اقتصاد عربي

مصر تعترف بالاستدانة لتسديد فوائد الدين.. ما حجم الأزمة؟

وزير المالية: للأسف الشديد بنستلف علشان نسدد أعباء الديون
في تصريح له للتلفزيون المصري، اعترف وزير المالية بحكومة الانقلاب محمد معيط، أن النظام يستدين من أجل سداد أعباء الديون.

معيط، قال السبت، إن الوزارة تحاول بالعام المالي 2018/2019، أن تكفي إيرادات الدولة المصروفات، مضيفا أنه " للأسف الشديد بنستلف علشان نسدد أعباء الديون، والرئيس عبد الفتاح السيسي أعطى لموضوع الديون أولوية، وذلك عن طريق وضع استراتيجية لتخفيض الدين والسيطرة عليها".




حجم الديون ودور السيسي

في 6 آب/ أغسطس الماضي، أعلن البنك المركزي المصري، ارتفاع ديون مصر الخارجية لـ 2. 88 مليار دولار، والدين المحلي لـ 536. 3 تريليون جنيه (ما يمثل 8. 86 بالمئة من الناتج المحلي) بنهاية آذار/مارس الماضي، مرجعا الارتفاع لزيادة صافي الاستخدام من القروض والتسهيلات، وارتفاع أسعار صرف العملات المقترض بها أمام الدولار.

وفي الوقت الذي قدرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، حجم الدين الخارجي لمصر بنحو 100 مليار دولار نهاية 2017، فإنه من المتوقع وصول الدين العام الداخلي والخارجي إلى 4.8 تريليونات جنيه منتصف 2018، حسب تقديرات أخرى.

وحول أعباء الديون، كشف البنك المركزي أن أعباء خدمة الدين الخارجي بلغت نحو 9. 10 مليار دولار خلال الفترة تموز/يوليو/ آذار/مارس من العام المالي "2017/2018" والأقساط المسددة نحو 9.2 مليار دولار والفوائد المدفوعة نحو7. 1 مليار دولار، وأن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي بلغت 8. 36 بالمئة، وأنها مازالت بالحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية.


وبداية 2018، أعلن المركزي أن الالتزامات المالية المستحقة على مصر تقدر بـ12 مليار دولار بينها فوائد الديون خلال 2018.

ودأبت سلطات الانقلاب على الاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة وتوفير العملة الصعبة، فيما اقترض السيسي، منذ ولايته في حزيران/ يونيو 2014، ضعف الديون المتراكمة على مصر طيلة 50 عاما، كما قفزت الديون الخارجية لمصر بنسبة 23.17 بالمئة خلال 2017 فقط، وفق تقارير حكومية.

الوضع سيئ

وحول خطورة الوضع في ظل استمرار النظام في الاستدانة؛ كشف الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار، عن أن "الوضع المالي لمصر الآن سيئ"، مشيرا إلى أن "الحكومة تقترض لسداد أقساط وفوائد الديون، وها هو وزير المالية يعترف بذلك".

المستشار الأممي، تساءل في حديثه لـ"عربي21"، "ماذا نقول أكثر من ذلك؟"، مؤكدا أن "مصر تعاني فعلا من كارثة مالية، وأنها في انتظار معجزة من حقول غاز شرق المتوسط أو إمدادات مالية وعينية من الصين"، موضحا أن "إمدادات السعودية والإمارات لم تعد كافية".


وأكد نوار، أن "العائد على أذون وسندات الخزانة المصرية عاد ليزحف مرة أخرى فوق معدل 19بالمئة سنويا"، مبينا أن "الحكومة لا تمول مشروعات ذات عائد محتمل أن يصل 19بالمئة سنويا"، مضيفا أن "الحكومة تمول مشروعات مظهرية بثلاث مدن افتراضية حتى الآن، هي العاصمة الإدارية (بديلة للقاهرة) والعلمين (بديلة للإسكندرية) والجلالة (بديلة للعين السخنة)".

وقال إن "الحكومة بورطة مالية، وإذا استمرت بالاقتراض لتمويل خدمة الدين القائم المحلي والأجنبي (الأقساط+ الفوائد)، فإن معدل نمو الدين سيسبق معدل نمو الاقتصاد ككل بحوالي 4 أو 5 أضعاف على الأقل".

وكان نوار قد أكد عبر صفحته بفيسبوك أن "متوسط الاقتراض الحكومي عن طريق إصدارات الأذون والسندات المحلية خلال شهر تموز/ يونيو الماضي، تجاوز 5 مليارات جنيه يوميا".

خيار آخر

وقال أستاذ التنظيم والاقتصاد التطبيقي الدكتور محمود وهبة، إن "لدى الحكومة خيار آخر بدلا من الاقتراض"، مشيرا إلى أنهم "يقاومونه لأنهم قسموا البلد قسمين أولهما: الشعب وبميزانية 980 مليار جنيه لا تغطي الاحتياجات الأساسية إلا بالاقتراض".

وهبة، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن القسم الثاني: هو "الجيش بميزانية 866 مليار جنيه"، موضحا أنه بالإضافة لذلك، فهناك "موارد أخرى مثل بيع الأراضي وخلافه بمبالغ وصلت تريليونات الجنيهات".

وأكد أنه "إذا لم يضموا القسمين فسيقترضون، والشعب من يدفع الآن وسيدفع مستقبلا"، قائلا: "بلد أمرها عجيب".

وهبة كان قد قال إنه يجب على الدولة "بدلا من الاقتراض يجب الدخول إلى سلسلة التصدير العالمي"، مؤكدا أنه "في 3 شهور يمكن أن تصدر بمليار دولار، وأن هذا الرقم سيتضاعف سنويا".

وأوضح عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أنه يمكنك تصدير "سلع استهلاكية وصناعية مصرية، ولكن فقط عليك أن تتعلم كيف تكتب المواصفات العالمية وكيفية التغليف وسرعة الشحن"، مؤكدا أن "الدفع بالدولار مضمون عند التسليم".

سياسة كارثية

وفي تعليقه أكد رئيس حزب "الجيل" ناجي الشهابي، ضرورة "مراجعة السياسات الاقتصادية والاستغناء عن القروض الأجنبية، وإيجاد موارد مالية حقيقية تغني عن الاستداتة من البنوك المحلية أيضا".

 الشهابي، طالب بحديثه لـ"عربي21"، بـ"مراجعة الموازنة العامة للدولة بدقة وترشيدها وإلغاء بنود الإنفاق المظهري الذي يوفر ثلثها لصالح تخفيض العجز فيها، إلى جانب مكافحة التهرب الضريبي وادماج الاقتصاد غير الرسمي بالاقتصاد الرسمي، والأخذ بنظام الضريبة التصاعدية والضريبة على الأرباح الرأسمالية بالبورصة".

ووصف الشهابي، سياسات الاقتراض بـ"الكارثية"، منتقدا اعتماد الهيئات والوزارات بمشاريعها على الاقتراض، ضاربا المثل باقتراض مترو الأنفاق بـ100 مليون يورو من البنك الأوروبي، وحصول وزارة التربية والتعليم  على قرض بـ500 مليون دولار من البنك الدولي، موضحا أنه برغم أن بعض القروض بشروط ميسرة؛ إلا أنها تبقى قروضا يقع على الأجيال القادمة عبء سدادها.

مصر لن تحتمل

من جانبه أكد منسق عام وثيقة مستقبل مصر الدكتور سمير عليش، أن مصر "لا تحتمل الاستمرار في اتباع السياسات الحالية حتى 2022"، مبينا عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن إحدى تلك السياسات هي "الاقتراض الخارجي والداخلي بأرقام غير مسبوقة وبزيادة مستمرة"، موضحا أنه "إذا ما أراد النظام الاستقرار والتنمية عبر دفع المجتمع للعمل وزيادة الإنتاج، أعتقد أن عليه أن يعلن التعهد بعدة أمور من بينها: لا قروض إضافية".