سياسة دولية

ما دلالات زيارة عمران خان للرياض وأبوظبي.. ماذا عن إيران؟

باكستان تعاني من أزمة اقتصادية حادة- تويتر

استهل رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، زيارته الخارجية الأولى إلى السعودية والإمارات، الأمر الذي يعد لافتا لا سيما أنه معروف بعلاقته الوطيدة مع الإيرانيين

وتأتي زيارة خان إلى البلدين الخليجيين، بعد تصريحات كان أدلى بها فور فوزه، أكد فيها على رفض سياسة مشاركة بلاده العسكرية بعمليات خارجية، وهو ما فهم بحسب محللين من أنها رسالة ضمنية لكل من السعودية والإمارات وحربهما باليمن.


وتثار التساؤلات حول ماهية الزيارة، التي تأتي تلبية لدعوة من الرياض، التي تتوجس من التقارب الباكستاني الإيراني على حسابها. 

وبحسب محللين مطلعين على ملف العلاقات بين باكستان والسعودية، فإن الأخيرة تريد إبعاد باكستان عن إيران، في وقت تمر فيه إسلام أباد بأزمة اقتصادية، تدفعها إلى البحث عن خيارات مواجهة أزمتها بعيدا عن سلطة صندوق النقد الدولي، ما دفع بخان لجعل زيارته الأولى الخارجية للعربية السعودية ودولة الإمارات.

 

أزمة اقتصادية


وفي هذا الصدد قال الإعلامي الباكستاني فؤاد أحمد، إن السعودية تربطها علاقة قوية مع باكستان منذ القدم، وتعد الدولة الداعمة الأولى للصندوق الباكستاني.

 

اقرأ أيضا: رئيس الوزراء الباكستاني يزور السعودية في أول رحلة خارجية

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن إسلام أباد تمر في مأزق اقتصادي خطير، والخزانة الباكستانية والاحتياط من العملة الصعبة "قاب قوسين أو أدنى من الانهيار"، ناهيك عن مشاكل في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.


وأوضح أن باكستان تسعى للتواصل مع السعودية والإمارات من أجل انقاذ الاقتصاد المنهار، حيث اعتادت في السابق اللجوء إلى السعودية في أزماتها الاقتصادية، بالإضافة لدعوات إماراتية لتنمية استثمارات فيها.


ومن جهته، أفاد المختص في الشأن الباكستاني محمد البلعاوي، بأنه جرت العادة من الزعماء الباكستانيين، أن يستهلوا زياراتهم الخارجية الأولى إلى السعودية، مشيرا إلى أن إسلام أباد اعتادت على الحصول على الدعم المالي من الرياض، وكثيرا ما وفرت لها مساعدات وقروض ومنح نفطية.


ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن العلاقة بين البلدين مبنية على المنفعة المتبادلة بينهما، "فباكستان تقدم الحماية والدعم العسكري والأمني للسعودية، والأخيرة تقدم الدعم المالي والمشروعية الدينية".

 

لا معارك خارج الحدود

 

وحول الملف اليمني، قال أحمد، إن السعودية مارست ضغوطا على بلاده للمشاركة الميدانية في حرب اليمن، مضيفا أن موقف إسلام أباد كان واضحا منذ البداية برفض المشاركة بجنودها ميدانيا، وإنما تكتفي فقط بإرسال نخبة من الجيش تقتصر مهامها على التدريب والتوجيه للجيش السعودي.

وأوضح أن رئيس الوزراء، عمران خان، يرفض قطعيا أي معركة للجيش الباكستاني خارج حدوده، وأكد ذلك أكثر من مرة.

 

اقرأ أيضا: قناة سعودية سألت عمران خان عن اليمن.. وهكذا أجاب (شاهد)

وفي السياق ذاته، نوّه البلعاوي، إلى أن السعودية طلبت من رئيس الوزراء السابق، نواز شريف، أن يرسل قوات باكستانية للمشاركة المباشرة في حرب اليمن، لكن البرلمان أحبط ذلك، والموقف السائد لدى الجيش الباكستاني، هو رفض التورط بأية صراعات عسكرية تضر باكستان.

 

العلاقة مع إيران

 

وعن مدى قدرة السعودية على إقناع عمران خان، بالابتعاد عن إيران، لفت الإعلامي أحمد، إلى أن إسلام أباد تربطها علاقة خاصة مع طهران، سواء على مستوى المؤسسات العسكرية أو المدنية، موضحا أن في باكستان أقلية شيعية "ما يقارب 40 مليون شيعي"، ويشكل هذا العدد 20 في المئة من إجمالي الباكستانيين البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة.

 

وأضاف أن العلاقات بين البلدين تزعج السعودية، مبينا أن باكستان تشكل متنفسا خلفيا لإيران، والسعودية تريد منها أن تضغط على إيران بكافة الاتجاهات من أجل إخضاعها للمطالب الأمريكية.


ولفت أحمد، إلى أن موقف باكستان من إيران مبني على روابط الصداقة والجوار، ومصالح باكستان مع إيران تفوق أضعاف مضاعفة المصالح المشتركة مع السعودية.

 

اقرأ أيضا: خان بعد لقاء الملك سلمان: باكستان تقف مع السعودية دائما

وزاد بأن باكستان لا تجني من السعودية إلا "حزم الدولارات" فقط، بينما مع إيران، فيوجد شريط حدودي طويل، وهناك عرقيات مشتركة على الحدود، وتبادل تجاري ضخم بين البلدين، وتشابه إلى حد كبير في الثقافة والعادات والتقاليد، وقد يتضاعف التعاون التجاري والاستثماري والسلعي بين البلدين في عهد عمران خان أكثر مما كانت عليه سابقا.

 

وأشار أحمد، إلى أن "باكستان تستفيد بشكل كبير من الطاقة الإيرانية سواء الغاز الطبيعي أو الكهرباء، وهناك مشروع مصيري بالنسبة لها، وهو مد الغاز من إيران إلى الهند متوسطا باكستان، وبالتالي قد تجني من خلاله ضرائب بمليارات الدولارات في كل عام، وهو مشروع اقتصادي مربح لها ولن تتركه".

 

لا تحالف إلا في سلام

وتابع بأن، عمران خان، بادر بأن يكون وسيطا بين إيران والسعودية بناء على شعاره "لا تحالف إلا في سلام"، والذي يعد الركيزة الأساسية له في مباحثاته مع السعودية.


من جهته أضاف، البلعاوي، أن عمران خان قال إنه سيقوم بدور وساطة بين الدول في إشارة للسعودية وإيران، إلا أن السلوك السعودي يرفض المصالحة، وينطلق من منطق مع أو ضد.


ورأى أن إيران تعد دولة مهمة لباكستان تاريخيا وجغرافيا، مشيرا إلى أنه في سنوات سبقت، حدثت أعمال عنف دامية فيها، و مازالت تحت تهديد "الإرهاب"، وتخشى من موجات عنف بين المتشددين الشيعة والسنة، لذلك هي غير معنية بأي مشاكل طائفية، تؤدي لتقويض الأمن.