ملفات وتقارير

تصريحات وزير تونسي كادت تتسبب بأزمة دبلوماسية مع ليبيا

طالب البرلمان الليبي، كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في تونس، بتوضيح ما جاء على لسان الوزير- أ ف ب

فجرت تصريحات رسمية لوزير التجارة التونسي، حول أفق العلاقات الاقتصادية التونسية الليبية، موجة غضب واستنكار بين الأوساط السياسية والشعبية، في ليبيا وتونس.


وكان الوزير عمر الباهي، قد استخدم مصطلح "النفط مقابل الغذاء" في معرض حديثه عن الاتفاق الاقتصادي بين تونس وليبيا، خلال استضافة العاصمة التونسية فعاليات "المنتدة الاقتصادي التونسي الليبي"، في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي.


وأشار الوزير إلى أن الجانب التونسي يدرس حاليا إمكانية إرساء مشروع النفط مقابل الغذاء مع الجارة ليبيا، في ظل عجز الطاقة الذي تشتكي منه تونس، مقابل استيراد ليبيا كميات مهمة من السلع من دول أجنبية.


وجاء الرد سريعا من البرلمان الليبي، حيث أصدرت لجنة الدفاع والأمن القومي  بيانا في 30 أيلول/ سبتمبر 2018، عبرت فيه عن استنكارها لما جاء على لسان الباهي، حول اعتزام الحكومة بعث مشروع "النفط مقابل الغذاء"، مشيرة إلى أن التصريح يعد "انتهاكا للسيادة الليبية، وعبثا بالعلاقة بين البلدين".


وطالب البرلمان الليبي، كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في تونس، بتوضيح ما جاء على لسان الوزير، واصفا كلامه بغير المسؤول.

 

 

واضطر وزير التجارة التونسي إلى توضيح تصريحاته، التي كادت بحسب مراقبين أن تتسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين، ليؤكد عبر وسائل إعلام محلية ودولية، أن كلامه أخرج من سياقه، وأنه لم يقصد بتاتا الإساءة للشعب والحكومة الليبية.


وشدد عمر الباهي على أن حديثه النفط مقابل الغذاء كان يقصد به آلية "المقاصة"، في إطار إمكانية استيراد النفط الليبي مقابل توريد السلع التونسية.


وفي هذا الإطار، عبرت عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، آمنة المطير في تصريح لـ"عربي21" عن استيائها من التصريحات التي جاءت على لسان الوزير التونسي، وتحديدا استخدامه مصطلح "النفط مقابل الغذاء".


وتابعت: "لم نعتد من أشقائنا في تونس مثل هذه الإهانات وهذا الابتزاز، فما بالك لو جاءت بشكل رسمي ومن مسؤول حكومي صور الليبيين وكأنهم في مجاعة يتوسلون الغذاء من دول أخرى، في إعادة للمشهد العراقي واتفاقية النفط مقابل الغذاء المهينة والاستعمارية، في عهد الراحل صدام حسين".


مطير دعت الوزير التونسي للاعتذار للشعب الليبي، ولتوضيح موقفه لإزالة اللبس وتفاديا لأي أزمة دبلوماسية أو شعبية بين البلدين الشقيقين.


بدوره، هاجم الدبلوماسي والأكاديمي الليبي أحمد عبد السلام الأشهب، في تدوينة مطولة عبر صفحته على فيسبوك السلطات التونسية، مطالبا بالاعتذار للشعب الليبي عن الإهانة التي لحقته من تصريح الوزير.


وتساءل: "كيف يجرؤ المسؤولون في البلد الشقيق المجاور على التصريح بأنهم عقدوا اتفاقية النفط مقابل الغذاء مع ليبيا؟ وكيف يصمت المسؤولون الليبيون عن هذا الوصف، أي استهزاء واستحقار وإذلال للشعب الليبي أيها الإخوة الأشقاء؟".


وتابع: "هل وضعت ليبيا تحت استعماركم أو وصايتكم، أو أنها أعلنت إفلاسها بسبب مديونيتها لكم؟ وهل جاع الليبيون إلى الدرجة التي تجعلهم يبادلون نفطهم مقابل بعض الفواكه؟".

 

تصريحات الوزير التونسي، أثارت بدورها موجة استنكار في تونس حيث عبرت عدة وجوه دبلوماسية وحزبية عن رفضها لما جاء على لسان المسؤول الحكومي.

 

وانتقد رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك الوزير، واصفا تصريحاته بـ"الغباء الاتصالي والسياسي والدبلوماسي".

 

 

بدوره، أعرب الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، في تصريح لـ"عربي21" عن استهجانه لتصريحات الوزير، لافتا إلى أنها تمثل إهانة مباشرة للشعب الليبي والحكومة الليبية التي تعيش أسوأ مراحلها السياسية والاقتصادية والأمنية.


وشدد الشكندالي على أن "مثل هذه التصريحات غير المحسوبة من مسؤول رسمي في الدولة، كادت تتسبب في ضرر دبلوماسي واقتصادي لتونس".