اقتصاد عربي

شركات إسرائيلية تكبد اقتصاد فلسطين خسائر بملايين الدولارات

تستحوذ 8 شركات إسرائيلية على ما نسبته 17 بالمئة من إجمالي عدد شرائح الاتصال المنتشرة في الضفة الغربية- جيتي
على هامش انطلاق معرض "إكسبوتك فلسطين 2018"، نشرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية وثيقة رسمية تظهر مدى تغلغل شركات الاتصالات الإسرائيلية في السوق الفلسطيني، خصوصا داخل الضفة الغربية.

وأكدت وثيقة استحواذ 8 شركات إسرائيلية على ما نسبته 17 بالمئة من إجمالي عدد شرائح الاتصال المنتشرة في الضفة الغربية، التي بلغ عددها حتى منتصف العام الحالي نحو 600 ألف شريحة، مع ترجيحات بوصول العدد لنحو مليون شريحة مع حلول العام 2020.

وقدرت وزارة الاتصالات إجمالي ما يدفعه الفلسطينيون للشرائح الإسرائيلية بنحو 355 مليون شيكل (100 مليون دولار) سنويا.

في حين قدر البنك الدولي خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء وجود الشرائح الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية بمليار دولار للسنوات الثلاث الممتدة من 2014-2017.

ميزات

إلى ذلك، أكد وكيل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، سليمان الزهيري، أن "استحواذ الشركات الإسرائيلية على هذه النسبة الكبيرة من السوق الرقمي الفلسطيني يكمن في تمتع الشرائح الإسرائيلية بميزات إضافية تفتقدها الشركات الفلسطينية مثل خدمة (4G)، التي تمتاز بانخفاض تكلفة الاتصال وسرعة نقل البيانات مقارنة بتواضع ما تمتلكه الشركات الفلسطينية التي ما تزال تعمل في خدمة الجيل الثاني داخل قطاع غزة والجيل الثالث في الضفة الغربية".

وأضاف الزهيري في حديث لـ"عربي21" تكمن العقبة الثانية في "تغطية الجانب الإسرائيلي لكافة مناطق الضفة الغربية بترددات تصل إلى 2100 ميجا هيرتس، في حين ترفض إسرائيل السماح للشركات الفلسطينية بزيادة تردداتها عن 1400 ميجا هيرتس، وهو ما يعيق وصول إشارة الاتصال لكافة المناطق، خصوصا في مناطق الأغوار ومدن قلقيلية وطولكرم وجنين".

وتابع "تعمل الشركات الإسرائيلية في الضفة الغربية بشكل غير قانوني، حيث لم تحصل أي منها على تراخيص رسمية من وزارة الاتصالات لبدء نشاطها، في حين تنص المادة (36) من اتفاق أوسلو على التزام الشركات الإسرائيلية بالإيفاء بكافة الشروط والتراخيص اللازمة من وزارة الاتصالات عند تقديمها خدماتها للتجمعات السكانية الفلسطينية".

وإلى جانب الشركات الإسرائيلية، تعمل في المناطق الفلسطينية شركتان للاتصال الخليوي هما جوال، وأوريدو الوطنية القطرية، ويقدر عدد المشتركين بنحو 4.3 مليون شريحة، ولكن هذه الشركات تعاني من سوء الخدمة المقدمة للجمهور من أبرزها ارتفاع تكلفة الاتصال مقارنة بالشركات الإسرائيلية.

إلى ذلك، كشف المختص في شؤون الاقتصاد الإسرائيلي، بلال حبيب، أن "إسرائيل ترى في السوق الفلسطيني خصوصا في الضفة الغربية بيئة ملائمة لتقديم خدماتها مستغلة عدة عوامل، أبرزها ضعف المنافسة من الشركات الفلسطينية، خصوصا في جودة الاتصال وانخفاض تكلفة الخدمات المقدمة للمشترك، حيث تشهد عروض الشركات الإسرائيلية رواجا كبيرا تدفع المواطن لاقتناء هذه الشرائح من بينها عرض للاتصال المحلي والدولي والرسائل والإنترنت اللامحدود بقيمة لا تتجاوز 5 دولارات شهريا، في حين قد تكون تكلفة مثل هذه الخدمات في الشرائح الفلسطينية أضعافا مضاعفة".

تقاعس السلطة

وأضاف حبيب في حديث لـ"عربي21" أنه "لا يمكن تجاهل تقاعس السلطة الفلسطينية عن القيام بدور أكبر لمنع تغول الشركات الإسرائيلية في تركيب ترددات الإرسال في مناطق من المفترض أن تكون تحت سيطرتها المطلقة".

وتقتصر جهود السلطة في محاربة انتشار الشرائح الإسرائيلية عبر ملاحقة مروجيها، ومصادرة الشرائح، استنادا لقانون الجرائم الإلكترونية وقانون حماية المستهلك.

فيما كشف رئيس نيابة الجرائم الاقتصادية، ياسر حماد، أن "التحدي الأبرز الذي يواجه السلطة هو أن غالبية مروجي الشرائح الإسرائيلية يقطنون في المناطق المصنفة (ج) التي تقع ضمن إدارة مشتركة مع السلطات الإسرائيلية، وبذلك تكون فرق الضابطة الجمركية وفرق حماية المستهلك تواجه صعوبة في الوصول لهؤلاء التجار".

وأضاف حماد في حديث لـ"عربي21" أنه "منذ سن قانون الجرائم الإلكترونية بداية العام 2017، تم إدانة 44 شخصا من مروجي الشرائح الإسرائيلية، في حين تقتصر العقوبات على مثل هذه الجرائم على دفع غرامة مالية تتراوح قيمتها من 3 آلاف- 7 آلاف دولار؛ بتهمة انتهاك قانون الجرائم الإلكترونية".

في حين يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، نائل موسى، أن "عمل الشركات الإسرائيلية بطرق غير قانونية داخل المناطق الفلسطينية يعفيها من دفع أي التزامات مالية كضريبة الدخل ورسوم الترخيص، وهو ما يكبد الخزينة العامة خسائر بنحو 200 مليون دولار سنويا".

وأضاف موسى في حديث لـ"عربي21": "تدرك إسرائيل أن تفوق شركات الهواتف الفلسطينية سيتسبب في تراجع حصتها السوقية، لذلك تضع السلطات الإسرائيلية العديد من العراقيل أبرزها منع وصول الترددات وأبراج الإرسال وخدمات الجيل الرابع للشركات الفلسطينية لتبقى في حالة تفوق على نظيرتها من الشركات الفلسطينية".