ملفات وتقارير

هل انحاز قانون المالية بتونس للأثرياء على حساب الكادحين؟

أكثر من 70 نائبا وقعوا عريضة للطعن في دستورية قانون المالية- جيتي

لم تمر مصادقة البرلمان التونسي على قانون المالية لسنة 2019، دون أن تثير موجة جدل حادة بين نواب الحكم والمعارضة، وسط اتهامات للحكومة بمحاباة "لوبيات" المال وإقرار إجراءات على مقاسهم على حساب محدودي الدخل.

ومضى أكثر من 70 نائبا نحو توقيع عريضة للطعن في دستورية قانون المالية سيقع إيداعها في مكتب البرلمان الاثنين.

وأكد النائب عن التيار الديمقراطي المعارض وأمينه العام غازي الشواشي لـ"عربي21" أن قانون المالية الجديد صمم على مقاس "لوبيات المال" الموالية لرئيس الحكومة، وأن النواب المعارضين سيعملون على إسقاط بعض فصوله.

وشدد على أن مفهوم العدالة الجبائية غاب تماما في هذا القانون، من خلال إجبار الأجير على دفع المساهمة في تمويل الصناديق الاجتماعية المفلسة، مقابل إعفاء الشركات الكبرى وكبار الأعراف من ذلك.

وكانت حكومة الشاهد قد رفضت تطبيق فصل في قانون المالية تم تمريره من قبل نواب المعارضة، يلزم شركات البترول والبنوك ووكالات التأمين المساهمة بنسبة 1 بالمائة على الأرباح، يقع ضخها لتمويل الصناديق الاجتماعية التي تشكو العجز.

وانتقد الشواشي إقرار إجراء في قانون المالية لفائدة أصحاب المساحات التجارية الكبرى، يقضي بتأجيل رفع نسبة الضريبة على الأرباح من 25 إلى 35 بالمائة من 2019 إلى 2020.

وتساءل: "من جهة تتحدث الحكومة عن صعوبات في تمويل موارد خزينة الدولة، ومن جهة أخرى تفاجئنا بانحيازها للوبيات المال  التي تستنزف نسبة هامة من العملة الصعبة وتسجل في مرابيح خيالية".


ولم يستبعد الشواشي حرص الشاهد على إرضاء أصحاب الثروة ولوبيات المال من ممولي الحملات الانتخابية السابقة، بالتزامن مع اقتراب المواعيد الانتخابية القادمة والتي سيكون فيها رئيس الحكومة أحد المنافسين.

اتحاد الشغل يستنكر


وعبر اتحاد الشغل (أكبر نقابة عمالية)، عن عدم رضاه على فصول قانون المالية، مؤكدا في بيان نشر عبر موقعه الرسمي فقدان القانون للنفس الإصلاحي ومراعاة المقدرة الشرائية للمواطن ودعم المؤسسات العمومية والنهوض بقطاعات كالتعليم والصحة والسكن.

 

اقرأ أيضا: احتجاجات عمالية حاشدة بتونس للمطالبة بزيادة الأجور (شاهد)

واستنكر الاتحاد ''رضوخ كتل الائتلاف الحاكم لضغوطات مجموعات الضغط خدمة للمصالح الضيّقة لمجموعات متنفّذة وللسلوك العبثي في التعامل الحكومي والبرلماني مع قانون الماليّة".


وأدان ما أسماه التخبّط الواضح في المصادقة على بعض الفصول ثم التراجع عنها، معربا عن انشغاله بعدم طرح بعض نواب البرلمان "التحديات الحقيقية لشعبنا الذي يعاني من البطالة وتدنّي الخدمات الأساسية والمقدرة الشرائية".


مغالطات وتكذيب 

 
من جانبها، استغربت النائبة عن كتلة "الائتلاف الوطني" الموالية لحكومة الشاهد صابرين القوبنطيني، ما أسمته بالمغالطات التي يحاول نواب المعارضة الترويج لها من خلال الإقرار بانحياز قانون المالية لرجال الأعمال على حساب الطبقة الشعبية.


وأوضحت خلال حديثها لـ"عربي21" أن قانون المالية لسنة 2019 لا يحوي أي بند يتعلق بالزيادة في الضرائب للطبقات الكادحة مقابل إقراره فصولا تشجع المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

 

اقرأ أيضا: جدل حول احتجاجات "السترات الحمراء" بتونس.. ما علاقة فرنسا؟

وقللت محدثتنا من تأثير تقدم بعض النواب بعريضة للطعن في دستورية القانون على إمكانية إسقاطه.
وأوضحت أن إقرار نواب الائتلاف الحاكم تأجيل الرفع من الضريبة على المرابيح لأصحاب المساحات الكبرى مرده الانعكاس المباشر لهاته الزيادة على المقدرة الشرائية للمواطن من خلال زيادة أصحاب هاته الفضاءات في أسعار المواد الاستهلاكية بشكل آلي.


وكان الجدل حول قانون المالية انتقل من أروقة البرلمان إلى الشبكات الاجتماعية، حيث خلص الناشط أحمد بوحناك إلى أن " قانون المالية طريقة أخرى لتخزين الأموال عند اللوبيات لاستعمالها في الحملات الانتخابية 2019".



ودعا العضو بحزب "التيار الديمقرطي" المعارض هشام العجبوني عبر صفحته على فيسبوك لتغيير اسم مجلس نواب الشعب إلى "مجلس نوّاب اللوبيّات".


وتابع "مخجل جدا ما يقع تحت قبّة البرلمان من بعض النوّاب و الكتل النيابيّة الذين يشتغلون بالمناولة لصالح مراكز النفوذ الاقتصادي و المالي و ذلك لضمان تمويلا سخيّا لهم و لحملاتهم الانتخابية".

 


 

واختار الفنان المسرحي منصف ذويب طريقة ساخرة للتعبير عن رأيه في قانون المالية مدونا :" قانون المالية: الفصل الأول: المال لا يجلب السعادة
الفصل الثاني: القناعة كنز لا يفنى..."