملفات وتقارير

هل فقدت المرجعية الشيعية تأثيرها السياسي في العراق؟

محللون سياسيون قالوا إن الخداع السياسي للأحزاب حيّد دور المرجعية الشيعية- جيتي

أثار تأخر تشكيل الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي، بسبب انقسام الكتل السياسية الشيعية فيما بينها، تساؤلات حول غياب تأثير المرجعية الدينية بالنجف في توحيد "البيت السياسي الشيعي" كما دأبت على ذلك منذ عام 2003.


وتنقسم القوائم الشيعية الخمس الكبرى إلى نصفين، الأول تحالف يجمع مقتدى الصدر وحيدر العبادي، إضافة إلى عمار الحكيم، أما الجزء الثاني فيضم نوري المالكي وهادي العامري وقوائم شيعية أخرى صغيرة.


"تحييد دورها"


وتعليقا على الموضوع، قال المحلل السياسي العراقي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية هشام الهاشمي لـ"عربي21" إن "الأحزاب السياسية الشيعية الكبرى نجحت منذ عام 2010 في تحييد دور المرجعية في النجف".

 

اقرأ أيضا: ائتلاف المالكي: واشنطن تدفع باتجاه حكومة طوارئ لعامين

وأضاف الهاشمي: "حتى بلغ الأمر في المرجعية أن تقول في إحدى خطاباتها إنها أصواتها فقط، ولم يتأثر السياسيون بدعواتها، لتلبية متطلبات المواطنين والقضاء على الفساد".


وأردف: "أيضا نجحت القوائم السياسية الشيعية الكبرى بأن تخدع الجماهير، فإنها تستعمل من خطاب المرجعية ما يناسب شروطها وبرنامجها وتهمل منه ما هو مضاد لتوجهها ونهجها".


ووصف الهاشمي دور المرجعية الشيعية في النجف بأنه "خطابي ديني" يتكرر كل أسبوع ونتائجه في الغالب غير ملموسة في الواقع.


وبخصوص ما إذا كان غياب تأثير المرجعية يزيد من تفتيت "البيت السياسي الشيعي" قال الهاشمي: "إذا كان البيت السياسي الشيعي تمثله القوائم السياسية الخمس، فإنهم لا يؤمنون بمرجعية واحدة، وإنما بمرجعيات متعددة ومختلفة، ومن أصل القوائم الخمس هناك فقط قائمة تيار الحكمة التي تنتسب لمرجعية النجف".


وتابع: "أما حزب الدعوة بشقيه المالكي والعبادي، فهما يقلدان مرجعية الشاهرودي، في حين أن رئيس تحالف الفتح هادي العامري يقلد مرجعية علي خامنئي المرشد الإيراني، وزعيم التيار الصدري يقلد مرجعية كاظم الحائري، وآخرون ربما يقلدون غير السيد علي السيستاني".


وعن تأثير المرجعية على الجماهير، قال الهاشمي إن "مرجعية السيستاني لا تزال مؤثرة، لكنه تأثير بغير قاعدة، والأحزاب تخشى الصدام معها بشكل مباشر، لكنهم نجحوا في تحييد فاعليتها دون تأثيرها".


"تقلب الطاولة"


من جهته، قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية العراقي أمير الساعدي إن "السياسة حبال من فن الخداع وبالتالي فإن عمليات التمكين بجني المصالح هي الثابت بالسياسة وليست هناك مواقف تفرض على عملية إدارة اللعبة السياسية، ولاسيما الديمقراطية في العراق".


وأوضح في حديث لـ"عربي21" أن "المرجعية لديها تأثير كبير وواضح على الكثير من النخب ومجريات الشارع العراقي، ويمكن أن تقلب الطاولة على هذه الطبقة السياسية متى ما أرادت".


وأردف الساعدي: "لكن في نفس الوقت هي مخفف للصدمات وتحاول دائما أن تبعد الصدمات عن الشعب العراقي وتجد سبيلا راشدا لهذه الطبقة السياسية حتى تأخذ طريقا يمكن أن تؤتي به أكلا وثمارا لمصلحة المواطن وليس لمصلحة الأحزاب".

 

اقرأ أيضا: الصدر يدعو أنصاره لهبّة مليونية "يرجف منها الفاسدون"

وأشار إلى أن "الكل يحاول التمسك بحبال المرجعية وتوجهاتها ويقول إننا مع هذا التوجيه ورسم خارطة الطريق، والعبادي كان قد ذكر أنه تسلم منصب رئاسة الوزراء وفق جدول توجيهات المرجعية بأن يقضي على الإرهاب ويحارب الطائفية ويمنع تقسيم البلد".


وذكر الساعدي أن الطبقة السياسة وإن عزفت بعيدا عن توجهات المرجعية، وهي لا تضغط إقليميا للملمة القوائم الشيعية، فإنها يمكن أن تدفع إيران بهذا الأمر حتى لا يبقى لقمة سائغة لتحالف المحور "السني" والأحزاب الكردية الرئيسية.


وألقى المحلل السياسي العراقي باللائمة على الشارع، بالقول إن "المرجعية أعطت ضوءا أخضرا للشارع العراقي بأن يخرج ويتظاهر، لكن الشارع ما زال متخاذلا على نفسه ويتفرج ويراقب ولا يفعل الشيء الكثير. لماذا لا تخرج الملايين في البصرة، في حين أن من يخرجون منهم اليوم هم نخبة صغير؟".